نزل الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة يوم الأحد 20 مارس ضيفا على مدينة القيروان وأشرف على تظاهرة ثقافية بدار الثقافة، زاوجت بين الاحتفال بعيد الاستقلال والاحتفاء بالشهداء وتكريم ذويهم. وقال الغنوشي في خطاب سياسي شامل ان هناك من يتعمد اثارة اشكاليات في الساحة التونسية، وأن القصد منها تهميش القضايا الكبرى، والتشويش على مسيرة تفكيك مؤسسات الاستبداد وهدم بنيانه والذي لا تزال مخلفاته قائمة لكونه لم تتم محاسبة قتلة الشهداء خلال الثورة وخلال ما سبقها من ثورات على امتداد البلاد منذ الاستقلال، علاوة على الأحكام الظالمة ونهب الأموال. وقال انه تجب محاسبة من قتل ونهب وجلد وسجن. واشار الى ان ثورة 14 جانفي أطاحت بنظام فاسد واسرة فاسدة وبطبقة من الفاسدين وقطعت شوطا عظيما لكنه ليس الا نصف الطريق حسب قوله مؤكدا ان الثورة ودماء الشهداء امانة في أعناق الجميع. مشيرا الى ان بناء وإعادة بنائها على أسس من الحرية والعدالة والوفاق الوطني يتطلب يقظة من الجميع حتى تكون دولة الثورة دولة التنمية ودولة العدل ودولة الحرية. وطالب الغنوشي في خطابه الموجه الى ابناء مدينة القيروان، بان يظلوا في الميدان وان يكونوا حراسا لأهداف هذه الثورة لان أعداءها مازالوا قائمين وساعين حسب رايه الى اجهاض الامل العظيم الذي فجره شباب الثورة. وبين ان الثورة توجت نضالات اجيال من المناضلين الذين استشهدوا ولم يروا هذا اليوم. وان ما تحقق هو «أمانة وانه يجب ان نحافظ على دماء الشهداء وان نحول النصر الى بناء والى تنمية والى عدل حرية وتضامن». دولة الشورى والعلماء وقال الغنوشي ان الدولة التونسية هي اصلا دولة إسلامية. وقال ان بناتها الأولون حددوا هويتها في بندها الأول (عربية اسلامية) وتساءل قائلا «لماذا نفتح الابواب المفتوحة. وأوضح ان المجموعات اللائكية عندما أرادت ان تعبئ الشعب ضد الاستعمار لم تجد سوى المساجد. ونفى الغنوشي سعي حركته الى ان تحكم الدولة بالفتاوى مبينا «انما نقول ان الدولة يجب ان تحكم بالشورى وليس بالاستفراد والاستبداد». وقال انه ليس هناك في تونس ما يسمى ب«رجال الدين» وقال انه «لدينا علماء وليس في اختصاص الدين بل في كل اختصاص، الاقتصادي والتربوي والاجتماعي»... ووصف دولة الرئيس المخلوع بانها «دولة الرجل الجاهل». وفي حديثه عن «اللائكية»، قال الغنوشي انها مصطلح وافد «ليست من لغتنا ولا من تراثنا». المراد منها هو ان يكون دين المسلم معزولا عن حياته وان يكون الدين في وادي والدولة والسياسة في واد آخر. مشددا على ان الاسلام «منهج حياة». وأوضح الغنوشي أن «النهضة» لا تقدم نفسها انها ناطقة باسم الاسلام كما يعرض بها البعض، وانها لا تمارس وصاية على الناس وإنما تقدم برامج وتعرضها على المواطنين والشعب يختار ما يريد. وأوضح ان مبدا الإسلام هو انه «لا اكراه في الدين» وأن الحركة لا تتسلط على الاخرين. وأشار قائلا «ان المشكل اليوم هو وجود حركة نشيطة ضد الحركة ويريدون فرض اللائكية على المسلمين». مجتمع الكرامة والمعرفة وقدم الغنوشي مقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية وثقافية. وبين ان المشكل الحقيقي اليوم هو كيف تواصل الثورة تحقيق اهدافها وتفكيك مؤسسات الفساد ومحاسبة المفسدين أي محاسبة الذين قمعوا الشعب ونهبوا أرزاقه وباعوا استقلاله وان من الواجب جعل طريق الفساد ضيقا وان نحاربه جميعا. كما شدد على ضرورة السعي الى بناء دولة العدل و«ان تكون ثورتنا ثورة بناء لا ثورة هدم فقط». واضاف انه يجب ان تقدم تونس نموذجا ليس للإطاحة بالطواغيت وانما أن نتجه الى بناء الاقتصاد التونسي ليصبح متقدما. وقال «ثروتنا الانسان وعقولنا والمعرفة والعلم». ودعا الى تشجيع اقتصادنا وأن نحمي بلادنا حتى تكون ثورتنا ثورة بناء لا ثورة هدم. هدم الباطل وبناء الحق. كما اشار الى ان المجتمع في حالة شيخوخة وأن الشباب منصرف عن الزواج بسبب اوضاع البطالة والفساد. وقال «نريد لكل شاب ان يكون قادرا على الزواج. بناء مجتمع المعرفة والحرية والحوار وضمان العيش الكريم لكل مواطن». وختم بالقول انه في طريق الثورة توجد صعوبات وهناك قوى للردة حسب وصفه وانها تجذب الى الوراء و»تريدنا ان نندم على الثورة والقول ان التونسيين لا يصلحون للحرية وان نجعل الثورة في المقابل ايقونة تحتذى في الخارج». تحرير فلسطين وحول الاستقلال أشار الغنوشي الى ان شعب تونس فتح طريق الحرية في العالم العربي وان الثورة كانت منعطفا لتحرير فلسطين. ونتمنى لشعب ليبيا الشقيق ان يحصل على حقوقه لكن دون تدخل اجنبي ونحن لسنا مع التدخل الأجنبي. وأضاف «نستبشر بما حصل في مصر ويبث في العالم من روح تونسية ستحرر العالم».