المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    حالة الطقس هذه الليلة    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    بتهمة التمييز... أربع صحافيات يقاضين "بي بي سي"    أسعار المعادن في العالم: الذهب والفضة الملاذات الآمنة والنحاس مقياس للصحة الاقتصادية    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    تونس تحي اليوم الوطني للدبلوماسية    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    ما قصة هروب افارقة من حافلة متجهة إلى ولايتي جندوبة والكاف ؟    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    جندوبة: 6 سنوات سجنا وغرامة مالية لممثّل قانوني لجمعية تنموية    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.سمير عبيد : شنق الرئيس صدام حسين حلقة من استراتيجية جديدة
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 01 - 2008

قبل الدخول في تفاصيل هذا الموضوع الذي يهم الرؤساء والقادة العرب، وكذلك يهم القادة الذين يشاركونهم في حكم المنطقة ،وقبل أن يهم المواطن العربي البسيط أينما كان، وهو موضوع أضاحي مشروع الشرق الأوسط الجديد، والذي يستند على مبدأ العداء مع المسلمين والعرب ضمن رواية وإستراتيجية اعتبار الإسلام عدوا بديلا عن الإتحاد السوفيتي, أي بديلا عن الشيوعية، أي إيهام الرأي العام العالمي بأن العالم في خطر فيما لو بقي العرب والمسلمون ( الإسلام) بدون صدمات وحروب وتفريق شمل، ونتيجة ذلك رسموا خططهم ومنذ عقود منصرمة، وكانت تلك الخطط تتصاعد مقابل هبوط وتقهقر الشيوعية التي يمثلها الإتحاد السوفيتي آنذاك، فبدأ العمل والنخر في داخل الإتحاد السوفيتي، وكذلك داخل الجسد الإسلامي، لهذا صنعوا المواد الديناميتية الملائمة لكل طرف، فكانت حصة الإتحاد السوفيتي شراء ذمم بعض القادة واللعب على العصب الإقتصادي ،فتحلل وأنهار الإتحاد السوفيتي رويدا رويدا وعانق الأميركان صديقهم الحميم الرئيس غورباتشوف الذي بدوره حمل أغلى وأفضل الجوائز العالمية بدعم أميركي.
أما الإسلام فكانت حصته الإختراق والتجنيد مع صناعة تيارات إسلامية بأفكار أميركية، أي تتعبّد صوب البيت الأبيض والسفارات الأميركية بدلا من الكعبة، وهي التي أصبحت عيّنات إستراتيجية لما يسمى بالإرهاب، والتي هي إستراتيجية أميركية ،ومن هنا جاء تعريف الإرهاب بحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI ) بأنه ( الإستعمال غير الشرعي للقوة أو العنف من قبل مجموعة أو فرد على علاقة مع دولة أجنبية ، أو تتخطى أنشطتها الحدود القومية ، وتوجّه ضد أشخاص أو أموال ، من أجل إخافة أو إجبار حكومة ، وسكان مدنيين، أو جزء منهم ، ذلك بهدف العمل على تحقيق أهداف سياسية أو إجتماعية) وهذا ما جاء في بيان صحفي لمكتب التحقيقات الفيدرالي في 16/2/1999.
