هيمنت قضايا الأمن في المنطقة على أجواء الاستعدادات لمؤتمر القمة للزعماء العرب الذي سيبدأ أعماله غداً في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية. "قضايا الأمن في المنطقة" هي اختزال للفوضى التي يعانيها العراق والتي تهدد بزعزعة الاستقرار في الدول العربية المجاورة، وللصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولتفاقم نفوذ إيران في المنطقة. خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية يوم أمس تم تلخيص الجهود التمهيدية والتي ركزت بشكل رئيسي على مبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي تعرض على إسرائيل فرصة إقامة سلام كامل وعلاقات عادية مقابل انسحاب كامل لإسرائيل من كل الأراضي العربية المحتلة منذ يونيو 1967. وكرد على سؤال حول الضغط الأمريكي على الحكومات العربية لإجراء تعديل على خطة السلام العربية لعام 2002 لتلائم بعض المتطلبات الإسرائيلية، أجاب وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، بنبرة حادة: "أقول وأكرر للمرة العشرين، وأرجو أن تكون المرة الأخيرة، أن كونداليزا رايس لم تقترح أو تطلب إجراء تعديلات، وأن نقاط المبادرة تبقى كما هي. وما نريده هو إعادة تنشيط الخطة كما هي". هذا وقد صرح وزير الخارجية السعودي بخبر ساخن لمئات الصحفيين الذين توافدوا إلى الرياض من كل أنحاء العالم: "نجحت المملكة العربية السعودية بترتيب لقاء خاص يجمع بين الرئيس السوداني عمر البشير والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، للتداول حول قضية دارفور والأوضاع في السودان". وكانت الأممالمتحدة قد أقرت مؤخراً إرسال قوات حفظ سلام إلى دار فور تجمع في ثناياها قوات دولية وقوات من اتحاد الدول الأفريقية من أجل إعادة الاستقرار إلى المنطقة التي مزقتها الحرب، ولكن السودان رفض اقتراح الأممالمتحدة. ويضيف وزير الخارجية السعودي أن مؤتمر القمة سيتطرق أيضاً إلى الأوضاع في الصومال والتي تضع أمن المنطقة على كف عفريت: "بمناسبة حضور الأمين العام للأمم المتحدة وممثلين عدة عن دول أوروبية وعربية وإسلامية في المؤتمر، يقترح الملك عبدالله انتهاز هذه المناسبة لضفر كل الجهود للوصول إلى مصالحة وطنية في الصومال". أمس اجتمع واحد وعشرون وزير خارجية عربياً للتمهيد للقمة التاسعة عشر التي سيرأسها الملك عبدالله. وقد حضر جميع وزراء الخارجية العرب هذا الاجتماع، ما عدا ليبيا التي قاطعت المؤتمر. وبخصوص القضية الساخنة الأخرى المتعلقة بأمن المنطقة، استبعد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، المزاعم بأن من الأسباب التي دعت إلى عقد مؤتمر القمة هذا إعطاء الضوء الأخضر لضربة عسكرية غربية (أمريكية) على إيران: "هذا لن يحدث أبداً. إن إيران دولة شرق أوسطية. صحيح أننا نختلف معها في بعض الأمور، ولكن القمة العربية لن تسمح بحدوث ذلك". وفي نفس الوقت، شدّد عمرو موسى على حق الدول العربية بامتلاك العلوم والتكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، وعلى الحاجة إلى آلية عربية للتدخل في النزاعات العربية الداخلية: "ينبغي أن لا تعتمد الدول العربية في ما بعد على القوى الغربية لتحقيق أمنها". والاقتراح الذي سيقدّم خلال مؤتمر القمة هو وجود قوة سلام عربية تتوسط في أي نزاع في الوطن العربي. ويضيف: "لقد ارتكبنا مثل هذا الخطأ من قبل (بدعوة دول غربية للدفاع عن دول عربية)". ويتوقع أن تحظى المسألة الأخرى، التعاون الاقتصادي العربي، بقليل من الاهتمام خلال اجتماع قمة يُطلق عليه "لقاء التضامن". ومن أجل سدّ تلك الثغرة اقترح عمرو موسى على الزعماء العرب عقد مؤتمر قمة خاصاً في القريب العاجل يخصص بالكامل للتعاون الاقتصادي. الرياض مستعدة الآن لمؤتمر القمة العربية، وذلك بإعطاء السكان المحليين عطلة طويلة لمدة أربعة أيام في محاولة للتخفيف من ازدحام السير على الطرقات المزدحمة. وتشهد حركة السير حالياً ازدحاماً بسبب الإجراءات الأمنية المشددة. فخلال الأعوام القليلة الماضية شهدت الرياض عدداً من حوادث هجوم على سياح أجانب قامت بها مجموعة إسلامية متطرفة. وقد عاد الاستقرار إلى المدينة منذ مدة، لكن الحكومة السعودية لا تريد أن تترك شيئاً للقدر أثناء انعقاد مؤتمر القمة.