اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صور: رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى معتمدية الدهماني: التفاصيل    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرب و أفارقة في برزخ العذاب بين جهنم بلادهم و جنة أوربا الموعودة

جاؤوا إلى ايطاليا هربا من البطالة و من حالة الاختناق التي تعيشها بلادهم على كافة المستويات ، حتى حفلات الترفيه التي تعيشها ربوعهم ، و تهيمن على برامج تلفزيوناتهم ، أصبحت من كثرة تكرارها مملة و خانقة و مخدرة مما ساهم من مضاعفة أمراضهم الاقتصادية و الاجتماعية . جاؤوا من المغرب و الجزائر و تونس و مصر و بعضهم من دول أخرى، فلسطينيون و عراقيون ، بعضهم لا يعمل سوى لبضعة أيام في الحقول . و تشير الاحصائيات إلى أن عدد العرب العاملين في الحقول الايطالية من الدول المذكورة يصل إلى 900 ألف عامل زراعي يعمل أكثر من ثلثهم في الجنوب الايطالي ، جيش من النساء و الرجال يتبعون ايقاعات الفصول الزراعية . و يشتكي العمال العرب من كثرة ساعات العمل . يقول سعيد من الجزائر " لقد رايتم كيف نعمل كل يوم 7 ساعات او 7 ساعات و نصف دون توقف باستثناء ساعة لتناول الطعام " و يزداد الطلب على اليد العاملة الرخيصة و غير الرسمية في الجنوب الايطالي و ذلك منذ شهر مايو و حتى نهاية أغسطس . و حسب منظمة أطباء بلا حدود يعمل أكثر 12 الف شخص بشكل غير شرعي في قطاع الزراعة و إن كان أكثر من نصفهم في قطاع الزراعة و قالت جوليا بيتازي من منظمة أطباء بلا حدود " أكدت التحقيقات وجود هذه الظاهرة و إن كانت تبدو مختبئة " . و تعتبر سوق العمل الموسمي في ايطاليا بالنسبة للعمال العرب سوق نشطة و تعقد الاتفاقات بخصوصها في الشوارع و الساحات . و تصف المصادر الايطالية ذلك بالقول " يعرض العمال أنفسهم كبضائع في انتظار عمل غالبا ما يكون غير رسمي أي بلا عقد ليعود شبح اللاشرعية لمن يحمل تصريح الاقامة " لكن بعض العمال ممن لديهم تصاريح إقامة يؤكدون بأنهم لا يرغبون في العمل بشكل غير قانوني لان لديهم من الوثائق ما يسمح لهم بالعمل الشرعي . بينما يستجيب آخرون نظرا لظروفهم الماسوية و هو ما عبر عنه أحد العمال التونسيين و يدعى صالح " يعطونني 40 يورو مقابل العمل من السابعة و حتى الثالثة و يبدو لي مبلغا معقولا " لكنه يعترف بأنه عمل بدون عقد أي عمل غير رسمي .