لذا فلو جئنا الى تحليل التعريف، نجد أن أية مجموعة في الكون لا يمكن أن تتوفر لها القوة لتقوم بالعنف إن لم يكن هناك تدريبا وبرنامجا ومالا وسلاحا ولوجست ومأوى اليس كذلك؟.... لذا فلو جئنا الى منطقتنا وتحديدا منطقة الشرق الأوسط ،فسوف لن نجد أن هناك جماعات بهذه الصفات والإمكانيات عندما نتحدث عن العقود التي سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والتي ضربت الداخل الأميركي، بل بالعكس فأن جميع الإنقلابات العسكرية والتغيرات السياسية التي حدثت في منطقتنا هي من صنع المخابرات المركزية الأميركية ( سي أي أيه) وبنسبة كبيرة جدا، خصوصا لو إطلعنا على الوثائق والأسرار التي نُشرت وسوف تُنشر والتي يفخرون بها دوما، وهذا يعني أن الولايات المتحدة وأجهزتها هي التي كانت تقوم بعمليات إرهابية في منطقتنا وبعض مناطق العالم، وكانت شعوبنا والشعوب الآخرى تدفع الثمن، ولكن كانت تحدث بشكل سري لأنها لم تكن قطبا واحدا أي أن الإتحاد السوفيتي كان هو الآخر لا يسمح للولايات المتحدة العمل بشكل علني، ولكن عندما إنهار الإتحاد السوفيتي أصبحت الولايات المتحدة كالكنّة التي كانت مكبوته من الحماة المتوفاة، فأخذت تصول وتجول في البيت وتمارس أبشع السياسات والتصرفات ضد الذين معها في البيت والجيران والمنطقة، فهذا هو حال أميركا، ولكن بما أن أي عمل سواء كان طيبا أو مشينا لابد أن يقدّم بأسباب، فجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر كحجة للتدخل وبشراهة غابوية لا تستند الى أدنى درجات الشرعية والأخلاق، لأن من ساق الإتهام ضد العرب والمسلمين هي الولايات المتحدة، ومن قام بالتحقيق وتأليف الروايات والأفلام هي الولايات المتحدة، ومن وزع الأدوار وقرر رفع القضية وأخذ دور المحامي والقاضي والمُمَيّز هي الولايات المتحدة، ولهذا هي التي إستعملت القوة والعنف بشكل غير شرعي ضد العرب والمسلمين ودولهم، بل قررت الحروب وتأسيس السجون السرية، وتدمير البنية التحتية للدول والشعوب العربية والإسلامية ،ومن وراء الشرعية الدولية، فلماذا لا ينطبق عليها تعريف الإرهاب الذي وضعه مكتب التحقيقات الفيدرالي؟.
فالولايات المتحدة تقوم بإرهاب الدول والشعوب وبشكل يومي وعلني، وخصوصا الدول العربية والإسلامية وشعوبها، وأنه ليس إرهابا فكريا وثقافيا وحضاريا ودينيا فحسب، بل إرهابا دمويا نتيجة القصف والتدخل والمطاردة والتهجير والتعذيب والقتل والحروب الكيمائية والبيولوجية، فالولايات المتحدة هي التي أسست ودعمت تنظيم القاعدة والتنظيمات الإسلامية الأخرى، وبمساعدة دول المنطقة، أي بأوامر من الولايات المتحدة عندما هيئت لها ساحة المعركة وهي أفغانستان بحجة محاربة المد الأحمر الشيوعي السوفيتي، لذا فالذي درب وسلّح ودعم وثقّف تنظيم القاعدة والجماعات التي وفدت من دول كثيرة وأهمها إسلامية وعربية الى أفغانستان هي الولايات المتحدة، أي كانت لهذه الجماعات وبضمنها تنظيم القاعدة علاقات مع دولة أجنبية وهي الولايات المتحدة فيما لوعدنا لتعريف الإرهاب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهذا يعني أن الولايات المتحدة دولة مؤسسة وداعية للإرهاب، بل هي التي أسست الجماعات التي تطلق عليها الآن تسمية الجماعات الإرهابية، وهذا يعني بأنها هي التي زرعت في الجسد الإسلامي والعربي بذرة الإرهاب، أي أنها هي التي كانت بموقع المريضة بالإيدز والتي جامعت مع سبق الإصرار الجسد العربي والإسلامي فنقلت اليه الوباء، وبالتالي هي بموقع المجرمة مع سبق الإصرار والترصّد ،ولكن الذي حدث أصبحت تلك المريضة وهي الولايات المتحدة تجزم بأن جميع المسلمين والعرب مرضى بوباء الإرهاب، ويجب قتلهم أو تفريقهم ومن ثم الإستيلاء على ثرواتهم ومنابع معيشتهم بحجة ان لا يكونوا إرهابيين ومعادين لها ،علما أنها هي التي تحمل وباء العداء ( ونحن هنا نتكلم عن الإدارة الأميركية وأجهزتها ، ولا نعني الشعب الأميركي الذي تمتاز أغلبيته بالطيبة، والذي هو ضحية إدارات متعاقبة ).
