احتضن مساء أمس في روما (المعهد الإيطالي لإفريقيا والشرق) ندوة بعنوان "الإسلام في إفريقيا المعاصرة: الإشكاليات، الآفاق ومسارات التحديث". في التقديم تحدثت المشرفة على اللقاء أدريانا بيغا، أستاذة علوم الاتصال بجامعة روما الأولى لاسبينتسا، عن "الإسلام الإفريقي" كتخصص ناشئ في إيطاليا ما زال يخطو خطواته الأولى، وعن أمل الندوة في دعم هذا المسار. وكانت المحاضرة الأولى لبيانكاماريا سكارتشا آمورتي، الأستاذة بكلية العلوم الإنسانية في لاسبينتسا، التي ركزت على مسائل منهجية تتعلق بالنظر إلى الإسلام بطريقة "تعميمية ككتلة متجانسة، كما كان في الماضي يجري الحديث عن الأيديولوجية الماركسية". وأكدت على "أهمية اعتبار السياق في التحليل، إن كان سياقا حضريا أو ريفيا أو رعويا، وهل هو إسلام تقليدي أو أصولي أو صوفي". ثم تناولت سؤال "هل الإسلام عامل تحديث أم لا؟"، موضحة أنه لا يمكن الإجابة بنعم أو لا عن هذه الأسئلة المعقدة، لأن الإسلام نفسه كان "عامل تقدم وتطور في قرونه الأولى، ليصبح في ظروف أخرى ونتيجة لعوامل كثيرة متداخلة مقاوما للتحديث بمعناه الغربي المعولم". المحاضرة الثانية كانت لفيديريكو كريستي، من كلية العلوم السياسية بجامعة كتانيا بصقلية، بعنوان "استراتيجيات الإسلام السياسي في المغرب المعاصر"، حيث قدم عرضا تاريخيا مختصرا للأحداث الهامة في تطور مسار الحركات الإسلامية، من نكسة سنة 1967، إلى الثورة الإيرانية 1979، إلى اغتيال السادات 1981، مبينا دور "فشل نموذج التحديث التسلطي من فوق"، و"استخدام الدولة للحركات الإسلامية لكسب شرعية مأزومة"، وركز فيما بعد على التجربة التونسية. المحاضرة الثالثة كانت لماورو بوتارو، من المدرسة العليا للدراسات الاجتماعية بباريس، الذي تحدث عن "قراءات سياسية ورمزية للإسلام: الملكية في المغرب المعاصر"، مركزا على تناقضات النظام السياسي المغربي، المتمثلة في نظره في "لقب أمير المؤمنين" الذي يعطي للملك "قدسية" و"صلاحيات دستورية عليا كحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ في أي وقت، مما "يسحب البساط من تحت الديمقراطية الناشئة". وكمثال آخر لجنة المصالحة الوطنية التي يتحدث فيها ضحايا التعذيب عن معاناتهم في سجون النظام أثناء حكم الملك الراحل الحسن الثاني. والنقد الأساسي لهذه اللجنة حسب بوتارو هو أنها خالية من "الحقيقة والعدالة"، فهي مجرد "تنفيس"، حيث يمنع المتحدثون من تسمية جلاديهم ومن مقاضاتهم. أما المحاضر الثالث فكان لورنتسو ديكليش من كلية الدراسات العربية والإسلامية والمتوسطية في جامعة نابولي للدراسات الشرقية، متحدثا عن "المجتمع السواحلي في مواجهة إعادة الأسلمة". حيث تناول من منظور تحليلي تاريخي الصراع بين نمط ديني حديث "عربي سلفي"، ذي صلة بالتيار الوهابي السعودي، والنمط الديني التقليدي، مركزا بصفة خاصة على زنجبار. ثم عادت أدريانا بيغا لتتحدث عن "الصلة بين الطرق الصوفية والحركات الإسلامية في إفريقيا جنوبي الصحراء"، ضاربة لذلك مثالين متناقضين هما: شمالي نيجيريا، حيث يوجد تناقض وصراع بين الجانبين إلى درجة المصادمات الدموية. في حين يظل النموذج السنغالي مثالا للتحالف والتآلف بين الجانبين. وقد بينت أن الطرق الصوفية السنغالية قد عرفت تغييرات جذرية جعلتها أقرب إلى النموذج الأصولي. جمعها رضا المشرقي ايطاليا