في كاسيبل و هي بلدة يسكنها 5 آلاف شخص تبعد 15 كيلومترا عن سيراكوزا يوجد عدد كبير من العرب العاملين في حقول البطاطس ، بعضهم من العاطلين عن العمل في مدن ايطالية أخرى رغم حصولهم على الاقامة . و قال فريد من تونس " تعرفت على فلاح من جنوب ايطاليا أخذ رقم هاتفي و بعد 4 أيام اتصل بي و أنا أعمل مع فريق اخترته بنفسي " . ورغم توفر العمل في الجنوب في مواسم معينة إلا رواتب العمال العرب ضيئلة متوسطها 30 يورو يخصم منها تكاليف النقل و مقابل الحصول على العمل ، ايامهم لا نهاية لها ، يعملون دون استراحة لينامو ليلا على أسرة بالية مبتكرة بأشكال مختلفة و في أماكن لا يمكن وصفها بالمنازل أو البيوت بل حتى الاكواخ . فعلى الطريق القريبة من فودجا يوجد مصنع مهجور يسكنه بعض العمال العرب و هم 40 فردا من العاملين في الزراعة . قال أحدهم و يدعى منير " ماذا عسانا نفعل فنحن لا نعمل بشكل دائم و يتقاضى أحدنا بين 20 و 25 يورو في أيام العمل " . و يختلف المقابل حسب العمل ، أما كيف يتمكنون من العيش فتلك قصة أخرى " نأكل قليلا ، و ننام في أي مكان لا يوجد فيه ايجار ، و نعيش في أوربا القرن الواحد و العشرين بوسائل العصر الحجري " . بناية المصنع في حالة سيئة جدا و تتآكل أنابيبها الصدأة ، و لا يوجد به ماء و أقرب مكان لجلب المياه يبعد مسافة 4 كيلومترات . أما غرف النوم فهي أشبه باي شئ إلا أن تكون غرف نوم . و من بين الآلاف من العمال العرب لا يوجد بينهم سوى 1500 يعملون بشكل رسمي أي بعقد عمل . و قال بيار بيغيلاكو من وزارة الشؤون الاجتماعية الايطالية " أود القول بصراحة إن هذا يشير إلى السياسة على الصعيد العالمي في السنوات العشرين أو الثلاثين الاخيرة ، و هو ما يكشف عن عجز هذه السياسة في بلدان المهاجرين التي اكتفت بادارة ما هو موجود و تحسين بعض الاوضاع لكنها غير قادرة على التخطيط و تقديم حلول للقضايا الاجتماعية شديدة الماساوية " . و يعاني العمال الموسميين العرب في ايطاليا من مشكلة السكن ، فالمسكن من أكبر المشاكل التي يواجهاا العمال الموسميين و لا تساعد القوانين الايطالية في حلها بل تعقد الامور حيث تربط بين عقد العمل و تأجير المسكن مما يدفع الكثيرين للاماكن المهجورة . و هذا ما عبر عنه صادق الذي يعيش في مبنى متهالك تنعدم فيه شروط الاقامة الصحية " ننام نحن في الداخل بينما يبقى الصغار في الخارج في الخيام " . مساكن تبتعد كثيرا عن المراكز السكنية بدون شبكات مياه ، و بدون كهرباء فضلا عن خدمات النظافة . و قالت ليفيا كانتوني رئيسة احدى بلديات الجنوب في مقاطعة بوليا " نحن في المراحل الاولى من ناحية استقبال العمال و متطباتهم مثل أماكن النوم و مياه الشرب و مرافقتهم للحصول على تصريح الاقامة " . و قال جلال " لدي طفل في الثانية عشرة و الاخر في العاشرة و ثالث ولد في غيابي قبل 4 سنوات و نصف العام و لم أره حتى الآن و علي ارسال الاموال إليهم " و عن شعوره قال " نحن بشر و لدينا نفس المشاعر " . كان المجئ إلى ايطاليا حلم الجميع ، و لكن العودة لاوطانهم آخر آحلام الكثيرين ، لأنه ليس لديهم المال الكافي الذي يتمنون جمعه للعودة للوطن ، فهناك لا يرحبون بمن يعود خال الوفاض .
معاناة المهاجرين في إسبانيا
من بين نصف مليون مهاجر غير شرعي يدخلون أوربا كل سنة هناك 25 % منهم يمر عبر اسبانيا ، و لهذا السبب و بضغط من الاتحاد الاوروبي قررت اسبانيا توسيع نطاق عمل خفر السواحل لديها و تزويدها بأجهزة رادارات و كاميرات حرارية و مرواحيات و دوريات برية تغطي المنطقة من جزر الكناري إلى شرقي الأندلس . و منذ عام 2002 أنشأت ثلاث محطات مراقبة على طول 114 كيلومتر من الساحل و منذ عام 2003 أضيفت كاميرا لمراقبة مياه مضيق طارق . و يقول مسؤول في خفر السواحل الاسبانية " في الواقع هذا القسم يرمي لمواجهة تصاعد تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى اسبانيا إضافة لمنع تهريب المخدرات " و قد تمكن حرس السواحل من كشف تهريب أكثر من 14 ألف مهاجر غير شرعي على متن مراكب قديمة ، و قد طرد هذا العام أكثر من 73 الف مهاجر بمعدل 300 مهاجر يوميا .