لذا فبعد تقهقر الإتحاد السوفيتي في أفغانستان وإنسحابه ذليلا منها وبفضل سواعد المجاهدين الذين لم يظنوا يوما بأن مستقبلهم وتسميتهم المقبلة ستكون (الإرهاب والقتل) ومن ثم يحاصرون ويقتلون وبإصرار من حليفتهم القوية الولايات المتحدة، لهذا فالولايات المتحدة هي التي مهدّت و سهلّت طريق التخلّص من القادة الكبار هناك ، عندما بدأتها في الرئيس الباكستاني ضياء الحق، ومن ثم القيادات الهندية عندما تم التخلص من آل غاندي، ثم إرتفعت درجة وطريقة ووتيرة التخلص من القادة ليكون نصيبهم ليس التفجير أو الإغتيال بل الشنق، وعلى أيادي الرجال الذين دربتهم الولايات المتحدة الأميركية، فجاء الإيعاز للمجاهدين في أفغانستان ليتم شنق الرئيس الأفغاني الشرعي ( نجيب الله) لتطمر حقبة كاملة أرادوا لها أن لا يعرفها الشعب الأفغاني، وبعد تنفيذ المهمة أعطت الولايات المتحدة ظهرها الى المجاهدين، وأمرت حلفائها في المنطقة الفعل نفسه، فنسج العداء والخصام بعد أن حولتهم الى أمراء حرب نتيجة مسلسل غسيل المخ الذي تعرضوا له جميعا، ولهذا حصلت جميع التداعيات وردات الفعل في أفغانستان وغيرها ،علما أن الولايات المتحدة لم تعط ظهرها الى المجاهدين بنسبة 100% بل نسجت هناك علاقات سرية مع بعضهم ليكونوا نواة الإسلام الأميركي، ويكونوا بيادق وعينات جاهزة لبحوث ومخططات وحروب مقبلة، ولهذا تم توزيعهم في جغرافيات معينة ، عادت الكرّة مرة أخرى وحاربتهم في أفغانستان وبحجة وجود هؤلاء أيضا،وتم إحتلال أفغانستان وليومنا هذا.
فجاء دور العراق ليكون المسلسل مشابها للمسلسل الأفغاني من ناحية هدف الإحتلال وإستعمال الأحزاب الإسلامية لفترة معينة، وضمن مسلسل من الأكاذيب والحجج وبدعم من روايات العملاء العراقيين تم إحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا ومن معهم، ومن الجانب الآخر تسيدّت الأحزاب الشيعية المتطرفة ،ومعها الأحزاب الكردية المتطرفة أيضا، أي الأولى تؤمن بالإنفصال الطائفي، والثانية تؤمن بالإنفصال العرقي، بدليل أنها تحكم العراق ومنذ سقوط نظام صدام لحد الآن وسط ذهول عراقي وعربي وإقليمي وعالمي، ونتيجة ذلك تسهلّت عملية دخول إيران التي تغلغلت بشكل كبير جدا في العراق، بحيث أصبحت تشكل حكومة الظل في العراق وبعلم الولايات المتحدة، ولكننا نميل الى فريق المحللين الذين يقولون بأن القط الإيراني أغرته السمكة التي رمتها له الولايات المتحدة فدخل القفص العراقي منتشيا ولأهداف حددتها الولايات المتحدة سلفا ،وهو المسلسل نفسه الذي تورط من خلاله الدب الروسي عندما أغرته السمكة في أفغانستان فتورط منتشيا وبعدها رحل باكيا جريحا ليدخل في المعركة الإقتصادية التي جعلت المجتمع الروسي شذرا مذرا.
