قرأت لكثير ممن يعتبرون أنفسهم رموز العلمانية في الوطن العربي و قرأت لدعاة العلمانية في تونس فوجدت أن كتاباتهم عن الدين و مواقفهم من المقدس تصب كلها في خانة التشكيك و الإستهزاء و الرفض. و لم يقتصر تجرؤهم على الفكرالإسلامي بما هو إنتاج بشري يمكن نقده و تصويبه بل تعداه إلى الطعن في القطعيات من الكتاب والسنة فتجرؤوا على الله و كتابه و رسوله و أمهات المؤمنين الذين نزل قرآن في الدفاع عنهن.وهم أعني العلمانيين لا يفوّتون فرصة دون المجاهرة بمعاداة الدين و الطعن في أحكامه. و كل كتاباتهم تفوح منها رائحة الكفر و الجحود و التمرد. و لكنهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا أعطى أحد من القراء وصفا لما ينبئون به، فالأستاذ العداسي لم يزد عن كونه وصف ما قرأ، وكل قارئ محايد يشترك معه في إطلاق ذلك الوصف. و إن قال الأولون أن ناقل الكفر ليس بكافر فإنهم قصدوا من ينقل أقوال الكفار ليدحضها و يبين تهاويها ، فإن كانت صاحبة المقال لا تعدو أن تكون ناقلة للكفر فلم لم تبين الرأي الصحيح للدين مقابل الرأي المنقول. ثم ما الغاية من تجميع تلك الدعاوى التي تدل في ما تدل عن جهل مدقع بالدين من لدن عدد كبير من المسلمين الذين يتصلون بالفضائيات قصد طلب المعلومة بعد أن حُرموها في ديارهم إما نتيجة الإستبداد والحرب على منابع التدين و مظاهره، أو لعدم وجود المعلم الذي يرفع الجهل بالدين عن العامة . إن أمر العلمانيين لا يعدو أن يكون أحد أمرين، إما كونهم مؤمنون معتزون بدينهم و حضارتهم و مقدساتهم فهم يسعون للذود عنها و رد الشبهات حولها، أو أنهم منكرون لفضل هذا الدين على العرب والناس عامة فهم يرفضون أحكامه و يسعون لحربه و صرف الناس عنه و بالتالي فهم قد وضعوا أنفسهم في صف معاد للدين و التدين و أنكروا ما جاء في القرآن و السنة الصحيحة فلم يؤمنوا أن القرآن كلام الله و أن الأحاديث الصحيحة هي تعاليم رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى و بالتالي فلا يطلق عليهم إلا الكلمة المقابلة للإيمان وهو وصف و ليس اتهام . ثم لماذا يخاف هؤلاء كلمة الكفر و هم ينطقونها موقنون بها و ينظّرون لها و يدعون إليها. لماذا لا تكون لهم الشجاعة ليعلنوها و يدافعوا عنها أم أنهم يعلمون أن الشعب سيلفظهم إذاك. فتراهم يدعون للكفر دون تسميته باسمه. إذا كانوا يمارسون الإزدواجية تقيّة من حد الردة فليطمئنوا فإن الردّة الفكرية و العقدية لاحدّ على صاحبها بل يُحدّ من ارتد ثم خرج محاربا للدولة المسلمة. و لكم أن تعودوا للمقال المنشور للأستاذ علي العريض ففيه ما يطمئنكم على حياتكم . ثم هل سمعتم بأحد العلمانيين التونسيين قُتل أو أُهين لمجرد اعتقاده الكافر بالدين ؟ إنّ حسابكم عند الله فنحن دعاة لا قضاة أما إذا تحزبتم و حملتم السلاح في وجه الدولة المسلمة فإن الدولة هي التي تتولى أمركم و نحن جنود ندافع عن دين الدولة الذي ارتضاه جل التونسيين لأنفسهم. لقد جاء فرج فودة إلى تونس و فتحت له المنابر و تحدث بحرية. فهل اعتنق التونسيون مذهبه؟ و نحن نتحدث و نتناقش مع الكفاريوميا بغية تعريفهم بما جهلوا من كتاب الله. و كثير منهم قد اعتنق الإسلام ولله الحمد. حبا في أحكامه و نبيه داعية التوحيد والعدل والحرية. إن مسألة الإيمان و الكفر هي مسألة ضمير و ليس لإنسان أن يحمل إنسانا على شيء بالقوة بل بالإقناع. ولكن لا يجب أن نغضب و نحرّض على من قال رأيه فيما قرأ فذلك هو عين الإرهاب. أن تكمّم أفواه الناس عن النقد هو عين الإرهاب الفكري. لذلك كان الأجدر بمن شعر أنه وُصف بما ليس فيه أن يسارع بإعلان إيمانه و اعتزازه بدينه لا أن تقحم ذلك الرأي في صراع سياسي لتبرر به سياسة الإستئصال و تكميم الأفواه. فدعوتنا دائما خلوا بيننا و بين الناس و نخلي بينكم و بينهم فإن اقتنعوا بأفكاركم فهنيئا لكم و إن لفظوكم كما تلفظ النواة فعليكم أن تسلّموا بالهزيمة. أما أن تتحالفوا مع الشيطان لاستئصال خصم سياسي لا قبل لكم بمقارعة حججه فذاك هو عين الإرهاب. والشعب هو الحكم بيننا . أبو أنيس