و الاكثر حظا هم الذين حققوا حلمهم بالنزول على أرض الأمل ن في حياة تحول فقرهم إلى غنى و تعاستهم إلى سعادة و من منبوذين اجتماعيا إلى شخصيات يشار إليها بالبنان . و يستغل تجار البشر و المهربون هذه الاحلام لتحقيق ثروات فاحشة . فبعد تمكنهم من الافلات من عين التكنولوجيا كما يقولون و من الحرس الذين تجاوز عددهم الالفي شخص ، إضافة للحرس المدني ، يعيشون الواقع المر الذي ينتظرهم . فعندما لا تتمكن حرس الحدود و فرق خفر السواحل و غيرها من فرق منع المهاجرين من العبور إلى الضفة الشمالية من المتوسط ، يتم نقل من وصل منهم فعلا إلى الشواطئ الاسبانية إلى معسكرات خاصة أشبه ما تكون بمعسكرات الاعتقال في الحرب العالمية الثانية .
معسكرات الاعتقال : لا يتسع المركز الواحد منها لأكثر من 500 مهاجر و لكنها تستقبل في بعض الاحيان ما معدله 400 مهاجر في اليوم الواحد ، زد على ذلك أن المهاجرين الذين ينجحون في الوصول إلى الشواطئ الاسبانية يكونون في حالة سيئة جدا صحيا و مجهدين جدا و لا سيما الاطفال و النساء الذين لا يقدرون على تحمل رحلات يظلون أثناءها في تقيؤ دائم حتى الوصول و بعضهم يصل ميتا .
التنصير في الاستقبال : تستقبل الكنيسة العديد من المهاجرين غير الشرعيين و إن كان طارق ابن زياد قد خاطب جيشه بكلمته الشهيرة " البحر من ورائكم و العدو أمامكم ، فإن المهاجرين لا يجدون سوى القساوسة أمامهم بينما يظل البحر من ورائهم ، و إن كان طارق ابن زياد دخل فاتحا فإن المهاجرين يدخلون اسبانيا طلبا للجوء الانساني و الفرار من الفقر و البطالة مقدمين أنفسهم كعمال لدى الاسبان . و من بين القساوسة الذين يقومون بصيد الناجين من البحر ليقعوا في شباك قس يطلق عليه " قوارب " و اسمه الحقيقي باتيرس ، و كان الاجدى أن يطلق على المهاجرين غير الشرعيين اسم " الاسماك " و باتيرس هذا قس فرانسيسكاني يقوم بأخذ النساء الحوامل و من لهن أطفال صغار ليلدوا و يكبروا تحت هيمنته و يستطيع تشكيلهم بطريقته و هو أمر أقل سهولة من تحويل أمهاتهن ممن يستعصي إغوائهن بسهولة . و تجد النساء و هن في الغالب من صغيرات السن ممن تترواح أعمارهن بين الستة عشر و التاسعة عشر ، و هذا ينطبق على الافريقيات أكثر من العربيات الاتي يجدن أنفسهن بين مطرقة عصابات الجريمة المنظمة و منظمات التنصير الاجرامية ، فالتي تتعاطى الدعارة بعد وصولها إلى اسبانيا لا تمانع في أن ينشأ أبناؤها أو الطفل الذي قدمت به إلى اسبانيا في داخل كنيسة فمن لا تحافظ على شرفها لن تحافظ على دينها و العكس صحيح ، هذا في حالة كانت المرأة المعنية مسلمة وفق شهادة الميلاد . و يستغل القس باتيرس و غيره حاجة المهاجرين لجلب الكثير من المساعدات المالية التي تنهال عليه من المتعصبين الراغبين في نتصير الآخرين ، بل يحاول أن يكسب وسائل الاعلام الاسبانية و الاوروبية لتستحسن ما يقوم به و تشجعه و أكثر من ذلك أن تكون بوقا له " نحن مدينون لوسائل الاعلام فهي التي تحرك القلوب " .