لهذا دعمت الولايات المتحدة الأحزاب الإسلامية ومليشياتها التي توالي إيران، بحيث وصل الأمر أن تعطيها أوامر بشنق الرئيس العراقي الشرعي ( صدام حسين) وهي الأوامر نفسها التي أعطيت للمجاهدين الأفغان ليشنقوا الرئيس ( نجيب الله) ولكن الفرق أن نجيب الله رحل بصمت، أما صدام حسين فرحل بضجة عالمية دينية وشرعية وقانونية وأخلاقية نتيجة شنقه في صبيحة عيد المسلمين الكبير، ومن ثم عملية تصويره المشينة ،والهتافات الطائفية المقيتة، ولكن كل شيء حدث ضمن الخطة التي ترتبط مع إستراتيجية الرئيس الأميركي جورج بوش عندما قرر زيادة القوات الأميركية التي سبقتها تحرك الأساطيل والسفن الحربية الى مياه الخليج العربي والمنطقة مقابل تحركات سياسية ودبلوماسية وعسكرية في المنطقة والعالم.
وها هو الرئيس الأميركي يحذر مصر والسعودية ودول الخليج من إيران، ومن عملية أنسحاب الولايات المتحدة من العراق، ولقد أجابه الرئيس المصري محذرا إيران من التمادي في العراق والمنطقة، وكل هذا عمليات إستباقية لتكرار المسلسل الأفغاني في العراق، أي إما بإرسال قوات عربية للعراق، أو القيام بإرسال المتطوعين بحجة إيقاف نزيف الدم وتحرير العراق من التغلغل الإيراني وعلى الطريقة التي طرد بها الإتحاد السوفيتي من أفغانستان.
أما لو جئنا الى تصريح رئيس الوزراء نوري المالكي عندما قال ( على المليشيات الإستسلام أو الهروب لأنهم سيواجهون هجوما شاملا) وهي إشارة الى الإيرانيين المتسللين داخل العراق، وكذلك هي إشارة الى أفراد المليشيات الذين هم من غير العراقيين والمطلوبين من قبل الشعب العراقي لأن يخرجوا من العراق، فهي بمثابة فرصة وتسهيل لهروبهم خارج العراق، ولقد إكتمل التصريح بالهجوم الأميركي الليلي على القنصلية الإيرانية في مدينة أربيل في شمال العراق وإحتلالها لبضعة ساعات، وأعتقال العاملين بها مع مصادرة جميع محتوياتها المهمة.
وهذا يعني أن الحرب ضد إيران داخل العراق قد بدأت، وبترتيب مع بعض الدول العربية لتطرد إيران من العراق كي تنسحب نحو الداخل الإيراني لتدخل في المعركة الإقتصادية والقومية، حيث أن إيران تجلس على كف عفريت من الناحية القومية ،إذ أن هناك تناحر وعداء قومي، وأن من يؤجل إنفجاره هو بحجة التهديد الخارجي، ولكننا لا نعتقد بأن إيران ستخرج من العراق بسهولة ، لهذا ربما تقلب الطاولة في سوريا لصالحها إن لم تكن سوريا أمنّت حالها بطريقة ما مع أطراف دولية وبطريقة إستباقية، فيبقى التهديد من لبنان والبحرين ،فلبنان أصبح من حصة المخابرات المركزية الأميركية ( سي أي أيه) وبأيعاز من الرئيس الأميركي، لذا يبقى البحرين فيبدو أن السفن الحربية جاءت لمنع هكذا تداعيات، لهذا قد تلجأ إيران الى إحداث تفجيرات في المزارات الشيعية المقدسة، وبعدها تفجير المراقد السنيّة من أجل إحداث الفتنة، فإن فشلت ستلجأ الى هزات في أفغانستان ودول مجلس التعاون الخليجي.... ولكن لو عدنا الى مصير الأحزاب الإسلامية التي توالي إيران ومليشياتها في العراق، والتي تورطت بدم الرئيس صدام حسين، فهل سيكون مصيرها كمصير المجاهدين في أفغانستان، وهو الحصار والإتهام بالإرهاب مع الإيعاز بتجفيف مواردها ،ومنع سفر قادتها ؟.
