أكد الدكتور هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث بمصر، عودة نسبة كبيرة من العقول المصرية المهاجرة بالخارج، بفضل مشروع "الطريق إلى نوبل"، الذي يرعاه المركز القومي، ويهدف إلى ما سماه "وقف نزيف العقول، وتأهيل أكثر من مصري لجائزة نوبل العالمية". وقال الدكتور الناظر في محاضرة مع مجموعة من الباحثين والعلماء المصريين والأجانب، بفندق النيل "هيلتون" بالقاهرة، الثلاثاء (16/1) برعاية نادي "روتاري": "بدأنا منذ شهور العمل في مشروع "الطريق إلى نوبل" بشكل غير معلن انتظارا لنتائج ما سيسفر عنه المشروع". واستعرض رئيس المركز القومي للبحوث، تفاصيل المشروع، قائلا: "لاحظنا أن ظاهرة سفر الباحثين للدراسة والعمل في الخارج بلا عودة قد تفشت؛ لذا أجرينا حصرا لمن عادوا خلال العشر سنوات الأخيرة وجدناهم 220 باحثا حصلوا على درجاتهم العلمية من الخارج، وعندما درسنا أوضاع هؤلاء اكتشفنا أن معظمهم يستعدون للسفر إلى الخارج من جديد، ومجموعة منهم في ظل الحاجة المادية، تعطي دروسا خصوصية لطلاب التعليم الثانوي، وآخرون بلا عمل". وأضاف: "بسؤالهم عن الفرق بين بيئة البحث العلمي في مصر والخارج، كانت إجابتهم جميعا أن "النظام هو أهم ما يميز البحث العلمي في الدول المتقدمة، وبسؤالهم ستصرون على السفر إذا وفرنا لكم هذا المناخ في مصر، قالوا "بالطبع لا"، وبناء عليه بعد اجتماعات ومناقشات استمرت لمدة عام شرعنا في المركز القومي للبحوث في البدء بمشروع الطريق إلى نوبل"، حسب تعبيره. وحول كيفية مجموعة المشروع، قال الناظر "طلبنا من مجموعة (الطريق إلى نوبل) تقسيم أنفسهم لمجموعات في مجالات مختلفة، مثل الليزر والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها، مع وعد بتوفير نفس الإمكانيات التي كانت متاحة لهم في الخارج ومعامل متخصصة"، مشيرا إلى أنهم اختاروا عددا من علماء مصر في أمريكا وأوربا للإشراف على المشروع، "بشرط نشر أبحاثهم في المجلات العلمية العالمية، وتقديم براءات اختراع سنويا في مجالات تفيد الصناعة بجانب التقدم للجوائز العلمية.. وأن ينجح الباحث في تقديم مشروعات تعاقدية لضمان الاستمرارية دون عوائق التمويل". وحول النتائج الملموسة لهذا المشروع قال الدكتور الناظر: "بدأنا منذ 6 أشهر بحوالي 16 معملا والآن تضاعف هذا العدد، وكانت باكورة إنتاجنا، هي "مشروع القضاء على الألغام باستخدام الهندسة الوراثية". وأشار إلى أنه كنتيجة ملموسة لهذا المشروع، فإنه قد رجع عدد من أكاديميي مصر الموجودين في الخارج، "إضافة إلى الحفاظ على علماء مصر الذين بدؤوا في المشروع، وحاليا فقد فتحنا المشروع لأبنائنا في كل الجامعات المصرية" بحسب الناظر. وتشير الدراسات المصرية إلى أن هناك 20 مليون لغم مزروع في منطقة الساحل الشمالي الغربي، في مساحة 2 مليون فدان، من أجود الأراضي التي تزرع على المطر، وأن مشروع التخلص منها بزراعة نباتات بالهندسة الوراثية، يقوم على التخلص من المادة المتفجرة، وهي ال T.N.T عبر نباتات اكتشفها علماء ألمان، يتغير لونها من الأخضر إلى لون آخر بمجرد ملامسة جذورها للألغام، نتيجة لتصاعد أبخرة ثاني أكسيد النيتروجين، كما أن هناك أنواعا من البكتيريا لها القدرة على