رق من نوع آخر : سمح القانون الذي سن في اسبانيا العام الماضي لنحو 800 ألف مهاجر بتصحيح أوضاعهم القانونية و من خلال تقديم عقد عمل و ما يثبت الاقامة في اسبانيا لمدة 6 أشهر على الأقل ، إلا أن الكثير من أرباب العمل يرفضون توقيع عقود عمل مع المهاجرين ، و بالتالي الحصول على أوراق قانونية خشية أن ينتقل العمال إلى اماكن أخرى و عدم ايجاد من يعوضهم في المزارع أو الاصطبلات أو غيرها من المهن التي غالبا ما يرفضها الاسبان . و هو ما يعني وجود نوع من الرق في اسبانيا لا تتطرق إليه منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ، و محاربة تجارة الرقيق الابيض ، و امتهان الذات الانسانية .
أكواخ في أوربا : هي في حقيقة الأمر ليست أكواخ بل خرب ، بقايا جدران لمنازل مهجورة منذ عشرات السنين و شبه منهارة و بدون أسقف يتخذها المهاجرون أماكن للايواء و الاختفاء من أعين الشرطة الاسبانية حتى أن بعضهم لجا للغابات و ليس بامكانهم مغادرتها خوفا من الاعتقال و الترحيل ، و مع ذلك فهم يبحثون عن العمل و عندما لا يجدونه يختبؤن في تلك الخرب حتى لا يكتشف أمرهم و يطردون من اسبانيا . و يقوم بعض المهاجرين القدامى ممن حصلوا على الاقامة بمحاولة مساعدتهم على الحصول على أوراق قانونية من بينهم مغرب يدعى حنفي مر بما مروا به ، حيث قدم إلى اسبانيا قبل 15 سنة و حصل على إقامة قانونية و هو يمثل اليوم جمعية العمال المغاربة في منطقة بونيات الاسبانية . يذهب كل يوم لمقابلة المهاجرين المختبئين في جحيم الخرب داخل مزرعة مهجورة في حالة يرثى لها في انتظار الحصول على وثائق نظامية . قطع البلاستيك حلت محل السقف ، كل غرفة هي بمثابة صالون و مطبخ و غرفة نوم و بجانبها حمام ، عبارة عن قطعة بلاستيك مقام بشكل عشوائي حول حفرة . ليس ذلك فحسب بل أن المهاجرين يعيشون في جو موبؤ و تحيط بهم الاقذار من كل جانب . و علاوة على ضنك الحياة اليومي يعاني المهاجرون من موجة العنصرية التي استهدفت العمال المغاربة بصفة أساسية و أصبح من الصعب عليهم ايجاد عمل ، و ازدادت حدة المنافسة بينهم و بين المهاجرين الآخرين . قال أحدهم و يدعى علي " الجميع يبحثون عن لقمة العيش ، نحن بحاجة إلى الطعام و للمأوى ، الاسبان شعب عنصري ، يرفضون دخول المغاربة إلى بلادهم ، يجب أن يعرف الجميع أن وضع المهاجرين سئ جدا ، سئ للغاية "
الأمل و السراب : لقد مثل عام 2005 أملا جديدا للمهاجرين بعد صدور القانون القاضي بتنظيم أوضاع المهاجرين ، و لكن الكثيرين لم يستطيعوا الحصول على إقامة و لا سيما المغاربة و العرب ، و هم في نفس الوقت لا يستطيعون العودة إلى المغرب أو إلى بلادهم بعد أن اجتازوا جبل طارق في رحلة بحرية خطرة يذهب ضحيتها ميئات الاشخاص كل سنة . قال محمد " أتيت إلى اسبانيا في قارب صغير و كان عددنا 42 شخصا و كان معنا ثلاث نساء دفع كل منا مبلغ 1500 يورو و كنت أخشى أن لا أصل بخير و لكن و الحمد لله كان الله في عوننا و أنقذنا من الموت " و يجد المهاجرون صعوبات جمة في ايجاد منزل مناسب بعد بحر الخرب الواسع