طالبت روسيا بطريقة استعراضية هذا الأسبوع بجزء من القطب الشمالي. قام غواصون روس بركز العلم الروسي على عمق أربعة كيلومترات تحت القطب وعادوا حاملين عينات من القعر. لكن خبير الحقوق البحرية الهولندي أليكس أوده الفرينك يقلل من شأن هذه المطالبة. "القطب الشمالي صار لنا" هذا ما قاله برلماني روسي رافق فريق الغواصين. أثار ذلك فوراً ردود فعل سلبية في كندا والولايات المتحدة. يقول البلدان إن غرس العلم على القعر لا يعني شيئاً، وإن هناك إجراءات قانونية مقرة دولياً منذ سنوات حول المطالبة بحقوق الملكية لأجزاء بحرية تبعد أكثر من مائتي ميل بحري من حدود بلد ما. نجحت روسيا في أن تقدم خبراً ذا طابع استعراضي واضح في موسم الصيف الذي تقل فيه الأحداث السياسية الكبرى. إنه بالطبع إنجاز ليس بالهين أن يتمكن فريق من الغواصين من الوصول عمق أربعة كيلومترات تحت سطح القطب الشمالي، لكن الذي لفت الانتباه أكثر هو مطالبتها بامتلاك جزء من القطب الشمالي بسبب غرسها العلم الوطني هناك. فتحت هذه المطالبة مخيلة المعلقين السياسيين ووسائل الإعلام، وظهرت مقالات حول جيل جديد من الغواصات النووية تحت سطح المحيط المنجمد، وأخرى حول مساعي الدول العظمى في البحث عن مصادر جديدة للطاقة. يتوفر قعر المحيط، نظرياً على الأقل، على كميات كبيرة من النفط والغاز وغيرهما من المواد الأولية الثمينة. لذلك فمن الطبيعي أن تثير المطالبة الروسية بامتلاك القعر بكنوزه من المواد الأولية مخاوف لدى الدول الأخرى. فهل هذه هي المرحلة الأولى مما يسمى ب "السباق الأكبر" على مصادر الطاقة؟ ويقصد بذلك التنافس الجيوبوليتيكي بين روسيا والصين والولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية الكبرى على النفط والغاز كما حصل بشكل عنيف في القوقاز وآسيا الوسطى. لكن نظرة مدققة لما قامت به روسيا توصل إلى الاستنتاج بأن الأمور لا تسير كما يشتهي الروس، وأن كل ما قامت به موسكو هو عملية استعراضية لإعادة الحياة إلى مطالبة روسية قديمة سبق أن رفضت دولياً. هذا ما يراه الخبير الهولندي في مجال الحقوق البحرية في جامعة أوترخت د. أليكس أوده الفرينك. حسب رأيه فإن ركز العلم الروسي على قاع المحيط ليس له سوى قيمة رمزية، ويرجح أنها خطوة للاستهلاك السياسي، المحلي والخارجي، فحسب. فموسكو تعرف بالتأكيد، بسبب تجربة سابقة لها مع المطلب نفسه، بأن هناك قوانين وإجراءات دولية تضع أسس المطالبة بالحقوق البحرية في المناطق التي تبعد مائتي ميل بحري عن الحدود البرية. في عام 2001 قدم الاتحاد الروسي طلباً إلى الهيئة الدولية المستقلة التي تشرف على تطبيق "القانون البحري"، بتثبيت العائدية الروسية على الربع الشمالي الشرقي من القطب الشمالي وما تحته. ويعتبر "القانون البحري" أعلى مرجعية قانونية دولية في مجال الحقوق البحرية وهو ملزم لجميع الدول. قررت الهيئة الدولية المستقلة آنذاك، أن الطلب لم يتضمن الأدلة الكافية، وطلبت من روسيا تقديم المزيد من المعلومات. تستطيع أي دولة أن تطالب بقيعان بحرية خارج الحدود التجارية المحددة بمائتي ميل بحري، شريط أن تثبت الدولة المطالبة أن تلك القيعان تشكل جزءاً من جرفها القاري. حسب الباحث أوده الفرينك يتعين على روسيا، على الأرجح، أن تقدم أدلة جديدة لإقناع الهيئة المشرفة على تطبيق القانون البحري بمطلبها القديم حول تملك جزء من القطب الشمالي. لكن الباحث يعتقد أن جمع تلك الأدلة يحتاج إلى دراسات تستغرق عدة سنين. ويتوقع الخبير اوده الفرينك أن دولاً مثل الدنكارك وكندا ستطالب هي الأخرى بحصتها في القطب الشمالي. ويبدو أن من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن روسيا قادرة على أن تبدأ في وقت قريب بأعمال الحفر والتنقيب عم النفط والغاز في قيعان المحيط المنجمد، وفقاً لتحليل الخبير الهولندي.