تونس: تراجع عدد الولادات...الأسباب    الاتحاد الاوروبي يشدد في سياسة الهجرة..#خبر_عاجل    المنتخب التونسي لكرة القدم يشرع في تحضيراته لامم افريقيا يوم 12 ديسمبر بطبرقة واللقاء الودي مع بوتسوانا خلف ابواب مغلقة    عاجل-محرز الغنوشي يُبشّر: هذا هو موعد عودة الأمطار لتونس..وهذه المناطق المعنية    حالة فوضى إثر تعطّل إنطلاق اختبارات الأسبوع المغلق في هذا المعهد..#خبر_عاجل    يدهس خاله حتى الموت بسبب الميراث    الإفراج عن طالب الطب محمد جهاد المجدوب    تسمم جماعي لركاب طائرة متوجهة من شنغهاي إلى موسكو    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو إلى المشاركة في حماية المناخ    ليبيا: فندق للقطط بخدمات فاخرة (صور)    مباركة البراهمي ل «الشروق»: أجندا إسقاط الدولة لن تمرّ    292 مخالفة اقتصادية خلال شهر بهذه الولاية..    كفاش تعرف الى عندك نقص في فيتامين B 12 ؟    حذاري: كان تعمل الحاجات هذه تهلك دُهن ''الكرهبة''    عاجل: كانك تُسكن في الإمارات رُّد بالك تعمل ''المخالفة'' هذه...تكلفك 5 ملايين درهم    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 6 شبان فلسطينيين بالضفة الغربية..#خبر_عاجل    نائب بالبرلمان : ''تونس لازم تحرك قوانين الصرف واستعمال الدرون''    تحذير: قاطو رأس العام حاضر منذ 4 أشهر...يتزين ويتباع آخر لحظة    استغل هاتف الوزارة للاتصال بخطيبته: السجن وخطية لموظف بوزارة..    عاجل/ يهم المواطنين: بداية من اليوم..لا أدوية بهذه الصيغة..    هام/ مؤسسة التلفزة التونسية تنتدب..    شوف شنوة ال 5 حاجات تقولهم المرأة والراجل يفهمها بالعكس    المنتدى الابداعي... المسرح الفن الموسيقى والعلاج "يوم 13 ديسمبر 2025 بالمعهد الفرنسي بتونس العاصمة    قدّاش من كرهبة تستوردها تونس في العام؟    شمال إفريقيا: 2024 عام قياسي في الحرارة... وهذه الدولة تسجّل أعلى درجة    عاجل: عدد السكان يزيد بسرعة... هذه المدن العربية تسجل أكثر عدد    الدكتور رضا عريف للتوانسة: هذه أعراض النزلة الموسمية...والحالات هذه لازمها طبيب    كأس العرب: المنتخب المصري يلتقي نظيره الأردني بحثا عن التأهل لربع النهائي    الرابطة الثانية: تعيينات منافسات الجولة الثالثة عشرة    ما مدى الانقسام داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن خفض أسعار الفائدة؟    Ooredoo تونس تتعاون مع Oredata وGoogle Cloud للمساهمة في تطوير تجربة الحرفاء والتسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي    كأس العرب قطر 2025: المنتخب الجزائري يسعى لحسم تأهله لربع النهائي في مواجهة العراق    خلال سنة 2025: الديوانة التونسية تحجز 14 كلغ من الذهب    تونس تحتضن قمة الاستثمار والابتكار يومي 28 و29 جانفي المقبل    كأس العرب قطر 2025: منتخبا الإمارات و الكويت يتطلعان للفوز وانتظار هدية التأهل    حماية مدنية : 382 تدخلا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية    اليوم.. قمة عربية ساخنة بين المغرب والسعودية في الجولة الثالثة من كأس العرب    بطولة اسبانيا : خسارة صادمة لريال مدريد على أرضه من سيلتا فيغو    العربي سناقرية: "بعد ما فعله منتخب فلسطين لا يجب أن نشجع سوى منتخب تونس"    فيلم 'سماء بلا أرض' يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    التسامح وبلوى التفسّخ    عاجل: سامي الطرابلسي يُحمل مسؤولية الخروج للكاف    مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة    طقس اليوم: سحب عابرة على كامل البلاد    عاجل/ هذه الدولة تلغي إعفاء الفلسطينيين من تأشيرة الدخول..