فيبدو أن هذا سيحدث ضدها فيما لو رفعت السلاح بوجه الولايات المتحدة والعرب لصالح إيران، ولكننا لا نعتقد ذلك كونها قيادات إنتهازية ونفعية وبنسبة 90% ...ولكن وجود الأكراد في بغداد غامضا، فهل هناك إتفاق بينهم وبين السنة العرب وقبيلة صدام حسين لتصفية الأحزاب التي توالي إيران، أم أن قدومها لأجل مسك زمام الأمور في بغداد بأوامر أميركية لبعض الوقت، وبنفس الوقت تحمي ال بضعة آلاف كردي الذين يعيشون في العاصمة العراقية، ولكن يبقى هناك إحتمال أنهم ورطوا أيضا من أجل إضعافهم وبإتفاق سري (أميركي تركي) من أجل مشاركة تركيا بالعمل في العراق ضد إيران ولترتيب الوضع العراقي ورسم علاقات خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتزيل غضب واشنطن ابان الحرب على العراق كون تركيا رفضت المشاركة في الحرب ضد العراق.
ففي هذه الحالة ربما ستلجأ إيران الى الحلول الحكيمة والعاقلة من خلال الحلول الدبلوماسية التي تقضي في آخر المطاف الى علاقات مع الولايات المتحدة ضمن شروط الأخيرة، ولكنها بهذا ستبدأ في المعركة الداخلية،وهي معركة عويصة جدا، وبنفس الوقت ستبقى هنا قوى مؤثرة داخل إيران ستطالب القيادة الإيرانية بالصمود والتحدي وخوض المعركة حتى النهاية، وحين ذلك ستتدخل إسرائيل حسب إعتقادنا من خلال ضربات سريعة ،وبتأييد أميركي، وحينها ربما ستفلت الأمور لحرب إقليمية طويلة تطرح الرئيس الأميركي أرضا بعوامل نفسية أو مرضية أو سياسية، وحينها تكون المهمة ثقيلة على الديموقراطيين، يقابل كل هذا تداعيا عربيا من خلال بروز الدويلات القومية والطائفية المتناحرة، وهذا ما تريده إسرائيل لأنها ستشعر بأنها هي الكاملة، وهي التي تتوفر بها الأفضلية ،وتقف عندها قيادة المنطقة..
وللحقيقة نبيّن بأنه لو صدقت الولايات المتحدة في نيّتها بطرد إيران من العراق، وتحجيم الأحزاب والشخصيات التي تواليها في العراق، وأخذ زمام الأمور والحكم منها، لأنها فشلت فشلا ذريعا من جانب، ومن الجانب الآخر إنهاء دور الكهنوت الذي يمثله آية الله السيستاني في العراق وبطريقة إستفزازية لمشاعر العراقيين العرب ( سنة وشيعة) ولمصلحة إيران من خلال الضحك على الولايات المتحدة بترتيب إيراني، فبهذا ستدخل الولايات المتحدة قلوب ملايين العراقيين بالفعل / خصوصا وهي التي نجحت بكشف نوايا وأساليب ومراوغات معظم رجال الدين, لأنه لولا الولايات المتحدة لما إنكشف هؤلاء ومخططاتهم وحقدهم على الشعب العراقي، وإستغلالهم الدين لمصالح شخصية وبويتية ونفعية، فلقد انكشف هؤلاء بأنهم يتاجرون بالدين والمذهب والعِفة، وهم خطر حقيقي على المجتمع العراقي ،حيث أدخلوه في أتون أنفاق الموت والدمار والإنحلال خدمة للمشاريع الصهيونية، لذا فان هيبة رجل الدين في العراق قد إنتهت تقريبا ،حيث أصبح يشار له بالكذاب والمنافق في بعض الأحيان ( وتبقى هناك نخبة من رجال الدين التي هي فوق الشبهات ولكنها محجمّة من قبل هذه الأغلبية السائدة) ,ولنكن صادقين فلقد أصيب الإسلام بمقتل في العراق نتيجة تصرفات وأفعال هؤلاء -ومن السنة والشيعة-، حيث أصبح هناك تخلخل داخل المجتمع العراقي، ولسوف يرتفع هذا التخلخل ويتحول الى آفة على الإسلام والمجتمع ان لم تنجده الدول الإسلامية والعربية.
كاتب ومحلل سياسي
مركز البحوث والمعلومات
12.1.2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.