تدفق بضعة الاف من اليهود امس الاثنين علي جزيرة جربة التونسية لاداء شعائر دينية في مزار الغريبة احد اقدم المعابد اليهودية في شمال افريقيا وسط تزايد الدعوات لاحترام اكبر بين الاديان السماوية في ظل ما اصبح يعرف بصدام الحضارات. واحتشد نحو خمسة الاف يهودي من بينهم مئات قدموا من اسرائيل في جزيرة جربة التي تقع علي بعد 500 كيلومتر جنوبي العاصمة لاقامة احتفال يهودي نادر الحدوث في بلد عربي. وتشهد احتفالات هذا العام اجراءات امنية مشددة في الذكري الرابعة لتعرض المعبد لهجوم انتحاري دموي خلف 21 قتيلا من بينهم 14 سائحا المانيا. كما انها تتزامن مع محاكمة احد المتهمين بالتخطيط للهجوم علي المزار اليهودي وبسجن القضاء الاسباني لاثنين من المتهمين لمدة عشر سنوات بتهمة القيام بدور في الهجوم. ويستمر الاحتفال الديني اليهودي يومين. وقال حايم حوري (67 عاما) وهو تونسي المولد هاجر لاسرائيل منذ 51 انا سعيد بالقدوم لبلادي من جديد للعام الثالث علي التوالي.. الشيء الجميل ان هذا الحج يمثل فرصة للتاخي بين اليهود والمسلمين وحتي المسيحيين . واضاف حوري لرويترز لا يجب ان نقيم علاقة بين ما يحصل من صراع بين اسرائيل والفلسطينيين وضرورة الحوار مع اخواننا المسلمين . وعاد عدد اليهود للارتفاع نسبيا هذا العام بعد ان تراجع في السنوات الثلاث الماضية الي حدود ثلاثة الاف كل عام بعد تعرض مزار الغريبة لهجوم انتحاري منذ اربع سنوات حين اقتحم مهاجم في سيارة صهريج محملة بغاز الطهي مقر المعبد في عام 2002. واعلنت القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم. وقال فيكتور الطرابلسي احد المسؤولين عن تنظيم الحج لمعبد الغريبة ان عدد المشاركين زاد هذا العام الي نحو خمسة الاف يهودي قدموا من عدة بلدان اوروبية مثل فرنساوالمانيا اضافة الي قرابة الف جاءوا من اسرائيل في رحلات عبر باريس ومالطا وتركيا. وقال بيريز لرويترز ارتفاع الاعداد من سنة لاخري مند تفجير 2002 لا يعزي فقط للتعلق بالديانة اليهودية بقدر ما هو راجع للتعلق بهوياتهم وجذورهم وحنينهم لاصدقاء واقارب لهم وابراز ان التعايش مع باقي الديانات امر ممكن بلا شك . ولم يتبق من حوالي 100 الف يهودي كانوا يعيشون في تونس منذ نصف قرن سوي نحو الفين استقر اكثر من نصفهم في جربة بعد ان هاجر اغلبهم لاوروبا والبعض الاخر لاسرائيل. من جهتها قالت رشال كاسي التي جاءت من باريس لاداء هذه الشعائر للمرة الاولي نحن هنا لنقول اننا نحترم جيدا ديانتنا مثلما نحترم باقي الديانات الاخري . وتضيف كاسي (63 عاما) وهي من اصول جزائرية هذه رسالة لجميع متطرفي العالم لنقول لهم يكفي تناحرا.. العيش سويا امر جيد للغاية.. وهذه فرصة اخري نمد فيها ايدينا للمسلمين والمسيحيين ليعم السلام في العالم . وارتفعت الدعوات في الاونة الاخيرة من زعماء سياسيين ودينيين في العالم لتجاوز ما يعرف بصراع الحضارات الذي تأجج بنشر صحف دنمركية وغربية صورا مسيئة للنبي محمد. ويعترف يهود تونس اليوم بأنهم يعيشون مع مواطنيهم المسلمين في جو من السلام والاحترام بل هذا التعايش يبدو جليا في معبد الغريبة بالذات الذي يعمل بداخله رجل مسلم يناديه الجميع (عم الهادي) يقوم بتوزيع القلنسوة اليهودية لغطاء الرأس علي زوار المعبد. ويشارك في الاحتفال اليهودي هذا العام شخصيات سياسية فرنسية من بينها وزير الدفاع الاسبق بيار لي لوش والنائب في البرلمان الفرنسي اريك راؤول. ولبست جزيرة جربة حلة جديدة حيث تدفقت اعداد واسعة من اليهود الذين ولد اغلبهم في تونس علي (الحارة الكبري) التي يعيش فيها اكثر من 900 يهودي بجوار جيران مسلمين للقاء اصدقائهم واقاربهم. واقام المشاركون صلوات وتجمعات في المعبد الرئيسي في المهرجان الذي يقام سنويا في ذكري انتهاء وباء طاعون حصد ارواح الاف من اليهود قبل حوالي الفي عام. واشرف وزير السياحة التونسي التيجاني حداد علي الاحتفال هذا العام وهي عادة دأب عليها في السنوات الاخيرة في اشارة واضحة الي ان بلاده ترعي حوار الاديان والحضارات وتدعو للتسامح. ولا تقيم تونس علاقات دبلوماسية مع اسرائيل ولكنهما تبادلتا في العام 1996 فتح مكتبين لرعاية المصالح وعينت كل منهما مندوبا دائما في الاخري. وقد أوقفت تونس هذا التمثيل خلال شهر تشرين الاول (أكتوبر) عام 2000 احتجاجا علي اعتداءات الجيش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. (رويترز)