قد لا يحضر وزير الخارجية التركي "عبد الله جول" اجتماع الدول الخمس والعشرين، الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين في حال فشل هذه الدول في حل الخلاف بشأن قبرص. وترابط طائرة رسمية في مطار "أنقرة" لنقل "جول" في حال التوصل إلى حل في هذا الصدد إلى لوكسمبورج؛ كي يبدأ مع نظرائه الأوروبيين، محادثات هناك، حول عضوية بلاده بالاتحاد الأوروبي. ويعكس هذا التصرف، الموقف التركي الرافض للتنازل، حيال قضية قبرص تحديدا، منذ فتح ملف العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تبدي فيه "أنقرة" كثيرا من المرونة لأي طلبات أوروبية أخرى. وإذا ما تم هذا اللقاء بين "جول" ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فسيكون الأول، منذ إعطاء الاتحاد تركيا الضوء الأخضر في أكتوبر الماضي؛ لبدء المحادثات. وتواجه تركيا تحديات كثيرة، في سبيل الوصول لعضوية الاتحاد الأوروبي وتتمثل المشكلة التركية في نقطتين: - القضية الأوروبية عامة، وهو الجانب الذي تبدي فيه "أنقرة" استعدادا لتلبية المطالب الأوروبية. - القضية القبرصية التي تشهد تصلبا من الجانبين، التركي والقبرصي؛ لأسباب ذات بعد تاريخي. وتتمثل المشكلة الأوروبية التركية في مخاوف شعوب الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، من عدم تلاؤم القيم الأوروبية مع القيم التركية، كبلد أغلبه من المسلمين، وقد تجلت هذه المخاوف في الاستفتاءات الشعبية التي جرت ببعض دول الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، قدمت تركيا عدة مبادرات؛ تظهر إمكانية تكيفها مع المعايير الديمقراطية الأوروبية، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر إسقاط محكمة تركية، التهم بحق الكاتب "اورهان باموك" حيث كان الكاتب قد انتقد مذبحة الأرمن، خلال الحرب العالمية الأولى، والتي راح ضحيتها مليون شخص. رأت المحكمة أن "باموك" متهم بالإساءة إلى الهوية الوطنية التركية؛ فخرجت المفوضية الأوروبية، لتنتقد هذا التصرف وتصفه بأنه انتهاك لحقوق الإنسان، وطالبت بإسقاط التهم عنه؛ انتصارا للديمقراطية لتنصاع تركيا للطلب الأوروبي. كما عدلت "أنقرة" عددا من القوانين القمعية وإلغاء عقوبة الإعدام، قبيل بدء المفاوضات؛ مغازلة للاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، يتوفر لدى تركيا عدد من الخصائص، أهمها: أنها أدارت ظهرها للحكم الديني، منذ قيام الدولة التركية على يد "مصطفى كمال أتاتورك" عام 1923 إضافة إلى اتجاهها العلماني الصريح وعضويتها بحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يمثل بلا شك، إضافة للنظام الدفاعي الأوروبي. ويورد المناهضون لانضمام تركيا، أسبابا أخرى للرفض؛ كفقر البلاد النسبي، وعظم مساحتها وعدد سكانها الكبير، الذي يبلغ نحو 70 مليون نسمة. أما العائق الثاني والأصعب أمام تركيا؛ فهو قبرص التي تملك حق "الفيتو" كعضو كامل في الاتحاد الأوروبي، والتي تستطيع اعتراض طريق "أنقرة" نحو العضوية، إذا ما استخدمت هذا الحق. ويؤدي البعد التاريخي دورا في هذه المشكلة، التي بدأت عام 1974 عندما احتلت تركيا شمال الجزيرة القبرصية؛ ردا على انقلاب قام به القبارصة اليونانيون بتحريض من أثينا؛ بهدف ضم الجزيرة لليونان ولم تعترف من وقتها تركيا بقبرص، كدولة ذات سيادة. وتريد قبرص من تركيا الاعتراف بها رسميا كدولة متوسطية مستقلة، والسماح للسفن والطائرات القبرصية بدخول المياه والأجواء التركية بموجب بروتوكول "أنقرة" التي وُقِّع في يوليو الماضي. ويستمر اللغز التركي بتوقع الاحتمالات كافة؛ فالمبادرات التي قدمتها "أنقرة" تؤهلها للانضمام، بينما يظل "الفيتو" القبرصي خطرا على هذه العضوية، وسط جهود من وزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبي؛ لاحتواء الأزمة قبل ساعات من بدء المفاوضات ب لوكسمبورج اليوم.