بلغت الشخصية الثقافية والممثلة التونسية البارزة آمال سفطة في 5 ديسمبر عامها الخمسين. وقد تعرفت عليها في أواخر التسعينيات في المركز الثقافي الروسي في تونس حين أقامت آمال معرضا للوحاتها المائية . وقد غصت قاعة المركز يومذاك بالمشاهدين، وجاء الكثيرون الى هناك للتحدث مع الممثلة المعروفة. لقد كانت آمال سفطة شخصية ملحوظة في السينما والمسرح. علما انها تلقت تعليمها المسرحي في الخارج وشاركت لأول مرة في عام 1989 في المسلسل التلفزيوني المحلي "ابحث معنا" ومن ثم أدت أدوارا مختلفة في الأفلام التونسية "وردة" و"العاصفة" و"الحصاد". وشاهدها الجمهور على الشاشة الكبيرة في أفلام" يا سلطان المدينة" و"تحت برج الحوت" و"فاطمة"، وعلى خشبة المسرح في عروض "دون جوان" و"نساء طروادة" وغيرها. وفي الوقت نفسه مارست آمال سفطة التعليم. كما أنها نشرت أشعارها أو تراجمها لأعمال الشعراء الأجانب في المجلات المحلية. وتثير الإعجاب قدراتها الإبداعية غير العادية. وأذكر الحديث الذي أدلت به آمال لي في ذلك المساء . وقالت إن ديدني هو الإخلاص لمبدأ تجسيد حقيقة الحياة على خشبة المسرح. ويتطلب هذا من الممثل المعاصر التمتع بكفاءة مهنية عالية وبسعة اطلاع واسعة وتطوير مهارته باستمرار . ولا يمكن تحقيق ذلك بدون إخلاص الممثل لفنه. ولدى الحديث عن الثقافة الروسية تذكرت أمال كيف شاهدت في سني يفاعتها عرضا لمسرح البولشوي، وتملكتها الرغبة في أأن تصبح راقصة باليه. كما قرأت ايامذاك رواية ايفان تورجينيف "الحب الأول" التي انطبعت عميقا في ذاكرتها. علما أن المدرسة التي تعلمت فيها آمال كانت توجد في شارع باسم روسيا. وقالت الممثلة التونسية انني معجبة بطريقة ستانيسلافسكي التي اطلعت عليها في سنوات الدراسة في فرنسا، وكذلك بالروح السيكولوجية العميقة والنزعة الإنسانية للأعمال الكلاسيكية الروسية ومسرحيات تشيخوف وغوركي. لقد ترك معرض لوحات آمال سفطة في المركز الثقافي الروسي صدى كبيرا. وقد ساعد على زيادة اهتمام الممثلة بأدب وفنون روسيا. وظهر في كشف تراجم أعمال المؤلفين لديها شعراء روس وعلى رأسهم بوشكين وماياكوفسكي وغيرهما. وترجمت الشاعرة ونشرت مقاطع من "ملكة البستوني" و" يفجيني اونيجين" لشاعر روسيا الكبير بوشكين. وفي عام 2000 شاركت آمال سفطة في مسابقة اليونسكو الدولية لأفضل ترجمة عربية لقصيدة بوشكين "النبي" وفازت فيها. وبعد ذلك نشرت أحاديث معها بعض الصحف الروسية مثل " ليتراتورنايا جازيتا" و" تريبونا" وغيرهما. وفي الأعوام الأخيرة توقفت آمال سفطة عن النشاط المسرحي ولم يعد اسمها يظهر على شاشات السينما والتلفزيون في تونس. وقد كرست جل وقتها الى تدريس الفن المسرحي في معهد الفنون الجميلة في تونس وفي معهد العلوم الإنسانية والى العمل العلمي والمشاركة في الندوات والمؤتمرات. وواصلت نشر قصائدها في مجلات البلاد. وعموما نظمت آمال سفطة ما يربو على 300 قصيدة. ومنذ فترة وجيزة توجه المخرجون مجددا الى الممثلة التي لم تخمد شعلة موهبتها بعد بل أصبحت أكثر نضجا. ورحبت الصحف التونسية "بعودتها الى الشاشة". وشاركت آخر مرة في مسلسل "مال وآمال" و" شرع الحب" ومن ثم في فيلم " الليالي البيض". وقد جذب اهتمام الجمهور الفيلم الأخير الذي أدت فيه أحد الأدوار الرئيسية. وأشار النقاد الى أظهار آمال سفطة على الشاشة المعاناة النفسية والعميقة لبطلتها. وابرزوا ليس فقط موهبة الممثلة بل وقوتها الروحية. علما ان الممثلة عانت من المرض الشديد واضطرت لتمضية فترة طويلة في المستشفى. لكن بالرغم من مرضها فإنها لم تغادر موقع تصوير الفيلم وبقيت وفية لالتزاماتها بالرغم من انها كانت تقف على قدميها بصعوبة في أثناء التصوير. وأبدت الصحف إعجابها بشخصية هذه المرأة القوية الروح ووصفتها بأنها مناضلة حقيقية. لقد برهنت مجددا كونها شخصية لا تريد أن تحيا على الشاشة بموجب قيم أدنى مما تصبو إليه. وبهذه الحالة استقبلت آمال سفطة بيوبيلها الخمسيني بصفتها ممثلة وأديبة وحائزة على جائزة اليونسكو ولا يمكن بدونها تصور النخبة الإبداعية المعاصرة في تونس.