يعتبر القطاع البنكي من مقومات المنظومة الاقتصادية الوطنية، اذ ان قطاعا بنكيا ناجعا سيمثل في المستقبل خير ركيزة لاقتصاد متحول، يتجه أكثر فأكثر نحو الخدمات والاقتصاديات الحديثة, وبالتالي بدأت الدولة مشروعا لتحديث واعادة تأهيل هذا القطاع من خلال نص تشريعات جديدة واعادة صياغة البنك المركزي وعلاقته بمختلف المؤسسات المالية، كما يندرج هذا في رغبة الدولة في انصهار اقتصادنا في الاقتصاد العالمي وتطابق قوانينه المنظمة مع معايير السوق المالية. غير أن تقريرا صدر مؤخرا عن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي حول مدى مطابقة القطاع البنكي التونسي لبعض المواصفات والمبادئ التي تندرج ضمن ما يعرف باتفاقية (بال 2) والذي يدعو فيه المؤسسة المشرفة، أي البنك المركزي، لمضاعفة المجهود لتحسين النظام البنكي. وقد تركز التقرير أساسا حول دراسة وتحليل التشريعات البنكية المعتمدة ومدى تطبيقها على أرض الواقع. و انتهى التقرير الى ضرورة دفع نسق تحديث القطاع البنكي خاصة من ناحية الأنظمة المعلوماتية . كما أقر بارتفاع نسبة القروض الغير منتجة ، اذ تمثل 20 % من مجموع القروض ، وكذلك ضعف نسبة التغطية. هذا وقد أشار التقرير الى ضعف جودة المعلومات البنكية المنشورة للعموم، وغياب الانظمة والآليات لوقاية البنوك وتأمينها من المخاطر أو حل لمشاكلها حين وقوعها. كما أصر التقرير على سياسة القروض المعتمدة، اذ ترتكز هذه السياسة أساسا على الضمانات عوضا عن البحث في مدى إنتاجية القرض ونسبة مخاطره. كما تتسم هذه السياسة بالمركزية المفرطة في أخذ القرار ممّا يوجب اعادة النظر في شروط الحصول على القروض واضفاء أكثر نجاعة في متابعة حافظة الأوراق المالية وفي التحكم في مخاطر القروض. هذا وقد أكد خبراء البنك العالمي وصندوق النقد الدولي على ضعف مدخرات البنوك لتغطية مخاطر القروض وخاصة القروض الغير المنتجة، هذا مع التنصيص على الاجحاف في الشروط والضمانات المتحصل عليها من الحريف. كما سلط التقرير الضوء على غياب المراقبة على المجموعات البنكية والبنوك الاجنبية التي تنشط في تونس. وفي اطار مقاومة تبييض الاموال ومحاربة تمويل الارهاب، سجل التقرير تحسنا ملحوظا، غير أن الانظمة المعتمدة ليست مطابقة للمواصفات الدولية، كما سجل غياب الاتفاقيات مع هيئات المراقبة الاخرى ، الوطنية والدولية،لتبادل المعلومات . وعلى ضوء هذا التقرير الذي لا يعطي صورة لامعة للنظام البنكي التونسي يجدر التساءل حول ضرورة التسريع من نسق التأهيل حسب املاءات المؤسسات المالية الدولية على حساب نسق الاقتصاد الوطني وتطور حجم السوق المالية والبنكية الوطنية ؟ وأبعد من ذلك ، يجب أن نراجع علاقاتنا مع هذه المؤسسات واعادة النظر في الاتفاقيات المبرمة لان مثل هذه التقارير والاملاءات لا يمكن أن يكون الاّ تدخلا أجنبيا في نظامنا الاقتصادي والمالي انطلاقا من مبدأ وجوب استقلالية القرار في نظامنا الاقتصادي. الطباخ