صفاقس: صدور قرار مشترك بين 8 بلديات ينظّم جولان الشاحنات الثقيلة    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    وفاة المخرج التونسي حميدة بن عمار أحد رواد السينما الوثائقية    عاجل: البرلمان يُصادق على مقترح قانون انتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم    تتويج للسينما التونسية في المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأقادير المغربية    مدينة العلوم بتونس تنظم يوم 19 ديسمبر 2025 حفل اطلاق نشر سلسلة من 16 كتيّب علمي باللغة العربية    طرق مدهشة لتخزين الرمان لأسابيع وشهور..تعرف عليها..    بطولة النخبة لكرة اليد- النادي الافريقي يتعادل مع النجم الساحلي 27-27    توزر: قريبا الشروع في إنجاز مسرح للهواء الطلق بمدينة توزر بتمويل مشترك يصل إلى 3,5 ملايين دينار    تنبيه للمواطنين..تحويل وقتي لخطوط بعض الحافلات..#خبر_عاجل    فريال يوسف تُقاضي نادية الجُندي    عندك فكرة على اضطراب الشخصية الحديّة؟    وزير الخارجية يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية المقيمة بالمملكة العربية السعودية    الكاف: تقدّم موسم البذر بأكثر من 75 بالمائة وتوقعات باستكمال المساحات المتبقية قبل موفى الشهر الجاري    محكمة فرنسية تُطالب سان جيرمان بدفع 60 مليون يورو لمبابي    beIN SPORTS تكشف عن خطط البث لكأس أمم إفريقيا كاف توتال إنيرجيز المغرب 2025 بتغطية يومية لمدة 15 ساعة عبر أربع قنوات مخصصة    27 مهاجرا بين قتيل ومفقود في غرق قارب حرقة..#خبر_عاجل    كأس أمم إفريقيا: أوغندا تطمح لترك بصمتها في دورة تلوح استثنائية    أوتوروت تونس تُحذّر من مخاطر الأمطار على الطرقات    يومٌ دراسي بعنوان "نحو إرساء مقاربة تشاركية لحماية المباني الأثرية والتاريخية المهدّدة بالسقوط"    مسؤولون سابقون بهذه الشركة يمثلون أمام القضاء..#خبر_عاجل    رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء السيارات: مستعدون لتطبيق نظام ال «آف سي ار 2 »    عاجل/ قروض بشروط ميسرة لفائدة هؤلاء..    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر: الهروب من التوبة.. في جولة عروض    وزير التجارة يؤكد ان المنافسة الدولية قوية وتستوجب العمل المشترك لتحقيق الأهداف المرجوة    الملعب التونسي: اتفاق مبدئي مع عمار السويح لتدريب الفريق    تونس: إيقاف شاب متورّط في سرقات السيّارات باستخدام تقنيات متطورة    عاجل/ اتفاق غزة: "حماس" تقترح..    المرصد الوطني للطاقة والمناجم: شبه استقرار في الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى أكتوبر 2025    النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة تجدد تمسكها بمنظومة الطرف الدافع فور توفّر ضمانات قانونية ومالية حقيقية    تُباع علنا على صفحات الفيسبوك: القهوة المهرّبة تسيطر على السوق التونسي    ديوان الطيران المدني يقوم بعملية بيضاء بمطار صفاقس طينة وإمكانية ظهور سحابة من الدخان    اخفته داخل علب مأكولات: السجن 20 سنة لفتاة تورطت في تهريب الهيروين..#خبر_عاجل    بطولة كرة اليد: كلاسيكو منتظر اليوم بين النادي الإفريقي والنجم الساحلي    طبيب بيطري للتوانسة: هاو كيفاش تربّي العصفور    عاجل: تحذير من أمطار قوية يومي الخميس والجمعة    انتخاب القائد وحيد العبيدي رئيسا للاتحاد الإسلامي العالمي للكشافة والشباب    اصطدام وشيك بين "ستارلينك" وقمر صيني.. الازدحام الفضائي يصل إلى مرحلة خطيرة!..    أيام قرطاج السينمائية 2025 "كولونيا" فيلم عن الرفق بالآباء حين يأتي متأخرا    أول تعليق لأحمد الأحمد بطل عملية سيدني    شنوّا حكاية المواد المحجوزة وعلاقتها برأس العام؟    حي هلال: السجن المؤبد لقاتل عطّار    مسؤولون أمريكيون: تسوية نحو 90% من الخلافات بشأن اتفاق سلام في أوكرانيا    هام/ تعاونية أعوان الديوانة تنتدب..    قريبا: افتتاح وكالتين قنصليتين جديدتين لتونس بأجاكسيو وبوردو    ترامب يعلن تصنيف الفنتانيل المخدر 'سلاح دمار شامل': فما هي هذه المادة؟    كأس القارات للأندية قطر 2025:باريس سان جيرمان يواجه فلامنغو البرازيلي في النهائي غدا الاربعاء    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم سيدني سافرا قبل شهر من الحادث إلى الفلبين    ترامب: 59 دولة ترغب في المشاركة بقوة الاستقرار بغزة    تونس أمام تحدّي التغيّرات المناخية: دروس من فيضانات المغرب وتحذيرات علمية من المخاطر المقبلة    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة..؟    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    عاجل/ من بينها تونس: موجة تقلبات جوية تضرب هذه الدول..    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور التركي في الشرق الأوسط .. لحساب من ؟
نشر في الوسط التونسية يوم 23 - 01 - 2008

في القرن العشرين لم يسمح النظام الدولي لتركيا بلعب دور ما في الشرق الأوسط حيث حال جو العلاقات السائدة بين نظام القطبين القائمين آنذاك دون قيامها بمثل هذا الدور . لكن مع زوال تلك المرحلة بالإضافة للتحولات الداخلية الجذرية التي تشهدها تركيا و بروز قيادات جديدة لأنقرة و توجهات سياسية مختلفة عن الحكومات التركية المتعاقبة أصبحت أنقرة تتطلع لدور فاعل ليس في منطقة الشرق الأوسط الساخنة فحسب بل في عموم العالم الإسلامي ّة بعد تسارع الأحداث في المنطقة و تصاعد حدة الملفّّين العراقي و الإيراني و انعكاساتهما المباشرة على الأمن القومي التركي خصوصا و الأمن الإقليمي و الدولي عموما .