للاسباب آنفة الذكر إضافة لافتقادهم للمال اللازم للاستئجار ، كما لا يملكون المال اللازم للحصول على الوثائق الضروروية للاقامة إذ يتعين عليهم دفع مبلغ يصل إلى ألفي يورو للفرد للحصول على الاقامة بعد إعداد كافة الاورواق الملطوبة كعقد العمل و مكان الاقامة . محمد أحد الضحايا الكثيرين ممن رفض أرباب العمل منحهم عقد عمل خشية انتقالهم إلى أماكن أخرى خارج اقليم أنيريا بحثا عن عمل أفضل . و هم ينتظرون تصحيح أوضاعهم القانونية للتمكن من العمل بطمأنينة و لزيارة الاهل في الوطن من حين لآخر و للزواج و شراء سيارة و العيش في مكان لائق . و في هذه الاجواء المشحونة بالقلق و التوتر و المعاناة و الحلم يقع المهاجرون في شباك العصابات التي تهدد بالانتقام من عوائلهم في الوطن الام . و ينصح العارفون مثل حنفي المهاجرين الذين يسعون لتنظيم أوضاعهم الاجتماعية إلى الحصول على معلومات كافية و دقيقة قبل القيام باي خطوة و قبل كل شئ عدم الوقوع في قبضة العصابات .
و في الانتظار : معاناة المهاجرين في الغابات : على بعد كيلومترات من سبتة تستقبل غابة بليونس في منطقة تطوان آلاف المهاجرين غير الشرعيين و هنالك بعض الجزائريين و التونسيين و الموريتانيين و الاغلبية من مالي و النيجر و ساحل العاج و يزداد في الاخيرة عدد القادمين من افريقيا السوداء لمحاولة العبور من المغرب إلى أوربا ، و يقطعون آلاف الكيلومترات سيرا على الاقدام عابرين الصحراء قال أحدهم " انظروا إلى هذه المغارة التي أعيش فيها انظروا إلى معاناتي ، ماذا بامكاني أن أفعل فليساعدني الله على الرحيل من هذا البؤس ، " و قال آخر " نحن هنا منذ ستة أشهر نقوم بكل شئ نغتسل و نأكل انظروا كيف نعيش " و تابع " نحن مجموعة من الافارقة نعيش هنا في هذه الغابة ونواجه صعابا كثيرة في مقدمتها الاحوال الجوية فها نحن في نهاية فصل الصيف و سيأتي فصل الشتاء دون أي حماية ، لقد تحولنا إلى حيوانات انقطع بها الطريق بينما يحق لنا أن نعيش ، لنا حق تناول الطعام و إرسال أبنائنا إلى المدارس لقد خلقنا الله متساوين " و أضاف " هناك أيضا مشكلة كبرى ، تجدون أمهات لاطفال في حالة صحية خطرة و ليست لدينا أدوية ، نمر بطروف صعبة و لا نملك ما نأكله و المياه غير صالحة للشرب " و يتطلب جلب المياه ساعات من العمل يوميا فالنبع يبعد 12 كيلومترا عن المعسكر . رحمة المغاربة و عطفهم الوسيلة الوحيدة للتخلص من الجوع كما يقول الضحايا ، إلا أن مساعدة المهاجرين غير الشرعيين جريمة يعاقب عليها القانون في المغرب ، و يبيعهم الصيادون أحيانا بعض ما يصطادونه من البحر و يضطر بعضهم لاكل الخنازير البرية ، و يرسل بعض المهاجرين أطفالهم للبحث في النفايات كما يحصل في الناظور القريبة من مليلة . علق أحدهم " أرايتم ما نضطر إلى عمله ، علينا البحث عن الطعام " و نادرا ما يسمح للمنظمات الانسانية بدخول المعسكرات " يأتي الحرس من فترة لاخرى فيحرقون الاغطية و يلقون القبض علينا لقد جرحت في احدى المرات و قد نجحت مرة في دخول الاراضي الاسبانية و لكنهم أمسكوا بنا و جردونا