تواجه السويد بعض المشاكل مع محطات توليد الطاقة لديها وأعلنت ما يشبه حالة التأهب وبسبب تسجيل تسرب للإشعاعات النووية ووجّهت السويد نداء استغاثة حتى إلى الوكالة الدولية للطاقة النووية في محاولة منها للسيطرة على التقنية المستعصية وفشل إدارتها. وهذا ما يثير التساؤلات، حتى خارج السويد. فالسويد ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من مشاكل مع مفاعلاتها النووية القديمة. كان من المقرر إعادة تشغيل مفاعلات محطة 'فورسمارك‘ هذا الأسبوع من جديد بعد أن حدثت مشاكل في الحلقات المطاطية العازلة. أرجأ إعادة التشغيل عقب تسرب معلومات إلى الصحيفة السويدية المتخصصة 'نو تكنيك‘. تقول الصحيفة أن الجهاز الذي يرصد حجم النشاط الإشعاعي في محيط المفاعل رقم '1‘ تبيّن أنه كان معطوباً منذ عام 2004. ولهذا فمستويات القياس التي كانت تشير إلى الحد الطبيعي لم تثر أية شكوك لدى المراقبين، حتى عندما اهتزت الثقة بالمحطة إثر وقوع حادث في مولّدين احتياطيين العام الماضي. ويقول خبراء ذرة إن هذا الحادث كان من الممكن أن يتطور بسهولة إلى كارثة بحجم كارثة تشيرنوبل. ومنذ ذلك الحين لا يمر أسبوع إلا ويقع حادث أو فضيحة جديدة حول محطة التوليد هذه. يقول ماتياس سكولد من الإدارة السويدية للحماية من الإشعاعSSI، إن المنظمة المكلفة بقياس مستويات الإشعاعات كانت تطالب بإلحاح بإجراء فحص دقيق لجهاز القياس، وذلك منذ سنوات. ولكن بما أنه كان على إدارة محطة فورسمارك أن توافق على ذلك أولاً، لذلك لم يحدث شيئاً من هذا القبيل حتى بداية هذا العام. ولمدة ثلاث سنوات تسربت كميات كبيرة من الإشعاعات لم تكن تشكل خطورة مباشرة. يقول أنديرز بريدفيلد من مكتب التحقيقات الذرية السويدي إن المسألة هي مسألة تقصير: "ظلت مفاعل فورسمارك ولزمن طويل واحدة من أفضل المفاعلات التي لم يسجل فيها وقوع أي حادث. وربما كان هذا هو السبب في افراطهم في الثقة بالنفس. ومهما كانت الأسباب، فقد حدث تراجع في إجراءات السلامة في المحطة خلال السنوات الأخيرة". وزير البيئة السويدي، الذي كان دائما من مؤيدي الطاقة النووية، يتفق مع الآخرين في هذا الانتقاد ، ولهذا أصدر أمراً بتبديل إدارة محطة فورسمارك. ويرغب الوزير باستدعاء الوكالة الدولية للطاقة النووية بنفسه لفحص الوضع في المحطة من جديد خلال الأشهر القادمة؛ وليس فقط في محطة فورسمارك، بل أيضاً في ثلاثة مفاعلات نووية أخرى من أصل عشرة متوقفة عن العمل في السويد حالياً. وبقدر ما تصبح هذه المفاعلات أقدم بقدر تحتج لصيانة ورقابة اشد ضد التسرب النووي. وحتى لو انحلت هذه المشاكل في السويد فإنها ستترك انطباعاً مثيراً للقلق. هنالك دول أخرى لديها مفاعلات نووية قديمة يصعب التكهن من الآن إن كانت ستسبب مشاكل مستقبلية. وما علينا في هذه الحالة سوى الثقة العمياء بنتائج القياس. ولكن هل يجوز ذلك؟ يقول إلوي غلوريو من حزب الخضر البلجيكي: "قرب رأس هذه السنة وقع حادث في المفاعل الفرنسي في منطقة 'شو‘ على الحدود مع بلجيكا. وقد أهملت السلطات الفرنسية إعلام السلطات البلجيكية في الوقت المناسب، مما سبب مشكلة بين البلدين. ولكن كيف لم تقم أجهزة الأمن البلجيكية برصد الحدث بنفسها؟ ففي كل المنطقة تنتشر أجهزة استكشاف لقياس النشاط الإشعاعي". تمتلك بلجيكا نظام إنذار متطور من نوع 'تيليراد‘. ويضيف غلوريو بأن درجة الأمان التي يقدمها الجهاز ضعيفة، لأن الجهاز لا يعمل جيداً على ما يبدو، أو أنه استطاع رصد حادث 'شو‘ ولم ينذر عنها. وهذا ما يضعف الثقة بفعاليته. وهناك تساؤل في هولندا أيضاً إن كانت المعلومات التي تصلها موثوقاً بها. يقول فرانس رويرز من تهيئة أبحاث "عالم الطاقة النووية عالم صغير. والكل يعرف الكل". يجري المكتب ابحاث في مجال الطاقة النووية، "ولأنه لا يوجد خبراء في هذا المجال، هناك نزعة عند البعض بالاعتماد على طرق رصد خاصة. لدينا بالطبع أمثلة عن أجهزة إنذار لم تعمل جيداً. وهذا ما حدث في هولندا منذ بضعة سنوات في مفاعل 'بيتين‘. وأذكر أن البعض لم يؤخذ على محمل الجد حين قال لسنا مؤمنين بشكل كاف‘". يؤكد رويرز أن الطاقة النووية هي من صنع البشر، والبشر يرتكبون أخطاء لا محالة عاجلاً أم آجلاً. وهذا الأمر خبرناه كثيراً، وليس فقط في السويد.