و يبدو أن الدور التركي في قضايا الشرق الأوسط و العالم الإسلامي ليس خيارا تركيّا صرفا بل من الواضح أنّه يجد مباركة من الولايات المتحدة الأمريكية نظرا لحاجة و اشنطن الماسة لحليف قويّ في المنطقة ينسجم مع الخيارات الأمريكية و حساباتها في هذا الجزء من العالم الغني بثرواته ، ولا شكّ أن أنقرة الشريك الفاعل في حلف شمال الأطلسي يجعل الإدارة الأمريكية أكثر اطمئنانا لقيام تركيا بدور أوسع في المنطقتين العربية و الإسلامية .
و من المهم ذكر ية أخرى وهي تزايد الإحساس لدى معظم بلدان العالمين العربي و الإسلامي بوزن ايجابي لتركيا في المنطقة، ولعل مردّ ذلك أن العديد من القيادات السنية باتت تشعر بأن تركيا يمكن أن تشكل ثقلا هامّا في الجبهة التي يمكن أن تحدّ من توسّع النفوذ الشيعي الذي تتزعمه إيران في المنطقة ومحاولاتها لامتلاك السلاح النووي في الخليج و ما يحدثه من توتر بين الدول المجاورة لها لا سيّما تركيا و الدول العربية المنتجة للنّفط للحفاظ على أمن وسلامة مصادرها .
و يبدو أيضا أن المرحلة المعقّدة التي بلغتها المشكلة الجوهرية للشرق الأوسط و هو الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني ، و كذلك سعي واشنطن لتسويق نموذج العدالة و التنمية التركي لمواجهة تصاعد دور التيارات الإسلامية المتشدّدة في المنطقة ، يبدو أن كلّ ذلك و أسباب أخرى في حسابات الأمريكيين دفعت الإدارة الأمريكية إلى مباركة دور تقليدي لتركيا في منطقة الشرق الأوسط حسب الظروف الدولية الراهنة .
و برغم المباركة الأمريكية للدور التركي في الشرق الأوسط و العالم الإسلامي فإنّه من الخطأ أن تتعامل القيادات العربية و الإسلامية مع التوجّه التركي الجديد نحو العالمين العربي و الإسلامي بمنطق الشك و الريبة ، فإذا كان للإدارة الأمريكية حساباتها في دفع الدور التركي الجديد في قضايا الشرق الأوسط و منطقة آسيا الوسطى فإنّ لتركيا أيضا و قادتها الجدد خياراتهم السياسية و طموحاتهم كدولة إقليمية كبرى في المنطقة تجمعها روابط حضارية و جغرافية و مصالح مشتركة مع شعوب العالمين العربي و الإسلامي .
و برغم أن الحكومات التركية السابقة كانت قد صاغت وجهة أحادية لأنقرة الأمر الذي جعل تركيا تعلّق كل طموحاتها و مستقبلها في الخارطة الأوروبية ممّا عزلها عن محيطها العربي و الإسلامي لما يناهز عن قرن ، إلاّ أن الجيل الجديد من القيادات السياسية في تركيا أدركت خطأ تلك الخيارات فعملت هذه القيادات على صياغة رؤى جديدة تضع منهج التوازن في مجمل السياسات التركية مبدءا رئيسيا يلبّي طموحات الأجيال التركية الجديدة و يحقّق لتركيا ثقلا هامّا في السياسة الدولية .
و لعلّ سعي أنقرة الحثيث لتفعيل دور منظمة المؤتمر الإسلامي التي تترأس أمانتها العامة ، و جهودها المعلنة لتسجيل حضورها كمراقب في كل من الجامعة العربية و الاتحاد الأفريقي ، و تأكيد القيادات التركية دوما على أهميّة التنسيق و تبادل وجهات النظر مع قادة و زعماء المنطقتين العربية و الإسلامية ، بالإضافة إلى عملها الدّؤوب لتنمية تعاونها الاقتصادي و التجاري مع محيطها العربي و الإسلامي ،و تحويل مدينة اسطنبول قبلة لاحتضان العديد من المؤتمرات الإقليمية و الدولية المعنية بقضايا المنطقة و شؤون شعوبها .
فإذا أضفنا هذه المعطيات لمقتضيات المصالح المشتركة و ما يمكن أن تجنيه المنطقة العربية ة من عملية تطوير علاقاتها في مختلف المجالات مع الجانب التركي دون إغفال لحسابات الأطراف الدولية الأخرى ، فإنّ الرؤية الإستراتيجية تقتضي من قيادات البلدان العربية و نخبها الإعلامية و الثقافية و الأكاديمية و مؤسساتها المدنية أن تتفاعل إيجابيا مع هذا التوجّه التركي الجديد نحو العالمين العربي و الإسلامي في إطار يهيّئ الأرضية لشراكة استراتيجية واسعة النطاق بين الطرفين تحقّق التنمية الشاملة لبلدان المنطقة و تساهم في إرساء الأمن و السلم الإقليمي و الدولي .
* أستاذ العلاقات الدولية بأكاديمية العلوم و الفلسفة / أنقرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.