أحمد الله تعالى وأثني عليه أن ألهمني جرأة في الحق صدعت بها في موضوعات لم أحتمل فيها المحاباة واللف والدوران ,والحال أنه كان بوسع النفس أن تركب قطار بعض المغريات أو بعض الواعدين بالاغداق والعطاء ... موضوعات لم أحتمل فيها السكوت في موضع وجوب البيان عند الحاجة , وأصدقاء لم أملك الصبر على بعض مواقفهم التي اضطرتني الى الخروج عن الصمت في توقيت ظن البعض فيه بأنني قد بدلت وغيرت في قضايا تتعلق بالوطن والهوية ... ذاك هو لسان حالي حين أحادث النفس بخصوص مافعلته في الأسابيع الأخيرة ,حين كتبت عن المنعرج الخطير الذي يهدد هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بالزوال والاندثار , نتيجة اصرار البعض على ادخال عنصر الايديولوجيا المفرقة الى أجندتها التاريخية والوطنية الأولى ... ذاك هو لسان حالي أيضا مع النفس حين أتأمل في موقفي مما حدث في جريمة ستار أكاديمي بحق شباب وأهالي مدينة صفاقسالتونسية ,حين تحولت مواكب العرس والاحتفال لديهم الى جنائز ونعوش لاتكترث السلطة فيها بقيمة المواطن والخلق والدين والانسان ... شعور كبير بالراحة يراودني حين أتأمل في تحذيري من خطورة تحويل تراث الزعيم الراحل بورقيبة الى صنمية جديدة وعقائد تحكم واقع تونس والتونسيين حتى بعد انتقال روحه الى الرفيق الأعلى , ومن ثمة لم أجامل في الحق واحدا من أقرب أصدقائي الذين كانوا من المبادرين معي الى وضع هيكلة عامة لأركان ومحاور اهتمام صحيفة الوسط التونسية ... ذاك هو حالي مع صديقي الفاضل الدكتور خالد شوكات الذي أتمنى على رحابة صدره أن يقدر قيمة التدافع بالتي هي أحسن بين الاراء , وأن يبقى الخلاف في الرأي مرتفعا بيني وبينه عن كل واقعة بالمهج والأنفس ... متعة ذهنية ونفسية وصفاء روح , تلك هي ببساطة مشاعري حين أدليت بموقف واضح لالبس فيه من قضايا المصالحة أو ماأسميته باللبن المغشوش ... متعة روحية وسكينة نفسية وانفجار قلمي هادر بالصدق واجهت به في غير خشية من أحد الأخ محمد الهاشمي الحامدي وكل الدوائر المراوغة في السلطة ,هذه الدوائر التي تعودت في كل مرة على تخدير المنفيين بمعسول الوعود والأماني الكاذبة في مقابل تشديد الخناق على شريفات تونس وفرض نظام الأبارتايد الفكري والسياسي على نسائها اللواتي اخترن التمسك بقيم الهوية ونخوة الاسلام ... ففي كل مرة يطرح فيها موضوع المصالحة الوطنية على أجندة النقاش السياسي للمعارضة التونسية , الا ويأتي الجواب شافيا وكافيا من القوى اللائكية المتطرفة داخل السلطة بأن نمط الحوار الحقيقي مع المعارضين الأحرار سيكون داخل البلاد بمزيد من الاعتقالات والانتهاكات والخروقات الحقوقية والسياسية وبمزيد من فنون التعذيب والامعان في السادية ... مشهد أبصم عليه من حيث الصحة والوثوقية والمصداقية بأنامل أصابعي العشرة التي لم تتعود الذل والانكسار في التعبير عما يدور على حلبة المسرح السياسي الشاذ عربيا واسلاميا وانسانيا بالديار التونسية ... مشهد لن تفلح أدوات القهر والخداع في الترويج له والتسويق له عربيا واسلاميا ودوليا حتى ولو أنفقت على خدماته الاعلانية ونظام علاقاته العامة مال قارون وخزائن كسرى ... لن تفلح قناة تونس 7 الفضائية ولاقناة الديمقراطية ولاقناة المستقلة ولاقناة ANN ولا قناة ANB ولاقنوات الروتانا و LBC ...ولا وكالات الهشك بشك للأنباء في اقناعنا بأن مفاصل الوضع الحقوقي والسياسي والاعلامي والأخلاقي والاجتماعي في تونس على أحسن مايرام ... أموال طائلة تنفق من جيوب وثروات التونسيين والتونسيات من أجل دس السم في العسل ومن أجل تزوير حقائق ساطعة لن تقدر على اخفائها حتى أشهر القنوات الفضائية العالمية وأشهر وكالات المحاماة وأشهر مكاتب العلاقات العامة وأشهر وكالات الاعلان عبر العالم ... طريق واحد يمكن أن تسلكه السلطة من أجل تصحيح الصورة وتعديل العدسة واعادة الأمور الى نصابها , ألا وهو الطريق السريعة رقم واحد , طريق الاصلاح ثم الاصلاح ثم الاصلاح ... ماأروع الكلمة وماألذ راحة النفس حين يتدفق القلم معبرا عن هموم الناس وخلجات الرأي العام دون غش أو خداع أو تجني أو تزوير ..., راحة ضميرية أكثر من طبيعية لن تعوضها رشاوى تدفع لأقلام الزور وبائعي شرف مهنة المحاماة والمتاجرين اثما وعدوانا باستقلالية جهاز القضاء ... السلطة الرابعة تقف اليوم عبر المنابر الاليكترونية المستقلة والصحف الشريفة والقنوات النظيفة في مواجهة سلطة الكرباج الأمني والسياسي والاعلام المرتزق والقضاء المستعبد ..., انها حقا روعة قوة الكلمة في مواجهة ضعف أدوات الجلد والجلاد ...! التجربة عايشتها على مدار الأسابيع الأخيرة حين تلقيت ردود أفعال القراء وهم يكاتبونني مهنئين ومشجعين ومكبرين سلسلة من المواقف التي اهتديت اليها بفضل ورحمة من الله ... رسائل اليكترونية ومكالمات هاتفية ودموع واجهاش بالبكاء من قبل البعض ...والله على ماأقول شهيد ... تعبيرات تلقائية وصدق مشاعر وصفاء لم أشترها بكثرة أموال وزخرف دنيا وكثرة سفريات ونظام علاقات أفقية مع دوائر سياسية مركزية هنا وهناك ..., انها عظمة الخالق وأسراره التي أودعها في الكلمة المستهان بها من قبل بعض أصحاب الأقلام والأفواه الذين تشتم من كلماتهم المكتوبة والمنطوقة روائح الرشوة والدفوعات ... أجدد في نهاية مقالي هذا الحمد لله أولا واخرا على ماوفقنا اليه من صدق العبارة وعظيم أثرها وأتوجه بالشكر بعد ذلك الى كل من راسلنا أو كالمنا محييا صدقا وتفانيا وتضحية من أجل رؤية تونس وشعبها على الطريق السريعة رقم واحد السالكة باتجاه الحرية والكرامة والانعتاق ... -حرر بتاريخ 29 ماي 2007-13 جمادى الأولى 1428 هجري . *كاتب واعلامي تونسي/رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية