يسعدنا أن نلتقي بكم من جديد في هذه الندوة الصحفية لإحاطتكم علما بتطورات الإضراب عن الطعام الذي نخوضه لليوم الثلاثين منذ 20 سبتمبر الماضي. وبالفعل نغلق اليوم شهرنا الأول من الإضراب ونفتتح شهره الثاني. على المستوى الصحي يمكننا القول بأنه وبالرغم من الوهن الكبير الذي أصابنا ومن الأخطار التي تجاوزناها والتي مردها اختلال التوازنات الحيوية (انخفاض نسبة البوتاسيوم في الدم خاصة) وعلى الرغم من أخطار الخضوع إلى عملية جراحية أثناء الإضراب التي تأجلت وقتيا بالنسبة للأستاذ الشابي فإننا تجاوزنا الشهر الأول بسلام دون أن يمكننا الجزم بأن الشهر الثاني سيتم دون مخاطر لكننا مصرين على مواصلة إضرابنا حتى تحقيق أهدافه المشروعة والمتمثلة في احترام حقنا في النشاط السلمي العلني في مقراتنا دون مصادرة أو محاصرة أو تضييق وهو الحق الذي نشترك فيه وفي الدفاع عنه مع كافة مكونات المجتمع المدني والسياسي المستقلة. وعلى الرغم من مشروعية هذا المطلب والذي أقر به الرأي العام الوطني والدولي من خلال حملة التضامن الواسعة معنا فقد واصل النظام إغماض عينيه وسد أذنيه عن هذه الحقيقة متمسكا بأن الخلاف خلاف عقاري عادي بيننا وبين مالك المقر وأننا نفتعل هذا الإضراب لغايات سياسية مرتبطة بالذكرى العشرين لقيامه وشن الحملات الإعلامية في الصحف ومؤسسة الإذاعة والتلفزة الوطنية للنيل من سمعتنا وتقديمنا كطرف يتحرك وفقا لأجندات أجنبية وعلى الرغم من ادعائه بأن الخلاف لا يكتسي طابعا سياسيا فإن قوات الأمن تحاصر مقرنا ليلا نهارا منذ ثلاثين يوما وتمنع دخوله على إعلاميين كالسيدين لطفي الحجي والطاهر بن حسين. وللضغط على الإضراب والمضربين وعلى نشاط الحزب وانتشاره في الأوساط الشبابية خاصة فقد قامت مصالح الأمن في مختلف المناطق باعتقال العديد من شبابنا أو الضغط عليهم وعلى أوليائهم لثنيهم عن مواصلة النشاط صلب الحزب. من ذلك أن اعتقلت سلطات الأمن ببن عروس المناضل محمد ياسين الجلاصي واحتفظت به دون إعلام أهله وأخضعته للتعذيب المبرح قبل أن تلصق به وبشابين من حيه تهما إرهابية وقد أكد لنا محاموه الذين زاروه بالسجن أن ملفه خاو وأن التهم لا تستند على واقع وأنه أبعد ما يكون عن مثل هذه التهم في فكره واختياراته السياسية وعبروا عن اقتناعهم أن المسألة لا تعدو أن تكون سوى رغبة في التشفي منه بسبب نشاطه في صفوف الحزب الديمقراطي. كما تجدر الإشارة إلى حالة الشاب عبد السلام العريض مسؤول مكتب الشباب بقابس الذي اعتقل هو الآخر لبضعة أيام قبل أن توجه إليه تهم واهية على خلفية دخوله إلى الحرم الجامعي دون صفة وعقد اجتماعات به وهو المسؤول عن الهيكل النقابي للإتحاد العام لطلبة تونس به وقد أطلق سراحه في انتظار مثوله أمام محكمة الناحية بالجهة. و تجدر الإشارة أيضا إلى وضعية الشاب وحيد إبراهمي الذي اختفى لمدة طويلة قبل أن يظهر بسجن المرناقية وقد صدر في حقه حكم بأربع سنوات سجنا خفض إلى سنتين ونصف في مرحلة الاستئناف بتهم واهية هي الأخرى (إلصاق منشور بالحرم الجامعي ونشر أخبار زائفة بواسطة وسائل إعلام أجنبية) دون أن يكون في ملفه أدنى وسيلة إثبات لهذه الإدعاءات التي أنكرها رغم خضوعه للتعذيب الوحشي ودون أن يتمتع بحق انتداب محام للدفاع عنه. وإلى جانب ذلك تعرض الشاب أحمد العويني من مكتب الشباب بتونس والشابة خولة فرشيشي من جامعة بن عروس والشاب شاهين السافي مسؤول مكتب الشباب بصفاقس إلى محاولات الترهيب من قبل أعوان الأمن بتوجيه استدعاءات للمثول لديهم دون مبرر قانوني أو توضيح للأسباب ومحاولة الضغط على أوليائهم لثني أبنائهم عن النشاط في صفوف الحزب. كما نذكر حالة الشاب إلياس القاسمي من مكتب الشباب بقفصة الذي تعرض للضرب المبرح أمام مقر الجامعة بالمدينة قبل أن يجر إلى مركز الشرطة لعدة ساعات عقابا له عن مشاركته في تحركات العاطلين عن العمل بالجهة ونشاطه في صفوف الحزب الديمقراطي التقدمي. إننا إذ نذكر لكم كل هذه الحالات فلإحاطتكم علما بأن السلطة تتضايق من توسع الحزب إلى أوساط الشباب الذين اختاروا عن وعي وروية وسائل العمل الشرعي والسلمي في الوقت الذي لا تكف عن الحديث عن ضرورة تأطير الشباب وتجنيبهم أخطار التطرف والعنف. لكن هذه الحملات لم ترهب شبابنا الذين نظموا بعد "لجنة للدفاع عن رفاقهم المعتقلين" لتأمين لوازمهم ومساندة عائلاتهم التي لا يملك بعضها حتى تكاليف السفر إلى تونس لزيارة أبنائها المعتقلين. كما أن هذه الحملات لن تزيد حزبنا إلا صدقية وعزما على مواصلة القيام بوظيفته كحزب مدني ديمقراطي وتقدمي. ومن مظاهر استمرار التعسف في حقنا أن استصدر مالك مقرنا بمدينة مدنين حكما استعجاليا قضى بإخراجنا منه بدعوى استعماله لغير ما أعد له. وبالرغم من أن القضاء الاستعجالي غير مختص بالنظر في مثل هذه القضايا المتعلقة بأصل النزاع فقد رفضت المحكمة تأجيل تنفيذ الحكم لمدة شهر واحد حتى تقول محكمة الاستئناف رأيها في النزاع على الرغم من أن إرجاء تنفيذ الأحكام الاستعجالية لمدة شهر إجراء عادي وارد بمجلة الإجراءات المدنية مما يجعلنا معرضين للطرد من مقرنا بمدنين في كل وقت. أيها السيدات والسادة هذا هو موقف الحكومة: تجاهل للطبيعة السياسية لإضرابنا ومحاصرة لمقرنا وحملات إعلامية تشويهية ضدنا واعتقالات في صفوف شبابنا، أما الرأي العام فقد أنصفنا عبر حركاته التضامنية التي لم تنفك تتطور في الداخل والخارج. من ذلك التحركات الناجحة لإخواننا التونسيين في المهجر والذين نظموا ولا يزالون العديد من التجمعات في باريس ومونريال وانتظموا في لجان دفاع ضمت كل ألوان الطيف الديمقراطي. ومن ذلك أيضا لجان المساندة التي تشكلت في العاصمة تونس ومختلف ولايات البلاد ونظمت العديد من التحركات التضامنية واعتبرت أن قضية الحزب الديمقراطي جزء من قضية الحريات في تونس وخاصة منها الحق في