وهذا هو السبب..    ارتفاع عدد الوافدين الجزائريين على المعابر الحدودية البرية بجندوبة بنسبة 24,31 %    الرواية في عصر الثرثرة.. مسيرة الأمين السعيدي نموذجا    محمد العزيز ابن عاشور يقدم بمدينة المرسى كتابه الجديد" المدينة في زمن الباشاوات والبايات فن العمارة والمجتمع والثقافة "    حَقُّ التّحْرِيرَيْنِ وَوَعْيُ التّحْرِيرِ: جَدَلِيّةُ الْوَعْيِ الْمُحَرر    "سماء بلا أرض" لأريج السحيري يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    بالفيديو: تخريب ورشة أطفال بمرسى السعادة وسرقتها يثير غضب الأهالي وصدمتهم    المغرب.. "أغاني فيروز" تكلف صاحب مقهى غرامة مالية    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    أولا وأخيرا .. أزغرد للنوّاب أم أبكي مع بو دربالة ؟    قبول الديوان لزيت الزيتون من الفلاحين مباشرة ساهم في تعديل الأسعار وانعكس على تواصل عمليات الجني والتحويل في ظروف ميسرة ( ر م ع ديوان الزيت)    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    حجز 956 قطعة مرطبات و11 طنا من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك..    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن في مرحلة تقسيم غنائم القرن الحادي و العشرين؟
نشر في الوسط التونسية يوم 14 - 07 - 2007

لم نتعجب من الأصداء الواسعة التي حظيت بها زيارة الرئيس الفرنسي الجديد الى دول المغرب العربي خلال الأيام الأخيرة لأن الأمر يتعلق باعادة تشكيل العلاقات الدولية على أسس استراتيجية مختلفة في اقليم البحر الأبيض المتوسط شديد الحساسية و الذي تنعكس التطورات فيه على العالم بأسره بسرعة و بطريقة العدوى منذ ثلاثة الاف سنة.
فالمغرب العربي يقع في منعطف طرقات الجغرافيا و التاريخ والحضارة بين قارات افريقيا وأوروبا و اسيا، و يحمل بالطبع هموم التحولات العملاقة التي تطرأ على العصر من جراء العولمة و الغاء الحدود و انتقال الأفكار والايديولوجيات و البشرو البضائع بخيرها و شرها بين الأمم. ثم ان الأحداث الأخيرة منذ سبتمبر 2001 أكدت سرعة انتقال بذور العنف من المشرق الى المغرب بسبب اتساع وسائل الاتصال و انتشار أجهزة الاعلام و التحام شعوب العرب و المسلمين أمام القهر و التحديات و المظالم. فالذي يحدث في الجزائر مثلا من اعتداءات ارهابية تتبناها القاعدة(اخرها في ثكنة الأخضرية) لم يعد يختلف في المبعث و المصدر و التقنيات عما يحدث يوميا في العراق و أفغانستان.
لكن هذه الحقائق ليست هي الأهم في زيارة ساركوزي الى الجزائر وتونس في انتظار زيارة الرباط، لأن القوى العظمى كالولايات المتحدة و روسيا أو الصاعدة كالصين أو التي كانت أمبراطوريات ثم أفل نجمها كفرنسا وبريطانيا تسعى جميعا الى تقاسم الغنائم في مطلع القرن الحادي والعشرين تماما كما تقاسمت الامبراطوريتان الفرنسية و البريطانية غنائم العالم الاسلامي العثماني في بداية القرن العشرين بواسطة معاهدة سايكس بيكو يوم 16 مارس 1916.
نعم ! ان التاريخ كما يقول فرناند برودل فيلسوف التاريخ مسلسل اعادة انتاج للفواجع الانسانية بأشكال مختلفة، لكن بذات المنطلقات و نفس الاثار و التداعيات الفادحة. و نحن العرب اذا لم نستيقظ على هذه الحقائق الخالدة و النواميس الدائمة في منطق التاريخ سنجد أنفسنا بعد صفقات تقاسم الغنائم مجرد بضاعة بخسة الثمن في سوق المزايدات الدولية بلا أي تحكم في مصائرنا.
