حالة من الشد والجذب تشهدها قضية البحارة البريطانيين المحتجزين لدي إيران, فبعد أن لاحت في الأفق بوادر انفراجة في الأزمة بعد الوساطة التركية, تصاعدت الاتهامات بين لندنوطهران من جديد بعد تصريحات توني بلير التي، قال فيها إن بلاده ترغب بأن تكون إيران أكثر عزلة, منتقداً بشدة عرض الصور بحاريه المحتجزين, مما دفع الرئيس الايراني لاتهام لندن بتعقيد الازمة واللجوء الي الدعاية الاعلامية المضللة. ************************* ومن جانبه طالب الرئيس الايرانى محمود احمدى نجاد بريطانيا بالاعتذار لبلاده, ومشيراً إلى أن بلاده ستنظر بإيجابية فى طلب تقدمت به تركيا للافراج عن الجندية البريطانية المحتجزة في إيران محملا الحكومة البريطانية مسئولية عرقلة تسوية حل المسالة, ومضيفا فى تصريح للتلفزيون الإيراني أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان طلب تمكين السفير التركي في طهران من مقابلة البحارة البريطانيين المحتجزين في إيران كما طلب العمل على الافراج عن المرأة الوحيدة بينهم. وأشار نجاد إلى أن العسكريين البريطانيين وبالرغم من تعهد بريطانيا خرقوا مرات عدة الاتفاقات الدولية بدخولهم المياه الاقليمية الإيرانية ولكنهم بدل ان يقدموا اعتذارات ويسعوا لحل المشكلة بالطرق الدبلوماسية عقدوا تسوية المسألة بخلقهم مناخا مغايرا للواقع ولجوئهم إلى الدعاية الإعلامية. ***************** وفي نفس السياق طالب وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقى بريطانيا بالاعتراف بأن بحارتها ال "15" انتهكوا المياه الاقليمية الإيرانية لكى تساعد على حل الازمة, مشيراً الى انه يتوجب على المسئولين البريطانيين ان يقبلوا بأن هذا الانتهاك قد حصل لان هذا الامر سيساعد على حل القضية، موضحا أن الزيارات القنصلية لا يمكن أن تتم الا بعد الانتهاء من التحقيقات مع هؤلاء البحارة. كما أكد قائد حرس الساحل الايرانى العميد ستاره مجددا أن عناصر البحرية البريطانية انتهكوا ست مرات المياه الاقليمية الإيرانية قبل أن يتم اعتقالهم الذى جاء بعد توجيه عدة تحذيرات لهم, موضحا أن رجال خفر السواحل سجلوا الوثائق والاشرطة التى تؤكد انتهاك القوات البريطانية للمياه الاقليمية الايرانية وذلك وفقا لانظمة ال "جي. بي. اس.". **************************** ومن جهة اخري اعترف بحار آخر من البحارة البريطانيين بدخولهم المياه الاقليمية الايرانية في الخليج الفارسي بصورة غير شرعية, وقال نايتن توماس سامرز في شريط بثته قناة العالم الاخبارية أنه تم القاء القبض عليه داخل المياه الاقليمية الايرانية, وأوضح بانه تلقى مع زملائه معاملة حسنة ولم يتعرض لاي اذى، وقال "منذ احتجازنا في ايران كانت معاملة الايرانيين لنا ودية ولم يمسنا اي سوء". كما قدم اعتذاره للشعب الايراني لانتهاكه المياه الاقليمية الإيرانية ودخوله بصورة غير قانونية، وقال "اريد ان اعتذر إلى الشعب الإيراني بسبب دخولي بصورة غير قانونية، ومن دون اذن الى المياه الايرانية، كما اعتذر على تكرر ما حدث في عام 2004 ، آملا الا يتكرر ذلك مستقبلا. وكانت ليدينغ فاي تيرني المرأة الوحيدة ضمن طاقم البحارة، قد اعترفت أيضا في تصريح لها بثته قناة "العالم" بان المجموعة دخلت المياه الاقليمية الايرانية بصورة غير قانونية, وأضافت في رسالة موجهة إلى البرلمان البريطانى "أنه كان ينبغى على البريطانيين فتح تحقيق مع الحكومة البريطانية برئاسة تونى بلير لمساءلتها عن اسباب انتهاك المياه الاقليمية الإيرانية". ******************* إلى ذلك استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير البريطاني في طهران جيفرى ادامز للمرة الخامسة منذ اعتقال البحارة, وقال مسئول إيراني إن خارجية بلاده سلمت السفير احتجاجاً رسمياً من إيران بخصوص