المقرات وفي الفضاءات العمومية التي يطال الحرمان منها الجميع دون تمييز. ومن أعمال التضامن المقررة في الداخل بالنسبة للأيام القادمة تجمعات سلمية أمام مقراتنا في مختلف الجهات يوم الأحد القادم واعتصام في مقرنا هذا ومختلف مقراتنا في الجهات في الليلة الفاصلة بن 23 و24 من هذا الشهر وهو التاريخ الذي ينتهي فيه أجل الاستئناف وينتظر فيه أيضا أن ينفذ الحكم القاضي بإخراجنا من المقر بالالتجاء إلى القوة العامة. أما على المستوى الدولي فإن حركة المساندة ما فتئت تتطور فتعددت الرسائل المفتوحة الموجهة من شخصيات دولية إلى رئيس الجمهورية لمطالبته بالتحرك لحل هذه القضية السياسية بما يكفل احترام القانون والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس في مجال الحريات المدنية والسياسية كما غطت وكالات الأنباء الدولية (أ ف ب ورويترز وأسسوشياتد براس وغيرها) والصحف (لوموند ، الفيقارو، لاكروا، لوسوار ، جون أفريك وغيرها ..) والقنوات الفضائية (الجزيرة، العربية ، الحوار اللندنية، الحوار التونسي، فرانس24، التلفزة البلجيكية ، البي بي سي وغيرها...) و واكبت إضرابنا بالإخبار والتحليل. وتشكلت من جهة أخرى وفود دولية راجعت حكوماتها في شأن إضرابنا باعتباره حدثا يهم حقوق الإنسان والحريات العامة ومن هذه الوفود من يعتزم القدوم إلى تونس في الأيام القليلة القادمة لزيارتنا والتعبير عن تعاطفه معنا ومؤازرته لمطالبنا المشروعة. ومن جهتها واصلت البعثات الدبلوماسية الغربية مشكورة زيارة مقرنا للسؤال عن أحوالنا والتعبير عن انشغالها إزاء تدهور صحتنا وللاستفسار عن سبب إضرابنا ودوافعه وأهدافه وتبعاته ولم نجد من حكومتنا ولا من سفارات أشقائنا العرب مثل هذا الاهتمام وهذه العناية ونعبر عن أسفنا للحملات الإعلامية التي استهدفت الدبلوماسيين في بلادنا من أجل أدائهم لواجبهم وتواصلهم مع ممثلي المجتمع المدني والحركة السياسية بعيدا عن كل تدخل في شأننا الداخلي كما نؤكد من جديد أننا لا نأبه بالحملات الموجهة ضدنا والتي تستهدف الانتقاص من وطنيتنا بسبب هذه الزيارات ونرفض الانجرار إلى مناقصات حول الوطنية ونحتكم إلى شعبنا الذي خبرنا ويعرف مدى حبنا لبلادنا ولأمتنا ومدى تعلقنا باستقلالها وبوحدتها معتبرين أن من مقاييس الوفاء للوطن والذود عنه وضمان مناعته وازدهاره الالتزام بالديمقراطية فعلا وممارسة لا قولا وخطابا. ونود أن نؤكد لكم أخيرا بأن إضرابنا لن يتوقف في صورة إقدام السلطة على إخراجنا عنوة وجورا من مقرنا بل سيتواصل في مكان آخر إضرابا مفتوحا حتى تحقيق أهدافه المشروعة في احترام حقنا الطبيعي في العمل بحرية داخل مقراتنا وفي الفضاءات العمومية التي هي ملك للتونسيين جميعا دون تمييز بينهم بسبب اجتهاداتهم الفكرية واختياراتهم السياسية. نشكركم عن حسن استماعكم ونحيل الكلمة إلى السيدات والسادة الصحافيين. مية الجريبي أحمد نجيب الشابي