من ملابسنا ضروبنا ثم رحلونا " و تابع " تلك الدول الاوروبية المقابلة لنا و التي تتحدث كثيرا عن الديمقراطية فنحن هنا في المنطقة التي تنتمي للجميع ، الارض التي هي لكل انسان ، تعطيه حرية العيش أينما يريد " هناك من يحاول كل ليلة عبور الاسلاك الشائكة و لكن القليل من ينجح في ذلك حيث هناك مراقبة شديدة ، و من يصل إلى الاراضي الاسبانية يبق بعيدا عن الهدف . أغلبهم من الشبان الحاصلين على شهادات دراسية و عليهم إعالة العائلة التي بقيت في الوطن . تبدو لك أوربا من بليونس قريبة على بعد بضع كيلومترات فقط ، يبدو لك حلما يمكن تحقيقه ، فليتخيل المرء نفسه مكان هؤلاء الاشخاص الذين عبروا الحدود على مدى سنة أو سنتين و هم يقتربون من أوربا ، لا يمكنهم التوقف بعد أن وصلوا إلى هناك و ليس بالامكان التراجع ، و لذلك نجد منهم من يبقى السنة و السنتين في الغابة في ظروف صعبة ، و لكنهم يفضلون ذلك على العودة إلى أوطانهم . و تحاول بعض المنظمات مساعداتهم بيد أن قبضة السلطات المغربية تزدادا قوة و ذلك لتقديم دليل على حسن النوايا للاتحاد الاوروبي الذي يقدم بدوره مساعدات اقتصاديه للمغرب مقابل سيطرته أكثر صرامة على الحدود . و بالتالي تقف أوربا وراء قمع المهاجرين غير الشرعيين على ايادي غير أوروبية . و ليست المغرب وحدها فهناك تونس و ليبيا ، و ينطبق نفس الامر على تركيا فالدول التي ستنتمي للاتحاد الاوروبي ، أو تطمح لذلك تخضع للشروط نفسها ، هذا ما يحدث في أكرانيا ، و هو ما يصفه بعض الاوروبيين أنفسهم بالابتزاز الاوروبي " إذا أردتم المساعدات أيتها الدول القابعة في الجنوب أو أنت أيتها الدول الراغبة في الانضمام للاتحاد الاوروبي فعليكم الالتزام بقواعدنا الخاصة بالهجرة " . و لا يعني تأسيس مراكز لجمع الاجانب كما هو الحال في المغرب و ليبيا و اتخاذ اجراءات قمعية و تعزيز الرقابة على الحدود محاولة لمنع الهجرة فحسب ، بل اعتداء على حقوق الانسان التي نص عليها الميثاق العالمي لحقوق الانسان . و بهذه الاجراءات يتم خرق المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدول التي توجد بها معسكرات كاتفاقية جنيف الخاصة بالهجرة . فالمغرب و هو من الموقعين على اتفاقية جنيف لا يملك الاجراءات الخاصة باللجوء ، و لا يملك الوسائل المالية و القانونية لاتخاذها ، أما أوربا التي تتحدث كثيرا عن المبادئ فلا تبدي اهتماما كبيرا بحقوق الانسان . و مقابل ذلك يستمر أصحاب القوارب في جمع الملايين دون أن يزعجهم أحد . و تشكل الهجرة غير الشرعية في بلد فقير كالمغرب يعاني من بطالة مرتفعة الآمال بالرحيل . يحاول يوسف المغربي عبور المياه تجاه أوربا منذ أربع سنوات و انتهى به الامر وسط المياه أكثر من مرة ، شهد غرق العشرات و أعادته الشرطة الاسبانية إلى بلاده عديد المرات و لكنه لم ييأس بعد " يقول كثيرون إن أوربا ليس لديها ما تقدمه و ليس هناك ما يمكن عمله لكن الامور ستسير على أحسن ما يرام و سأكرر المحاولة حتى أصل إلى أوربا " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.