انتهاك البحارة البريطانيين للمياه الاقليمية الإيرانية لا بلاغه الى حكومة بلاده, كما اخبرته ان الضجيج الاعلامي والسياسي لا يحل القضية بل يزيدها تعقيداً. رسالة اممية ***************** وعلي صعيد متصل بعثت الممثلية الإيرانية لدى الاممالمتحدة مذكرة إلى الأمين العام اعربت فيها عن احتجاجها الشديد إزاء انتهاك السيادة الوطنية من قبل البحرية البريطانية, معربةً عن اسفها لاستغلال مجلس الأمن وقيامه مرة اخرى باصدار بيان حول قضية ليست من صلاحياته وهي قضية ذات طابع ثنائي محض. وأشار البيان الذي اوردته وكالة الانباء الإيرانية إلى أن ما قامت به الجمهورية الاسلامية الايرانية من اعتقال البحارة البريطانيين الذين دخلوا المياه الاقليمية الإيرانية بصورة غير شرعية، ياتي في إطار صون سيادتها والحفاظ علي حدودها والحيلولة دون انتهاكها, موضحةً انه منذ احتلال العراق ليست هذه المرة الاولى التي تقوم فيها القوات البريطانية بانتهاك المياه الاقليمية الايرانية اذ وقع حادث مماثل في العام 2004. وأضاف البيان أنه من الواضح أن القضية ذات ابعاد فنية وامنية وقانونية لذا فانها بحاجة إلى وقت كاف لدراستها, وتابع البيان، ان الوثائق الدامغة المتوفرة لدى إيران تثبت دخول البحارة البريطانيين للمياه الاقليمية الإيرانية، وأكد عدد من هؤلاء البحارة ايضا بانهم كانوا داخل المياه الإيرانية حين اعتقالهم. وقالت الممثلية الايرانية، إن البيان الصحفي الذي فرض على مجلس الأمن يتناقض في الواقع مع صلاحيات هذا المجلس المبنية على ميثاق الاممالمتحدة وكذلك مع اهداف ومبادئ هذا الميثاق في احترام سيادة وحاكمية الدول. وأضاف أن البيان يتناقض ايضا مع مبادئ القانون الدولي المؤكدة لاحترام الحدود الدولية. وتابع بيان الممثلية الإيرانية، أن هذه القضية يمكنها ويجب أن تتم تسويتها عبر القنوات الثنائية وان محاولات الحكومة البريطانية لاقحام اطراف اخرى في هذه القضية ومن ضمنها مجلس الأمن لا يساعد في حل القضية. ضغوط بريطانية ******************* وفي غضون ذلك قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إن بلاده ترغب بأن تكون ايران أكثر عزلة بعد احتجاز بحاريه، لكنه شدد على ضرورة الصبر في معالجة هذه القضية كما انتقد بشدة عرض الصور لجنود البريطانيين المحتجزين. ومن جهتها اعتبرت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكت أنه لا توجد مؤشرات على مساعي ايرانية لحل هذه القضية. و أعربت بيكيت على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الاروبي يعقد في مدينة بريمن الالمانية ، عن أملها بأن يخرج هذا الاجتماع ببيان يدعم الموقف البريطاني. هذا واستصدرت لندن بيانا من مجلس الأمن يطالب بحل سريع للأزمة. البيان الذي وصف بالملطف جدا جاء بعد مفاوضات وإنقسامات، حيث عارضت روسيا والصين مسعى بريطانيا-اميركيا لإصدار بيان شديد اللهجة، فيما قالت طهران إن هذه القضية يمكن أن تسوى من خلال القنوات الثنائية. دعوة فرنسية ****************** وعلى الصعيد الدولي دعا وزير الخارجية الفرنسى فيليب دوست بلازي، اليوم الجمعة، إيران إلى الافراج عن البحارة, مستبعدا في الوقت ذاته اى تعليق للعلاقات الدبلوماسية بين باريس و طهران, وأضاف بلازي "اننا ندعو الإيرانيين للافراج عن البحارة البريطانيين فى اسرع وقت ممكن مضيفا يجب علينا تفادى المواجهة والتصعيد فى المواقف". الموقف الأمريكي ******************* وفي واشنطن قال نائب وزيرة الخارجية الأمريكية نيكولاس بيرنز إن بلاده لا ترى أي مبرر لاختيار سبيل المواجهة مع إيران، وإن واشنطن على قناعة بأن الدبلوماسية هي الطريق الواجب اتباعه. كلام بيرنز جاء أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي التي ناقشت العلاقات الإيرانيةالأمريكية.