ان مشروع الاتحاد المتوسطي الذي يدعو اليه ساركوزي لا يخفي برامجه وراء الأسباغ و المساحيق، بل يعلن بأن الغايات الأمنية ( لحماية الاتحاد الأوروبي !) هي الأولوية لباريس مع تأكيده في تونس بأن أولوية الدبلوماسية الفرنسية هي أمن اسرائيل أولا ثم انشاء دولة فلسطينية ثانية مع أن الرئيس الفرنسي هو سيد العارفين بأن العدوان الاسرائيلي المستمر منذ 1967 جعل تأسيس دولة فلسطينية أمرا مستحيلا!
و بالطبع فان الهدف الأوروبي نبيل مشروع لكن هل يمكن حماية أوروبا من أشباح التهديد الارهابي دون ايجاد الحلول الجذرية و العادلة و الشاملة لقضايا فلسطين و العراق؟ و هل يكفي أن تنسق الدول على ضفتي المتوسط جهودها في البر و البحر حتى يغيب شبح العنف نهائيا؟ ان الغرب بما فيه الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي ما يزال يتعثر و يتلعثم و يتردد أمام مأساة شعب فلسطين الذي يدفع دفعا الى الحرب الأهلية، في حين يتحول العراق تدريجيا و بخطى ثابتة الى ما سماه الأسبوع الماضي رئيس أركان الجيش الفرنسي الجنرال جون لويس جورجولان بالماخور العجيب!
أما حماية أوروبا من الهجرة السرية فلن تنجزها بعض خافرات السواحل حتى لو اجتمعت قيادات الحرس الحدودي في الاتحاد المتوسطي شمالا وجنوبا و شرقا و غربا، لأن الحل الجذري الى جانب الحراسة الحدودية هو اقامة الشراكة الاقتصادية الحقيقية بين بلدان الشمال و بلدان الجنوب و الذي ظل حبرا على ورق برشلونة و اتفاقيات خمسة زائد خمسة منذ عشرة أعوام. مع أن أوروبا تعلم بأنها هي ذاتها لم ينقذها و لم ينهض بها بعد ويلات الحرب العالمية الثانية سوى اتفاق شراكة مارشال الذي أنفقت فيه واشنطن على الحليف الأوروبي المعاق 68 مليار دولار! فماذا تفعل فرنسا و أوروبا اليوم تجاه المغرب العربي وهو الاقليم الذي يشتبك أمنه مع أمن أوروبا التي لاتبعد عنه سوى 14 كيلومتر و كذلك يرتبط نموه الاقتصادي بنمو أوروبا أكثر بكثير من بلدان أوروبا الشرقية، بالاضافة الى أن وشائج الثقافة و التاريخ و الحضارة شكلت جسورا طبيعية بين شمال و جنوب البحر المتوسط.
و بالطبع فان عين ساركوزي كانت على الزيارة التي قام بها مساعد الرئيس بوش للأمن القومي السيد فرنسيس تاونسيند لاقليم المغرب العربي ليطلب انشاء قاعدة أمريكية فيه مستعملا فزاعة القاعدة البنلادنية، والرئيس الفرنسي يدرك بأن السباق بين أوروبا و الولايات المتحدة أصبح شرسا وأن الصين تحولت الى الشريك التجاري رقم واحد مع بعض بلدان المنطقة.
وفي نفس الأسبوع كان الرئيسان بوش و بوتين يصطادان السمك في البحيرة العائلية لال بوش بمنتجع كينيبونبورت، و يخططان لنشر درع الصواريخ المشترك بين الولايات المتحدة و روسيا بعيدا عن وجع الرأس الأوروبي، بل و لم تتردد نشرة (ستراتيجيك ألرت) الأمريكية القريبة من مراكز صنع القرار من وصف القمة بأنها قمة تحديد النظام العالمي الجديد.
كل هذه الأحداث لا تتقاطع بالصدفة انما يجب أن نقرأها نحن العرب قراءة واقعية و عميقة لأن ما يجري هو اعادة سيناريو سايكس بيكو بلاعبين جدد في لعبة ذات قواعد مختلفة لكن بنفس الضحايا!! فاعتبروا أيها العرب وقديما قال الامام علي كرم الله وجهه: ما أكثر العبر و ما أقل الاعتبار!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.