تحليل الحديد والتهامه. وسبق للدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن أعلن أمام البرلمان المصري تشرين الأول/اكتوبر الماضي 2006، أن مصر ستطلب من الاتحاد الأوروبي التدخل لإعادة علماء الطاقة النووية المصريين الذين هاجروا وحصلوا على الجنسية الأوروبية، ليشاركوا في خطة سنوية يتم إعدادها لوضع البرنامج النووي المصري. وقال الوزير المصري، أمام لجنة الصناعة بمجلس الشعب، إنه سيتم نسف الروتين في التعامل مع الطيور المهاجرة من العلماء الذين سيقبلون المساهمة في البرنامج النووي بمصر، والذين تقدرهم مصادر مختلفة بقرابة 120 عالما مصريا في الهندسة والفيزياء النووية. وتقول إحصاءات سابقة، إنه قد هاجر من مصر أكثر من 2 مليون عالم، من بينهم 620 عالمًا في علوم نادرة، منهم 94 عالمًا متميزًا في الهندسة النووية، و26 في الفيزياء الذرية، و72 في استخدامات الليزر، و93 في الإليكترونيات والميكروبروسيسور و48 في كيمياء البوليمرات، إضافةً إلى 25 في علوم الفلك والفضاء، و22 في علوم الجيولوجيا وطبيعة الزلازل، بخلاف 240 عالما في تخصصات أخرى لا تقل أهمية. وحول أهداف هذا المشروع، قال رئيس المركز القومي للبحوث "أقمنا مشروع (الطريق إلى نوبل) لاحتواء تلك الكفاءات العلمية الفذة، ووقف نزيف العقول، إضافة إلى سعينا لنجاح هذه المجموعة من الباحثين ومن سينضم لهم خلال عشرين عاما للترشيح للحصول على جائزة نوبل". وعن سر تسمية المشروع بهذا الاسم، المقترن باسم صاحب جائزة نوبل، قال الناظر: "استمد الاسم من عنوان كتاب الدكتور أحمد زويل العالم المصري الحاصل على جائزة نوبل"، مشددا على أن: "الاهتمام بالبحث العلمي ونهضته قضية أمن قومي، لأن العلم دائما هو قاطرة التنمية التي تتحرك على أسس ثابتة تتمثل في التمويل والإدارة والعقول البشرية والتسويق". ولم تمنع الوظيفة التي يشغلها "الناظر" كعضو في لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم من توجيه انتقادات إليه من جانب عدد من الحضور للنظام في مصر بأنه "يقف ضد البحث العلمي، إضافة إلى غياب ثقافة العلم وضعف التعليم". إلا أن "الناظر" نفى أن يكون للعمل السياسي، تأثير على دوره في قيادة البحث العلمي، وقال إن "البحث العلمي لن يتقدم ما دام التعليم بهذه الحالة" وإنه رفع شعار: "لا صوت يعلو فوق صوت العلم للارتقاء بالبحث العلمي بالبلاد". بيد أن هذا لم يمنع عددا من الحضور من الباحثين بالقاعة من مقاطعة الناظر، ومطالبته بأن يستقيل من أمانة السياسات الحزبية ليتفرغ للبحث العلمي، وقال أحدهم: "بإمكانياتك وقدرتك على الارتقاء بالبحث العلمي عليك أن لا تهدر وقتك في "كلام فارغ" وقدم استقالتك من أمانة السياسات" وقال آخر: "البلاد تحتاجك عالما لا سياسيا، فنحن نخسرك في السياسة لنستفيد منك في المسائل العلمية". غير أن "الناظر" الذي شغل مؤخرا منصب أمين مساعد الحزب الوطني بالجيزة، (جنوب مصر) عارض منتقديه بقوله: "إذا لم نشارك كعلماء وباحثين في الإصلاح، فلن ينصلح حال هذا البلد"، وتابع قائلا: "من خلال منصبي أحاول الإصلاح ما استطعت وإدارة الحزب بأسلوب علمي" وخلص إلى القول مطلوب إعمال العلم بالسياسة لحل مشاكل المواطنين"، على حد تعبيره.(قدس برس)