أكد الطبيب الفلسطيني أشرف الحجوج أنه سيسعى بكل جهوده لمعرفة القصة الحقيقية لإصابة الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز، وهي القضية التي أدانه فيها القضاء الليبي. صرح الحجوج بذلك الأحد في مؤتمر صحفي بعيد وصوله إلى هولندا التي تقيم فيها عائلته اللاجئة. وقضى الحجوج أكثر من ثمانية أعوام في السجون الليبية مع خمس ممرضات بلغاريات، أدينوا جميعهم بتعمد نقل فيروس الإيدز إلى أكثر من 400 طفل ليبي. وبالرغم من إصرارهم على أنهم أبرياء فقد حكم عليهم بالإعدام، ثم خفض الحكم إلى السجن المؤبد قبل أن يتم نقلهم إلى بلغاريا التي أفرجت عنهم فور وصولهم إلى أراضيها. كان أشرف الحجوج يأمل بقضاء أوقات هادئة مع عائلته المقيمة في هولندا، لكن منزل العائلة في مدينة "فوردن" وسط هولندا كانت يوم الأحد أبعد ما تكون عن الهدوء. فقد تجمع صحفيون من وسائل إعلام هولندية وأجنبية أمام المنزل لسماع رأي الطبيب بما حصل. وقال الطبيب الحجوج أنه سعيد بهذا الاهتمام "أشعر بسعادة عظيمة. إنها لحظات يصعب وصفها. أكثر ما يسعدني هو رؤيتي للأهل من جديد." كشف الحقيقة لم يرغب الحجوج بالحديث عن تفاصيل الفترة التي قضاها في السجون الليبية، واكتفى بوصف السنوات الثماني التي مرت عليه هناك بأنها كانت "جحيماً، كابوساً بلا نهاية" وأضاف إنه هو والممرضات البلغاريات الخمس قد "تعرضوا للتعذيب كما لو كانوا حيوانات." لكن الطبيب الفلسطيني الذي يحمل الآن الجنسية البلغارية، بدا مصمماً على الكفاح من أجل الوصول إلى الحقيقة. يتهم الطبيب الحجوج ليبيا بممارسة الاختطاف والاحتجاز واستغلال القضاء، وسيبحث مع محاميه في الإمكانيات المتاحة لاكتشاف الحقيقة وإعلانها. في عام 2004 حكمت محكمة ليبية بالإعدام على الطبيب الفلسطيني أشرف الحجوج وخمس ممرضات بلغاريات بتهمة نقل فيروس الإيدز بشكل مقصود لأكثر من أربعمائة طفل خلال عملهم في أحد مستشفيات مدينة بنغازي. ومع إنكارهم للتهمة، وبالرغم من أن تقارير الخبراء أكدت براءتهم، لكن المحكمة العليا أيدت حكم الإعدام الابتدائي. لكن الضغوط السياسية الأوربية أسفرت في النهاية عن تخفيض الحكم إلى السجن المؤبد من قبل مجلس القضاء الأعلى، في صفقة سياسية مالية تضمنت تقديم تعويضات مالية لأسر الضحايا. يشكر أوربا في المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الأحد في مدينة فوردن، توجه أفراد عائلة الحجوج بالشكر لبلدية "فوردن" والحكومة الهولندية والملكة الهولندية بياتريكس، وقائمة طويلة من الأشخاص والمنظمات. اما الطبيب أشرف الحجوج فابدى شكره بشكل خاص لمفوضة الاتحاد الأوربي للشؤون الخارجية "بينيتا فيريرو والدنر" التي زارته في سجنه في 25 مايو من عام 2005 وأكدت له وقوف دول أوربا إلى جانبه. وقال الحجوج "أخبرتني أني مدرج ضمن الملف نفسه الخاص بالممرضات البلغاريات، وأن علي ألا أفكر أبداً بأنّ الأوربيين سيتعاملون بشكل مختلف مع قضيتي. قالت إن هناك 500 مليون مواطن أوربي يدعمونني ووعدتني بإخراجي من ذلك المكان. منذ تلك اللحظة كنت على ثقة بأنها ستبذل كل ما بوسعها لإنقاذنا." قال الحجوج أيضاً إنه غير متأكد ما إذا كان سيقرر الإقامة مع أهله في هولندا، وإنه سيغادر نهاية هذا الأسبوع عائداً إلى بلغاريا التي صار يحمل جنسيتها منذ مدة قصيرة. الصفقة من جهة أخرى نفت ليبيا أي علاقة بين الإفراج عن الممرضات والطبيب وبين صفقة السلاح مع شركة فرنسية- ألمانية. جاء النفي على لسان سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي، وهو ذاته الذي أثار هذا الموضوع حين صرح في وقت سابق بأن صفقة شراء الصواريخ المضادة للدبابات من شركة الأسلحة "إيادس" لعبت دوراً مهماً في مفاوضات إطلاق سراح السجناء الستة. كما جاء النفي أيضاً من الشركة المصنعة للأسلحة نفسها، وكذلك من مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقد لعب الرئيس ساركوزي وزوجته دوراً محورياً في عملية إطلاق سراح الطبيب والممرضات، لكنه يلقى الآن هجوماً حاداً من قبل المعارضة في البرلمان الفرنسي بسبب ما يثار حول صفقات سرية مع ليبيا. وأعلن ساركوزي من المكان الذي يقضي فيه إجازته في الولاياتالمتحدة موافقته على إجراء تحقيق برلماني في الموضوع.