أصدرت محكمة الجنايات في مجلس قضاء البليدة (جنوبالجزائر) حكماً غيابياً بالسجن المؤبد في حق رفيق عبد المؤمن خليفة المتهم الرئيسي في قضية «بنك الخليفة» التي خلّفت خسائر مالية كبيرة قُدّرت بما يزيد على 2.4 بليون دولار أميركي في معاملات غير شرعية بين 1998 و2003. ونطقت رئيسة محكمة الجنايات فتيحة إبراهيمي بالحكم غيابياً لأن المتهم فار في لندن. وجاء الحكم مطابقاً لالتماسات النائب العام الذي رافع مساء الأربعاء أمام المحكمة مطالباً بتشديد العقوبات ضد المتهم الرئيسي. ووجّه القضاء الجزائري إلى رفيق خليفة تهم «تشكيل جماعة أشرار والسرقة المتكررة والتزوير والاحتيال وخيانة الثقة وتزوير وثائق رسمية وبنكية والرشوة واستغلال النفوذ والإفلاس المفتعل». وأصدرت المحكمة أيضاً عقوبات مشددة في حق تسعة متهمين فارين منهم المحافظ السابق لبنك الجزائر عبدالوهاب كيرمان الذي أصدرت محكمة الجنايات في حقه حكماً بالسجن لمدة 20 عاماً، وهو الحكم ذاته الذي صدر على كبار مساعدي الخليفة وغالبيتهم فارون في دول أوروبية. وأصدرت حكماً بالسجن مدة 15 عاماً في حق سكينة طايبي، مديرة شركة «الخليفة للطيران» في الجزائر. ودانت المحكمة وزير الصناعة السابق عبدالنور كيرمان بالسجن عشر سنوات برفقة ابنته ياسمين التي تكفّلت بفتح وكالة «خليفة للطيران» في روما. ودانت عائلة كيرمان، وهي من أبرز العائلات المحافظة في منطقة القبائل، هذه المحاكمة واعتبرتها «محاكمة سياسية». وقررت المحكمة مصادرة كل أملاك المتهمين المدانين غيابياً. وفي الإجمال، صدرت أحكام بإدانة ما لا يقل عن 53 متهماً (بينهم تسعة فارون) ونال 49 آخرون البراءة. وأمام المتهمين المدانين عشرة أيام لاستئناف الأحكام الصادرة ضدهم. لكن المحكومين غيابياً لا يستطيعون استئناف الحكم. لكن في حال اعتقالهم أو تسليمهم أو في حال استسلامهم إلى السلطات، ستعاد محاكمتهم ضمن الأطر القانونية التي يعامل بها المتهمون الحاضرون. وبصدور هذه الأحكام تكون السلطات القضائية الجزائرية بدأت العد التنازلي لطي ملف «مجمع الخليفة»، إذ يُنتظر أن يتم في غضون هذه السنة استكمال التحقيق القضائي في محكمة الشراقة (10 كلم غرب العاصمة) حول التجاوزات القانونية في بقية فروع «المجمع»، وهي: «الخليفة للطيران» و «الخليفة للبناء» و «الخليفة للكراء» و «الخليفة للخياطة». وتشتبه السلطات في أن هذه الشركات شهدت تلاعباً كبيراً بالمال العام من خلال استعمال «بنك الخليفة» خزاناً لجمع الأموال وإعادة توزيعها في شكل رشاوى وعمولات. ولفتت وكالة «فرانس برس» إلى أن محامين أكدوا في مرافعاتهم أن رفيق الخليفة لم يكن ليبني امبراطوريته «من دون مساعدة السلطات التي غضت النظر على بعض تصرفاته». وفي تصريحات صحافية، قال الخليفة ان المحاكمة «مضحكة مبكية» وإن افلاس مجموعته كان «قضية دولة»، من دون أن يذكر تفاصيل. وكان الخليفة خضع للاستجواب مرة أولى لدى الشرطة اللندنية في 27 شباط (فبراير) في شأن شبهات حول تبييض أموال وتُرك بكفالة. ومُدد هذا الاجراء الثلثاء حتى 22 أيار (مايو) بعد استجواب ثان في العشرين من آذار (مارس). وترتبط الجزائر وبريطانيا باتفاق تسليم موقع في تموز (يوليو) 2006. ودخل حيز التنفيذ في شباط (فبراير) 2007 بعد التبادل الرسمي لوثائق المصادقة بين البلدين. إلا أن إجراءات التسليم طويلة ومعقدة في بريطانيا، ما سيؤخر احتمال تسليم الخليفة الى السلطات الجزائرية، بحسب ما يقول محامون.