من الميزات التي تتوفر في الاستاذ محمد جمور المرشح لرئاسة فرع تونس للمحامين هي مروره من جمعية المحامين الشبان الى عضوية الفرع ومنها الى الهيئة الوطنية. وهذه الخصوصية تجعله مطلعا على العديد من الملفات والتوازنات كما تجعله على علاقة واسعة مع زملائه المحامين. «الشعب» التقت الاستاذ محمد جمور المرسوم بافكار سياسية لتحاوره حول اعقد الملفات وجوانب ازمة المحاماة بما في ذلك الدرجة العالية لتسيس القطاع ومدى تأثيره على أداء الهياكل المهنية. مررت من هياكل عديدة في القطاع، ما الذي جعلك تقدم ترشحك هذه المرة الى رئاسة الفرع الجهوي بتونس؟ في الحقيقة لم أقرر الترشح إلا بعد آن استشرت اعضاء في مجلس الهيئة . وقد كان أغلب الأعضاء مقتنعين ان الأستاذ جمور مازال مفيدا في هياكل المهنة من حيث الاداء والالتزام المهني، كما استشرت الكثير من الزملاء من خارج هياكل المهنة، وقد وجدت تشجيعا كبيرا من قبلهم. ومن ناحية أخرى فقد كسبت الكثير من النضج والخبرة سواء على الصعيد العلمي والصناعي أو على مستوى التسيير. واعتقد أن هذا النضج المهني والمرور التدريبي من جمعية المحامين الشبان وفرع تونس ثم الهيئة الوطنية تعتبر كلها شروطا ضرورية لضمان النجاح والقدرة على التسيير. وأقول ان المحاماة قد اعطتني الكثير على مدار 21 سنة من حيث التكوين والصداقات وهذا ما يمثل دينا بالنسبة إلىّ ويدفعني الى أن لا اكون جحودا ضد مهنتي وزملائي وبالتالي سأكرس كل جهدي وتجربتي المهنية لخدمة القطاع وزملائي على حدّ السواء. اما السبب الاخير، فهو انني اصبحت اعرف خصوصية المهنة وابرز الملفات خاصة بعد مشاركتي في العديد من المحطات والمفاوضات والملفات كذلك. ما نلاحظه هو ترشح العديد من الوجوه ذات الثقل الكبير لرئاسة فرع تونس كيف تتوقعون التنافس مع زملاء عملت معهم صلب هياكل مختلفة داخل القطاع؟ خلافا لبقية الزملاء المترشحين، فإني مررت بجميع هياكل المهنة من جمعية المحامين الشبان الى فرع تونس الى مجلس الهيئة الوطنية للمحامين الذي كنت كاتبا عاما له خلال ثلاث سنوات من 2001 2004 ثم عضوا من 2004 الى .2007 وأعتقد أن الترشح لاي خطة كانت في هياكل المحاماة، يجب اعادة النظر فيها، لان المقاييس الحالية غيركافية. وأرى ان التدرج كما قلت سابقا والتجربة المهنية التي لا يمكن ان تقل عن عشرين سنة هما معياران أساسيان ومتضافران يجب ان يتوافرا للمترشح لرئاسة الفرع أو للعمادة، أما فيما يتعلق بدرجة التنافس وطبيعته، فإنه سيكون على قاعدة هذين المعيارين وما سيقدمه المترشح من تصورات وما يملكه من الرصيد المعنوي الشخصي لدى زملائه مثل الحرفية التجربة الصناعية الاستقامة النزاهة ودفاعه عن زملائه والمهنة وحضوره واشعاعه. لكن عادة ما ترتبط الانتخابات بتحالفات سياسية تمثل أحد العوامل الرئيسية للنجاح؟ أشاطرك الرأي في ان قطاع المحاماة هو من أكثر القطاعات تسيسا وذلك بالرجوع الى العديد من الاسباب التاريخية قبل 1956 وبعد 1956 وتكوين المحامين ودور المحامين في الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم وتعود درجة تسيس المهنة الى محاولة جهات ترويض القطاع الذي لا يزال يعبر عن تشبثه باستقلالية قراره في اختيار من يمثله ورفضه الانسياق أو أن يوظف من اي اتجاه سياسي كان. وأنا متمسك بكل هذه الثوابت داخل المهنة، والانتخابات داخل القطاع هي انتخابات مهنية، ورغم ان الصداقات أو الانتماء السياسي يلعب دورا في دعم هذا المترشح أو ذاك من قبل عدد المحامين لكنه يظلّ عنصرا غير محدد وأنا لا أقوم