الدروز: حصان طروادة لتقسيم سوريا    برشلونة يقلب الطاولة على بلد الوليد ويبتعد بصدارة "الليغا"    ربيع الفنون بالقيروان يُنشد شعرا    عاجل/ قضية منتحل صفة مدير بديوان رئاسة الحكومة..السجن لهؤولاء..    في لقائه بوزراء .. الرئيس يأمر بإيجاد حلول لمنشآت معطّلة    الدوري الفرنسي.. باريس سان جيرمان يتلقى خسارته الثانية تواليًا    غدا: حرارة في مستويات صيفية    منير بن صالحة: ''منوّبي بريء من جريمة قتل المحامية منجية''    مؤشر إيجابي بخصوص مخزون السدود    صفاقس : المسرح البلدي يحتضن حفل الصالون العائلي للكتاب تحت شعار "بيتنا يقرأ"    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاواسط والوسطيات    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انقلاب حماس على فتح : فزع رسمي عربي و انهيار للثوابت الوطنية الفلسطينية ...
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 02 - 2008


:
واكب التلفزيون التونسي قبيل أيام ممثلا في قناته الفضائية تونس 7 موضوع سيطرة حركة حماس على السلطة الفلسطينية في حالة من التشنج والقلق الرسمي غير الطبيعي , حيث بدت الاستجوابات لبعض العينات المنتقاة من الشارع التونسي متوجسة خيفة من تبعات الزلزال الثاني الذي قامت عليه حماس بعد زلزالها الأول عبر الانتصار الواسع على حركة فتح في الانتخابات التشريعية .
كانت السهرة التونسية المشار اليها موجهة بشكل مرتب يوحي للجميع بانخراط بعض الرسميات العربية في الدفاع المستميت عن مشروع سياسي رسمي تربط بينه الكثير من الخيوط والقواسم الأمنية والتسلطية التي تخشى من المتحفز القادم ولاسيما اذا ماكان الداعمون له أو الواقفون وراءه من أنصار "الاسلام الاحتجاجي" ...
حضر في البرنامج التلفزيوني المذكور ضيفان بالأستوديو , أولهما من كوادر فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وثانيهما من كوادر الاعلام المكتوب في تونس الرسمية والمحروسة ,أما عبر الأقمار الصناعية فقد سجل التلفزيون التونسي وقد يكون لأول مرة حضور وزير الاتصال والاعلام الفلسطيني الدكتور مصطفى البرغوثي .
كان الحوار في مجمله ومن خلال ماتم ارفاقه من استجوابات أخذت من الشارع التونسي انتصارا بالضربة القاضية لحركة فتح "المسكينة" التي مورس عليها الظلم والانقلاب و"الجريمة" بطرائق غير انسانية ...
كان الهلع الرسمي والتونسي ليلتها على الشاشة صادما الى الدرجة التي ضحكت وقهقهت فيها مرات من فرط ماأصاب الساسة وأبواقهم الاعلامية من حالة فزع وارتباك ...
تزامن الحدث التلفزيوني التونسي بخصوص مستجدات قطاع غزة مع زيارة استعجالية ومعبرة عن الفزع من قبل السيد ياسر عبد ربه أحد القيادات البارزة في منظمة التحرير , أداها في توقيت حرج وفي زيارة رسمية لافتة لتونس ...
العديد من الاستفهامات جالت بخاطري وأنا أتابع حجم الارتباك الرسمي في تونس على ضوء اسقاط جمهورية "ائتلافستان" الغزاوية واستبدالها بجمهورية محاصرة ومجوعة حملت اسم جمهورية "انقسامستان" الحمساوية ...
لم أقف كثيرا على تفحص مدى مشروعية هذا الانقلاب الحمساوي من عدمها , ولم ألتفت كثيرا الى الهزيمة الساحقة والسريعة والغرائبية لجمهورية الأمن الوقائي للجنرال دحلان , ولم ألتفت كثيرا الى منطق الأرقام البشرية والمادية في المقارنة بين امكانيات كتائب الأقصى والشرطة الفتحاوية وجهاز الأمن الوقائي وماواجههما من تحالف حزبي حمساوي عماده الشرطة التنفيذية وكتائب القسام , بل انني رحت متأملا في مايمكن أن يترتب عن هذا الانقلاب المسلح على مصير القضية الفلسطينية بدرجة أولى ثم الوضع الأمني والسياسي لدول الطوق والجوار : -مصر , لبنان , الأردن , سوريا , اسرائيل- , يليها بعد ذلك النظم الرسمية العربية التي كثيرا مااعتدت بقدرتها على اجهاض القوى المعارضة ولاسيما الاسلامية منها ...
