يخطط المصدرون التونسيون في قطاع المنسوجات للتحول الى البلدان الأفريقية، بعد «الخضة» القوية التي عصفت بهم العام الماضي، بسبب تزايد المنافسة الآسيوية في أوروبا، حيث الأسواق التقليدية للمنسوجات التونسية. كذلك شكا صناعيون، تحدثوا في ندوة عن مستقبل قطاع المنسوجات، في «بيت المُصدّر»، من تزايد المنافسة الآتية من الأعضاء الجدد المنضمين حديثاً إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بولندا التي لديها تقاليد عريقة في المنسوجات، ورومانيا التي تعتبر أقرب جغرافياً للأسواق الرئيسية من تونس. وواجه عدد كبير من مصانع المنسوجات المحلية خطر الإغلاق السنة الماضية، بعد رفع الحماية التي كانت تؤمنها «اتفاقات المنسوجات المتعددة الألياف» مع الاتحاد الأوروبي، والتي استمرت حتى نهاية العام الماضي. لكن تنويع الإنتاج والبحث عن أسواق بديلة ساعدا على إبعاد شبح الإقفال المحتوم، خصوصاً بعد اعتماد صيغ جديدة من الشراكة مع نظرائهم في البلدان المنافسة، لكنه لم يكن سوى حل جزئي. ورأى رئيس غرفة أصحاب مصانع المنسوجات عبد العزيز الدهماني، أن المنافسة الرومانية والبرتغالية كانت الأشد وقعاً على المنسوجات والملبوسات التونسية في الأسواق الأوروبية، بعد وقف العمل بالاتفاقات المذكورة (التي كانت تمنح امتيازات للصادرات التونسية) مع مطلع السنة الماضية. وأكد الدهماني ل «الحياة» أن الصناعيين التونسيين يخططون للاتجاه إلى أسواق جديدة، خصوصاً في أفريقيا، على رغم ضعف الطاقة الشرائية في تلك البلدان. ويأمل التونسيون بأن يشكل المعرض الدولي للمنسوجات والملبوسات الذي تستضيفه تونس في حزيران (يونيو) المقبل بمشاركة 350 عارضاً من المنطقة المتوسطية، مناسبة لاستكشاف آفاق جديدة للقطاع الذي يُشغل حالياً 200 ألف عامل، ويؤمن 7 في المئة من الناتج الداخلي الخام. وأظهرت إحصاءات رسمية أن مصانع المنسوجات تشكل 50 في المئة من شبكة المصانع في البلد، ما جعل الظروف الصعبة التي مرت بها تلقي بظلالها الكثيفة على القطاع الصناعي بأسره، إن إقفالاً لمصانع أو تخفيفاً لحجم اليد العاملة. وتطور القطاع في شكل لافت طيلة العقدين الماضيين، مستفيداً من ميزات الاتفاقات مع الاتحاد الأوروبي، ومحققاً نسبة نمو سنوية قدرت ب 14 في المئة. وأوضح الخبير الاقتصادي خالد خويني في دراسة، ان حصة القطاع ارتفعت من 4 في المئة من الصادرات الصناعية في عام 1971، إلى 70 في المئة في 2004. وتحتل تونس حتى الآن المرتبة الخامسة بين مزودي أوروبا بالملبوسات، لكن منافسيها المباشرين، وفي مقدمهم تركيا وهونغ كونغ وإندونيسيا والمغرب وبولندا، مرشحون للاستحواذ على حصتها في السنوات المقبلة، بسبب توافر اليد العاملة الرخيصة والمواد الأولية التي يضطر التونسيون لاستيرادها بالعملة الصعبة. ووضع اتحاد الصناعيين التونسيين خطة لإنقاذ مصانع المنسوجات والملبوسات المحلية، ركزت على تقديم دعم فني ومساعدات مالية ومشورة تجارية ل 600 وحدة صناعية في 2005 و2006. كذلك شملت الخطة الاعتماد على أربعة وعشرين خبيراً محلياً ودولياً لمساعدة المصانع ذات الحجم الصغير والمتوسط على السيطرة على كلفة الإنتاج، إضافة الى تأمين حصول الوحدات القائمة على شهادات المواصفات العالمية «إيزو 9001 و14001». وتكبدت مصانع عدة خسائر فادحة جراء تراكم الإنتاج، وخفض الطلب بسبب انتشار السلع الصينية في السوق الموازية. وتعاني مصانع الملبوسات المحلية، من عجز قطاع المنسوجات المحلي عن تأمين الأقمشة والخيوط، ما يضطر الصناعيين لاستيرادها من الخارج. كذلك يشكل العدد المحدود من الأنوال عائقاً أمام القدرة على منافسة مصانع الألبسة في البلدان المماثلة، إذ لا يتجاوز عدد الأنوال في تونس 600 نول فيما يصل عددها في تركيا إلى 42000. واعتبر خبراء أن اختلال التوازن بين فرعي المنسوجات والملبوسات وعدم تكاملهما، شكلا العنصر السلبي الرئيسي الذي حد من نمو القطاع، وأدى إلى مستوى عال من الاستيراد قدرت كلفته بأكثر من 2700 مليون دينار ( نحو 2000 مليون دولار) في السنة الماضية، وخصص 70 في المئة من هذا المبلغ لاستيراد الأقمشة، التي تستخدمها مصانع النسيج المحلية.