بحملة انتخابية على أساس المعيار السياسي، بل ان احاسيس المهنة هي التي تقودني في حملتي الاتنخابية وهو ما لا يعني أيضا انني لا احظى بثقة الناشطين في العمل السياسي . واقول انني لن احصر حملتي الانتخابية في هذه المجموعة فقط. وكان دائما سلوكي قائما على أولوية الدفاع عن مهنة المحاماة ، لا عن المحافظة على الصداقات السياسية والشخصية. ويمكن ان اضحي بصديق متعاطف معي سياسيا أو اتقاسم معه افكارا سياسية مقابل التمسك بالمهنة واستقلالية وحقوق زملائي. يبدو أن مؤسسة العمادة ورئاسة فرع تونس عنصران مهمان في خلق تجانس اوسع في أداء مهنة المحاماة عامة فلو نلت ثقة زملائك، فمن تفضل العمل معه على رأس عمادة المحامين؟ سأتعامل مع العميد الذي سينتخبه المحامون، بقطع النظر عن ميولاتي لأن المسألة تتجاوز الاشخاص باعتبارها قضية مؤسسات. وداخل مجلس الفرع، سأتعامل وسأشرك جميع الزملاء في أخذ القرار بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية فوحدة هياكل المهنة، هي شرط اساسي لقيام الهياكل بدورها الطبيعي، ولن أدخل في اي شكل من أشكال المواجهة مع اي عميد منتخب وقد كان سلوكي وأدائي دائما على هذا النحو، ولا أدل على ذلك سوى وصول العميد عبد الستار بن موسى الذي لم اصوت لفائدته . ولكن تعاملت معه بشكل جدي ومسؤول، ويعود ذلك الى تجربتي المهنية وقناعتي السياسية التي رسخت القناعة بطبيعة قبول رأي الأغلبية وعدم إفشاء سر مداولات الهياكل، وهذا كل ما يعرف عن الاستاذ جمور لدى غالبية المحامين. ما نلاحظه أيضا ان خلية المحامين لن ترشح أي كان من اعضائها سواء بالنسبة للعمادة أو بالنسبة لرئاسة الفرع كيف تقرأ هذا الموقف وكيف تقيم درجة تأثير الخلية في الانتخابات القادمة؟ من قال لك ان الخلية لم ترشح أي عضو أو لن تساند مترشحا ما فالاستاذ الشملي محام ينتمي الى التجمع مثلما انتمي انا الى حزب سياسي. وان كان كثير من المترشحين لا يعلنون عن انتماءاتهم السياسية، فهذا أمر يهمهم واحترم مواقفهم. أما أنا، فلا يمكن لي «استبلاه» الزملاء. اذ انا بقناعات سياسية معروفة لدى الجميع، لكني اثبت من خلال تجربتي في هياكل المهنة أنني لا اخلط بين الشأن السياسي والشأن المهني ولم أوظف وجودي في الهياكل التسييرية للمحاماة للحزب الذي اتشرف بالانتماء اليه ولن اتخاذل في الدفاع عن المحاماة لخدمة اهداف حزبية ضيقية. لكن هناك من يرى أن من وجوه أزمة المحاماة درجة التسييس والتوظيف. فبماذا تجيبهم ؟ لا اعتقد ان بعض وجوه أزمة المحاماة ترتبط بأسباب سياسية . وأنا ايضا على يقين أن كل هياكل المهنة لم تقدم مطالب سياسية ، بل كل مطالبها تظل مهنية بالاساس ونقابية بصورة عامة، ولم تطالب لا باقالة مسؤول وتنصيب آخر مثلا. فهياكل المهنة طالبت بأن تعامل باحترام وان يقع التفاوض معها بنزاهة وأن يقع تطبيق كل الوعود والاتفاقيات. وان كانت هذه المطالب سياسية، فقد نزلنا بالوعي السياسي الى أدنى مستوياته. وكل ما اطلبه من السلطة التعامل مع ما يفرزه صندوق الاقتراع تعاملا مسؤولا وجديا ونزيها بغض النظر عن الانتماء السياسي. لان من اختاره المحامون له مشروعية ويحظى بثقة زملائه وتمشياتهم واثبتت التجربة ان في كل بلدان العالم ان النقابيين الذين لهم مسؤوليات سياسية هم الأكثر حرصا على ايجاد الحلول نظرا لما يتمتعون به من مرونة في التعامل مع الجهات المسؤولة مع تمسكهم بالثوابت والقيم التي يدافع عنهم منظوروهم. هناك شعارات مثل الديمقراطية والحريات والمساواة تهيمن على قطاع المحامين و توسمه بهذه الصفة، لكن ما نلاحظه ان قطاع المحاماة ظلّ قطاعا «رجاليا» وخاصة على مستوى سنة ترشح المحاميات فماذا تفسر هذه المفارقة؟ أولا أؤكد على انني سأترشح وسأتحمل مسؤولية لولاية واحدة في صورة نلت ثقة زملائي، لاني أومن بالتداول. ثانيا، رغم أن القانون يمنح لرئيس الفرع وحده العديد من الصلاحيات فأنا سأمارسها بتشريك جميع اعضاء الفرع وخاصة على صعيد الاحالات . ثالثا لقد سعيت لدى العديد من الزميلات اللاتي يشاطرنني الرأي بأن يقبلن الترشح لهياكل المهنة ايمانا مني بأن 38 من المحامين هم من الزميلات ويحق ان يقع تمثيلهن تمثيلا مناسبا لحجمهن داخل القطاع ، ثم ان المحاميات لا يقلن نضجا وتجربة وكفاءة واخلاصا ونضالية عن المحامين الذكور. وقد اثبت البعض منهن هن جدارتهن بتحمل المسؤولية. واتمنى ان تمثل الزميلات المحاميات بعدد مهم في مجلس فرع تونس. ما نلاحظه أيضا على مستوى الترشحات الى هياكل المهنة هيمنة الوجوه التي تعودت المسؤولية صلب الهياكل في حين ان القطاع يشهد ارتفاعا واضحا للشباب، ألا تعتبر هذه المسألة ضربا من ضروب الاحتكار والوصاية ؟ انها ليست وصاية او احتكارا بل اعتقد ان عامل التجربة والطموح وغيرهما تدفع بالزملاء للترشح . وهناك من تدفعه الرغبة أيضا لخدمة المحاماة أيضا. لكن هذا لا يمنع من تحقيق معادلة انتخابية تضمن المزج بين فئة الشباب واصحاب التجربة. وارى أن قانون المحاماة لا يضمن تحقيق هذه المعادلة. والاحظ أيضا ان هناك عزوفا لدى العديد من المحامين الشبان في الترشح أو تحمل المسؤولية، وقد يعود ذلك الى درجة الإحباط أوالخوف أو غيره من الاسباب. ما الذي يمكن أن تقدمه لاكثر من ثلثي المحامين في صورة وصولك الى رئاسة اكبر فروع القطاع؟ سأكون موجودا بصورة دائما الى جانب كل زملائي وسأسخر كل الوقت لفائدة الفرع، وسأتجند للدفاع عن المحامين بغض النظر عن انتمائهم الفكري واقدميتهم في المهنة، وسأتولى الدفاع عنهم بكل جرأة لدى أية جهة كانت وسأسعى الى تحسين ظروف ممارسة المهنة وقيام الدفاع بواجبه على أحسن وجه مع قناعتي ان تحسين ظروف مباشرة مهنة المحاماة يستوجب من الدولة الاهتمام بالمرفق العام للعدالة بما يعني، يجب ان تكون محاكمنا لائقة اكثر وان يزداد عدد القضاة للقيام بمهامهم وكذلك عدد الكتبة. ويجب تفعيل النصوص القانونية الموجودة والتي تحمي حقوق الدفاع ، يجب على كل السلط احترام المحامين ومساعدتهم على أداء مهامهم وسأولي اهتماما بالتكوين العلمي والتكوين في مادة اخلاقيات مهنة المحاماة وسأقاوم بحزم ظاهرة السمسرة وكل التجاوزات التي تمس من اعتبار هياكل المهنة ، وسأطالب بالترفيع في منحة التسخير الى مبلغ محترم لا يقل عن مائتي دينار . كما اتعهد في اطار مجلس الهيئة الوطنية على تفعيل اتفاقيات التعاون مع هيئات المحامين الصديقة من أجل تمكين المحامين وخاصة الشبان منهم من الاطلاع على تجارب أخرى في نطاق ترقيات مهنية. كما سننظم دروسا في اللغات الاجنبية للمحامين ودورات تكوينية في مادة الاعلامية ووسائل الاتصال وكذلك حلقات تكوين في المواد القانونية والمواد العلمية. وسأحرص على دعم المكاسب التي حققها زملائي ورؤساء الفرع السابقون فأنا لست عدميا، انا اريد اضافة حجر لما سبق ان شيده من سبقني الى رئاسة الفرع. وبناء عليه أدعو جميع الزملاء الذين لهم حق التصويت الى الحضور بكثافة خلال الجلسة العامة الانتخابية للادلاء باصواتهم، لان في ذلك خير دعم للديمقراطية داخل المحاماة وفيه تعبير لمشروعية من سيمثلها ودعم معنوي مهم في مواجهة التحديات .