فكرت بلاشك في ردة فعل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والجامعة العربية وجمهورية مصر والمملكة الأردنية والدولة العبرية وتأملت في دواعي الموقف التونسي المتسم بشديد الارتباك والقلق العميق ..., وتابعت في الأثناء وفي شغف غير معهود أخبار ومصير مستشار الأمن القومي الفلسطيني العقيد دحلان ...
وبين هذا وذاك كنت أتساءل عن موقف الشارع الفلسطيني من الحكام الجدد للقطاع , فيما تأملت وبالتزامن في دلالات الدعم الأمريكي والاسرائيلي المباشر للرئيس محمود عباس , في وقت كان ينظر فيه والى زمن غير بعيد لحركة فتح وقادتها نظرة الوطني الشريف الذي يناضل من أجل استرجاع الأرض واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ...
انقلاب حماس على فتح في قطاع غزة حول أوربا وأمريكا واسرائيل والعديد من الأنظمة العربية المنغلقة أصدقاء غير طبيعيين لفتح في الضفة , وكان القرار برفع الحصار الاقتصادي والمالي وحتى العسكري عن الضفة الغربية !
الانقلاب الذي قامت به حماس في غزة وان كان في تقديري من حيث الظاهر خطرا حقيقيا على التقاليد السياسية الطبيعية في التداول السلمي على السلطة , الا انه كشف القاسم الجامع بين الشرق والغرب ,وبين الرجعيين والتقدميين ,وبين الحداثيين الصناعيين والحداثيين المتصنعين, وبين العرب والعجم في نظرتهم الى قضية الشرق الأوسط وقضية الأقصى وفلسطين , حيث يجتمع كل هؤلاء على ترسيخ المصالح السياسية والاستراتيجية القائمة وان كانت مستبدة وجائرة على حساب حق الشعوب في الاستقلال وتقرير المصير ...
لم يعد غريبا أن يتحدث العقيد دحلان مبررا الهزيمة العسكرية الفتحاوية بتأخر الامداد الاسرائيلي بالسلاح أو ايقاف الدعم الأمريكي بالمال , أو غير ذلك من مسوغات كانت تمثل خطا أحمرا فلسطينيا بين كل الفصائل والتيارات ...
ولم يعد غريبا أن تصبح الشرطة الفتحاوية "المنهزمة" تتلقى العلاج في مستشفيات الدولة العبرية , أو أن يتم انقاذ بعض قادتها على المعابر الاسرائيلية تحت اشراف رسمي ممن يسميه الفلسطينيون والعرب بدولة الاحتلال...
الانقلاب الحمساوي أسقط شرعيتين سياسيتين في بضعة أيام , أولاهما شرعية الحكم بالتداول السلمي على السلطة وثانيتهما شرعية سياسية عربية رسمية كثيرا ماتغنت بتحرير المقدسات من المحتل , ليصبح بذلك الانقلاب مبررا للتنسيق المشترك بين قوس نعتته بعض القوى الكبرى ب"قوس الاعتدال" وبين نظام عالمي جديد تقوم فيه السياسات ليس على احترام حقوق الانسان وارادة الشعوب وسيادة الدول وانما على فرض الأمر الواقع وتكريسه ولو من منطلق يدوس على كرامة الشعوب وحقها في الاختيار الحر أو حقها في اعلان سيادتها واستقلالها على أرضها وترابها .
لا أريد مطلقا في نهاية هذا التحليل تبرير أو تشريع ماقامت به حماس في قطاع غزة , بل انني لاأعزل ماحدث في القطاع عن أجندة الصراع الاقليمي والدولي بين المحور السوري والايراني والمحور الأمريكي الاسرائيلي , غير أنني أؤكد على أن القضية الفلسطينية تعيش مرحلة مفصلية في تاريخها ,فاما تصحيح وتعديل للمسارات على أرضية الفصل بين المصالح الانية الفاسدة والمصالح الاستراتيجية الثابتة , أو ادخال للبيت الفلسطيني في دوامة ثقب أسود يضيع سلم الأولويات الهامة ويئد المشروع الوطني في خندق التناحر الداخلي الذي كان سببا تاريخيا رئيسا في اسقاط ملوك الطوائف وممالك غرناطة وقرطبة وطليطلة... وضياع ريح أمة ذات تاريخ عريق ومصير حضاري وانساني مشترك .
حرر بتاريخ 20 جوان 2007
*كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.