قالوا : فشلت العدالة والتنمية قلت : لقد فشلت منذ سنين، وهل كانت هناك عدالة وتنمية أصلا... خرج المستعمر وكان ظالما جائرا، فقالوا نحن نخلفه، نحن أعدل منه! فلم تشرق الشمس على يوم عدل، ودخلت شعوب بأكملها في دهاليز الظلم والظلام... خرج الاستعمار وقد سلب الحرث والزرع وأفقر النسل، فجاءوا من بعده وقالوا سنجعل البلاد جنانا واخضرارا والعباد في رفاه واستقرارا..، فأجدبت الأرض واسودت السماء ولم نر غير الصحراء تمتد على ظهورنا حينا، وعلى بطون خاوية وعقول واهية أحيانا أخرى.. غادرنا المستعمر ونحن نريد الاستقلال، فأعلنوا الجمهورية أو الملكية والتنمية السياسية.. فتوارثوا الحكم كما تتوارث الأملاك، وأصبحت جمهوريات الموز حالنا، وساد الفكر الواحد والحزب الواحد والرأي الواحد والزعيم الواحد... ولم نر تنمية ولا عدلا وإنما هي سوق عكاظ وبيع وشراء وفقر وسراب، حتى وجدنا من يتحسر على أيام الاستعمار! قالوا : حسبك، كفاك ضلالا إنما نعني حزب العدالة والتنمية!!! قلت : وعجبي وأين الفشل؟ جلس رئيسه على كرسي أتاتورك ودخلت زوجته المحجبة القصر الجمهوري، وجمع الحزب وراءه صاحب القبعة والطربوش تحت رداء واحد دون أن يكفّر بعضهم بعضا، وتربع على عرش الحكم والسلطة من خلال صناديق شفافة... لم أفهم... أين الفشل؟ قالوا : كفى هزلا! إنما نعني حزب العدالة والتنمية المغربي قلت : مرة ثانية وأين الفشل؟ كان رابعا فأصبح الثاني... كان له 43 نائبا فأصبحوا 47... كان حلما فأصبح حقيقة... كان شعارا فأصبح واقعا... كان كلمة فأصبح فعلا... كان مجموعة فأصبح جماعة... قالوا بلهجة المنتصر : ولكنه لم يصل إلى سدّة الحكم قلت : وهنا هو الانتصار، هنا هو النجاح، ورب ضارة نافعة! أرادوه أن يكتسح...فرفضت الجماهير أن يحمل عبئ القطبية مع سلطة قائمة وقوية، مخزن ودار فأين الفرار؟ ومعارضة تختلس النظر من ثقب الباب! أرادوه أن ينفرد فيقع الاستفراد به... وتعاد قصة لم تنته بعد فصولها... استفراد واستفزاز واستئصال... لكن الله سلّم! أرادوه أن يقود فخيّرت الأقدار أن يزداد قدره ووعيه ومعرفته بدواليب السياسة والسياسيين، حتى يقاد بهدوء إلى خدمة الوطن، بعيدا عن العواصف والرعود ومناطق الشبهات، وبعلم ووعي وببرنامج واقعي ينبذ الشعار والمفاهيم الفضفاضة وفي ظل صناديق شفافة ومشاركة حاسمة. قالوا بابتسامة صفراء : إذا ننتظر مجيء المهدي حتى يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا ويسعها تنمية بعد أن أقفرت تخلفا! قلت باطمئنان : إذا ننتظر... ولن يطول الانتظار فالأيام دول وخير أيامنا ما ننتظر!!!