سب الدين.. إدمان .. تورط في جرائم قتل جنائية.. ملابس علي أحدث صيحات الموضة الغربية.. قصات شعر لافتة للنظر.. تلك هي أبرز سمات انتحاريي المغرب الذين نفذوا سلسلة التفجيرات الأخيرة بمدينة الدارالبيضاء، والتي تثير حيرة المغاربة حول هذا الجيل الجديد من الانتحاريين والدوافع وراء دخولهم عالم العمليات الانتحارية من بوابة الإجرام. ويخلتف مظهر وسمات هؤلاء "الانتحاريين الجدد" كما أصبح يطلق عليهم المغاربة عن الصورة الذهنية التقليدية اللصيقة بالإرهابي في المغرب حيث ينظر إليه على أنه شخص ذو لحية كثة وشعر كثيف ولباس مهلهل، وينفذ الهجمات الإرهابية انطلاقا من خلفية إيديولوجية رافضة للأوضاع القائمة، بحسب مراسل إسلام اون لاين. وأظهرت ملابسات التفجير الذي وقع قرب المركز الثقافي الأمريكي بالدارالبيضاء السبت أن الانتحاريين الاثنين كانا مراهقين يرتديان ملابس جديدة من أحدث صيحات الموضة، كما كانت قصات رؤوسهم حديثة وملفتة للنظر، كما يقول "محمد عبد الكريم"، عضو التجمع الجهوي (البلدي) بالدارالبيضاء والناشط الاجتماعي المغربي ل"إسلام أون لاين. نت". ليس ما سبق فحسب، إذ أن أغلب الانتحاريين – كما يقول محمد بحسب معطيات توفرت لديه - كانوا تحت تأثير مخدر "القرقوبي"، مشيرا إلي أن هذه السمات تزيد من حيرة المحللين المغاربة حول دوافعهم لارتكاب تلك الجرائم الإرهابية. ولم تأكد الجهات الرسمية هذه الرواية. ويعضد رواية محمد إفادات عدد من شهود عيان لحوادث التفجيرات الأخيرة أوضحوا في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن أغلب الانتحاريين كانوا حتى وقت قريب يتعاطون المخدرات، ومن بينهم يوسف الخودري الذي كان برفقة الانتحاري عبد الفتاح الرايدي، الذي أكدت تقارير إعلامية أنه لحظة اعتقاله بعد محاولته الفرار كان تحت تأثير الحبوب المهلوسة. وكان الرايدي قد فجر نفسه في مقهى الانترنت بالدارالبيضاء يوم 11 مارس الماضي. بل وأفادت المصادر نفسها أن أحد منفذي تفجيرات الثلاثاء الماضي تجرأ على سب الدين عندما اقترب بعض المواطنين منه قبل أن يفجر حزامه الناسف. ولفتت أيضاً إلى أن محمد راشد بلواد، وهو أحد من فجروا أنفسهم الثلاثاء، كان متورطا في عملية قتل سابقة، واستفاد من سطوة خاله، الذي يوصف بأخطر تجار المخدرات في كاريان السكويلة التابع لحي سيدي مؤمن العشوائي بالدارالبيضاء، لحماية نفسه وعدم إلقاء القبض عليه. وحول دوافع "الانتحاريين الجدد" لتفجير أنفسهم، يقول خبير علم الإجرام، الدكتور محمد الأزهر، ل"إسلام أون لاين.نت": إن "استجابة هؤلاء الشباب المراهق لدوافع القتل هو نتاج طبيعي للبنية التربوية التي كونت هويتهم". وأضاف الخبير المغربي: "لا يمكن فهم ما أقدم عليه هؤلاء دون الرجوع إلى المناخ الذي عاشوا فيها لسنوات.. فمن جهة تعج كاريانات الدارالبيضاء بالسكان الأمر الذي يؤدى إلي ، ومن جهة ثانية، تعاني كثير من الأسر هناك من مشكلة التفكك الأسري كما هو يظهر في ظروف نشأة الانتحاريين عبد الفتاح وأيوب الرايدي" حيث ان والديهما منفصلان. وقال إن "تعاطي المخدرات والاتجار فيها هي سمة لصيقة بالكاريانات إذ يبقى المجال المفضل لدى العاطلين من المراهقين والشباب للحصول على المال". وشدد د. الأزهر علي "أن اختلاط الطفل بأجواء الصراعات والمخدرات والانقطاع عن التعليم منذ سنواته الأولى، بجانب معاناته وعائلته من الفقر المدقع والتفكك، يجعل منه إنسانا فاقدا للحكم الأخلاقي حتى لو كان ذا نفسية سوية، كون النشوء في جو فاسد يجعل احتمال إنتاج مجرم فاسد القيم احتمالا كبيرا". وأوضح أن العوامل السابقة تجعل نفسية المراهقين الذين عاشوا في تلك الظروف بمثابة تربة خصبة لاستقبال أي تأثيرات، وبالتالي استقطابهم بسهولة في ظل غياب "التمييز الأخلاقي". يقظة أمنية غير أن قسما كبيرا من المختصين والخبراء المغاربة يرون – رغم هذه التفسيرات - أن "الانتحاريين المغاربة الجدد" يوشكون أن يشكلوا "ظاهرة عصية على الفهم"، على حد قولهم. وفي هذا السياق يرى د. الأزهر أنه بصرف النظر عن الدوافع فإن "الحفاظ على يقظة أمنية تحترم حقوق الإنسان، واجتهاد الحكومة في تحسين ظروف معيشة المواطنين والقضاء على العشوائيات وأحياء الصفيح، بجانب إنعاش الاقتصاد وتوفير فرص الشغل للجميع، كل ذلك من شأنه المساعدة في وضع حد لمشكلة الانتحاريين، وإعادة السكون والطمأنينة للدار البيضاء وسكانها الذين أعياهم منظر الأشلاء الممزقة هنا وهناك". وبدأت سلسلة التفجيرات الانتحارية في الدارالبيضاء يوم 11 مارس الماضي حين فجر عبد الفتاح الرايدي نفسه داخل مقهى للإنترنت، فيما فر زميل له قبل أن يتم اعتقاله في وقت لاحق. وأعلنت السلطات المغربية أن الانتحاري كان ينتمي إلى تيار السلفية الجهادية. كما قُتل 4 مفجرين خلال مطاردة قوات الأمن لهم الثلاثاء الماضي في حي الفدا بالمدينة ذاتها، لصلتهم بتفجير مقهى الإنترنت. ويوم السبت فجر انتحاريان أنفسهما أمام المركز الثقافي الأمريكي في الدارالبيضاء بعد فشلهما في الدخول إلى المبنى.