بعد مرور أسبوعين على توبيخ الحليف السعودي القديم الملك عبد الله للولايات المتحدة بسبب حرب العراق لم تتلق ادارة بوش بعد تفسيرا يشفي غليلها لتلك الانتقادات العلنية غير المألوفة. وجسدت تعليقات الملك عبد الله التي أدان خلالها التدخل الامريكي في العراق ووصفه بأنه "احتلال أجنبي غير مشروع" ما يعتبره كثيرون دورا قياديا اكتسى بالحيوية مؤخرا للزعيم السعودي في الشرق الاوسط كما أثارت حالة من البلبلة في تلك المنطقة المضطربة وأوحى بوجود انقسامات بين بلدين لهما تاريخ من العلاقات الوثيقة. وأبلغ مسؤول رفيع بالادارة الامريكية رويترز في وقت متأخر يوم الاربعاء أنه "ليس هناك تفسير معقول لتلك التعليقات". وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية العلاقات مع السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم "وزارة الخارجية (السعودية) دافعت (عن تصريحات الملك) وكررتها مرة أخرى علنا." وأضاف "عندما استفسرنا سرا أبلغنا بأن علاقتنا عميقة ووثيقة وتعود الى (عهد الرئيس) فرانكلين روزفلت بحيث لا يستطيع أي شيء مهما كان أن يغير تلك العلاقة وأنها راسخة كالصخر..انتهى الكلام.. هذه ليست اجابة للسؤال. ومن ثم فاننا في حقيقة الامر لم نتلق اجابة للسؤال." وبعد أن أدلى الملك عبد الله بتلك التعليقات في افتتاح قمة عربية في الرياض الشهر الماضي أبدى مسؤولون أمريكيون دهشتهم وشددوا على أن وجود القوات الامريكية والقوات الدولية الاخرى في العراق شرعي بموجب تفويض مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وقال المسؤول الكبير بالادارة ان مسؤولين أمريكيين كبارا اتصلوا بالقيادة السعودية سعيا لفهم الفكرة من تعليقات الملك عبد الله لكن هذه المحادثات لم تثمر توضيحا حقيقيا. على أن خطاب العاهل السعودي لم يكن الا أحدث مؤشر على وجود خلافات بين واشنطن وموردها النفطي الرئيسي وحليفها التقليدي في الشرق الاوسط. ففي فبراير شباط الماضي أثارت السعودية غضب الامريكيين بوساطتها التي أثمرت حكومة تقاسم للسلطة بين الرئيس الفلسطيني الذي تعتبره واشنطن معتدلا وحركة المقاومة الاسلامية حماس التي تعتبرها الولاياتالمتحدة واسرائيل منظمة ارهابية. وقال مسؤولون أمريكيون ان الدبلوماسية السعودية التي نالت على ما يبدو من استراتيجيتهم الرامية الى عزل حماس ألحقت ضررا بخططهم لاعادة اطلاق محادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وذكر المسؤول الامريكي الرفيع أنه "بينما كان من الواضح أننا لسنا سعداء مطلقا بما قاله الملك" في خطابه أمام القمة فان الموضوع الاهم هو ما تفعله بلاده ذات الاغلبية السنية بشأن العراق. وقال انه اذا حثت الرياض الاقلية السنية في العراق على عدم محاولة العودة الى السلطة مجددا والهيمنة على الاغلبية الشيعية في البلاد من خلال العنف والقتال فان واشنطن ستكون سعيدة بذلك. لكن بعض المحللين يقولون ان هناك خلافات أمريكية سعودية اخذة في الازدياد لان الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة أثمر حكومة يهيمن عليها الشيعة في العراق وهو ما لا يروق للاسرة السعودية السنية الحاكمة. وقال المسؤول انه حتى الان ليس هناك تغيير في النهج السعودي لكنه اعترف ببعض الغموض قائلا "كل ما نحتاج استجلاءه في الفترة المقبلة هو ما اذا كانت تلك التعليقات مؤشرا على تغير وشيك في السياسة." وأصر الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي خلال لقاء في أحد البرامج الصباحية على شبكة "ايه.بي.سي" التلفزيونية الامريكية على أن خطاب الملك عبد الله ليس هجوما على الولاياتالمتحدة وانما هو "حديث عن شرعية وليس قانونية" الوجود الامريكي في العراق. وقال المسؤول الامريكي الرفيع ان الباعث وراء بروز الدور القيادي للملك عبد الله مؤخرا هو القلق بشأن ايران التي تطور قدراتها النووية في تحد لمجلس الامن التابع للامم المتحدة فضلا عن ادراك الملك البالغ من العمر 83 عاما بأن أمامه وقتا محدودا لانجاز ارث يكون شاهدا له من بعده. وأضاف المسؤول "أعتقد أن بعضا من جهودهم المتعلقة بالموضوعات اللبنانية والموضوعات الفلسطينية تهدف الى ترتيب البيت العربي حتى يستطيعوا الالتفات بعدها لما هو أخطر بالنسبة لهم لوجوده هناك الى جوارهم .. ايران." وعلى مدى سنوات كان ينظر الى مصر على أنها زعيمة العالم العربي لكن هذا الدور تضاءل خلال السنوات الاخيرة. من كارول جياكومو وأرشاد محمد