أبدي برلمانيون وباحثون تونسيون تخوفا من ظاهرة تفاقم ظاهرة الشيخوخة في تونس، حيث ينتظر أن يبلغ عدد التونسيين الذين تتجاوز أعمارهم الستين عاما نحو خمس السكان في نهاية عام 2034. وحذر رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع في كلمة افتتح بها امس الأربعاء ندوة حول موضوع البنية السكانية في تونس الرهانات والآفاق ،من أن تفاقم هذه الظاهرة في بلاده سيفرض ضغوطا اضافية علي قطاع الصحة والضمان الاجتماعي. وقال ان تراجع نسبة السكان الذين لا يتجاوز سنهم ال15 عاما سيقلص الطلب علي التعليم،كما أنه سيكون لتزايد السكان من الشريحة العمرية بين 15 و59 عاما انعكاسات اضافية علي سوق العمل. وتشير الدراسات الي أن نسق الشيخوخة في تونس سيصبح أسرع من أوروبا، وأن المشكل لم يعد في الحد من الانجاب، وانما في كيفية تعديله نحو وضعية تساعد علي تجنب التهرم المفرط،والتفطن الي المخاطر التي يطرحها علي اكثر من صعيد . وكان الاحصاء السكاني التونسي الأخير الذي أنجز عام 2004، قد خلص الي تراجع معدلات الانجاب في تونس من حوالي 7.2 بالمئة عام 1966 الي 2.9 عام 1994، والي طفلين فقط عام 2002، مما أدي الي غلق العديد من المدارس الابتدائية بسبب تراجع عدد الأطفال دون الخامسة. ودعا فؤاد المبزع الي الاستعداد للتفاعل مع العشرية القادمة ومع أبعادها العمرانية والاجتماعية والاقتصادية، لتحويل العنصر البشري الي عامل تنمية حتي لا يكون عبئا علي المجتمع . ووفقا للمسار الحالي للنمو السكاني في تونس،فان عدد سكان تونس سيكون بعد مائة عام في حدود 10 ملايين نسمة أي نفس الرقم الحالي للسكان التونسيين ولن تكون الزيادة السكانية في ذلك التاريخ بأكثر من 1.75 بالمئة، حيث يقدّر أن يبلغ عدد سكان تونس 13 مليون نسمة عام 2049. أما محمود السكلاني عضو المجلس العلمي للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري التونسي،فقد رأي ان ظاهرة الشيخوخة هي نتيجة حتمية لسياسة تحديد النسل وتراجع معدل الخصوبة لدي المرأة من 7 أطفال عام 1956 الي طفلين عام 2004 . ولا يوجد في تونس أي قانون للحد من الانجاب، ولكنها اعتمدت منذ العام 1966 سياسة لتحديد النسل أطلق عليها أسم التنظيم العائلي بهدف تحسين مستوي معيشة المواطن عبر التشجيع علي الحد من الولادات. وساهمت هذه السياسة في تقلص نسبة الأطفال دون الخامسة من العمر في تقلص ملحوظ ومتواصل حيث انخفضت من 18.6 بالمئة عام 1966 الي 14.6 بالمئة عام 1984، و8 بالمئة عام 2002 و8.1 سنة 2004. ومن جهته حذر فاروق بن منصور مدير مركز الصحة الانجابية بتونس من أن 9.3 بالمئة من سكان تونس يفوق سنهم الستين عاما ممّا يعني بروز تهرم سكاني في تونس سينتج عنه بروز أنواع جديدة من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة . وأشار الي أن أمراض القلب والشرايين تصيب 40.2 بالمئة ممن يفوق سنهم الستين عاما،فيما يرتفع عدد المرضي بالسكري من الشيوخ الي 32 بالمئة ثلثهما من النساء. ولئن طالب فاروق بن منصور بالاسراع بتطوير التكوين في اختصاص طب الشيخوخة وتحسين التكوين القاعدي في مراحل التدريس الطبي،فان محمد شعبان مدير عام البحوث والدراسات في مجال الضمان الاجتماعي، حذّر من جهته من تزايد الضغط علي الخدمات الاجتماعية. وانعكست سياسة تحديد النسل التي اتبعتها تونس بصفة تدريجية علي تطور التركيبة الديمغرافية للمجتمع التونسي، لجهة ارتفاع نسبة الذين تفوق أعمارهم 60 عاما من 5.5 بالمئة عام 1966، الي 6.7 بالمئة عام 1984، ثم 9.1 بالمئة عام 2003، و9.3 بالمئة عام 2004، وهي مرشحة لتبلغ 10.8 بالمئة عام 2014، و19.8 بالمئة عام 2034.