تبدو أنظار التونسيين مشدودة منذ أسبوعين الى ملاعب غانا حيث يشارك المنتخب الوطني في نهائيات كأس افريقيا للأمم الى جانب مجموعة من أقوى المنتخبات على الصعيد القاري والدولي , ولاشك أن الأداء الرائع والقوي لزملاء راضي الجعايدي ودي سانتوس والشيخاوي أمام منتخب جنوب افريقيا كان أحسن رسالة توجه بها أبطال تونس الى محبيهم في ظل مناخ اعلامي تونسي وعربي اتسم بكثير من التشكيك والريبة في قدرات مجموعة حظيت بثقة المدرب الفرنسي روجيه لومير . قد نختلف كثيرا مع لومير وقد لانتفق في استبعاده لأمثال زياد الجزيري وعبد الكريم النفطي واخرين أثبتوا قيمتهم فنيا وكرويا , غير أننا في كل الأحوال لانملك الا أن نثمن اختيارات لومير على ملعب مدينة تامالي قبل يومين حين أثبت نسور تونس جدارتهم الرياضية والأخلاقية في منافسة رائعة مع فريق عتيد يشرف على حظوظه مدرب حاز لقب كأس العالم مع منتخب السامبا البرازيلي . المشهد كان بصراحة رائعا مع كل هدف تونسي هز شباك المنتخب الجنوب افريقي, ولاشك في أن هدف دي سانتوس الثاني الذي جاء على اثر مراوغة ابداعية نادرة كان أحلى ماشاهده التونسيون منذ مشاركتهم في بطولة كأس العالم بالمكسيك سنة 1978 ... وماكان أحلى من الهدف هو تسارع لاعبي الفريق الوطني بمن فيهم "سيلفا دي سانتوس" الى السجود جماعيا على أعشاب ملعب تامالي شكرا لله على ماوفقهم اليه من أداء متألق رائع . مشهد ايماني اهتزت له قلوب التونسيين والتونسيات فرحة , بموازاة اهتزازهم لأهداف جميلة خلدت ملحمة كروية عضدتها مشاهد رفعة الخلق والايمان . فريق متألق بدت على عناصره اضائات الالتزام الرياضي والخلقي حين وجهوا رسالة للرأي العام التونسي والعربي مفادها عمق التزامهم بقيم وتعاليم هوية شعبهم ومنطقتهم بموازاة حذقهم للعبة يعشقها التونسيون منذ ملحمة العقربي وعتوقة والنايلي وتميم وطارق وذويب وغميض والكعبي ومحمد علي عقيد ....
رسالة رياضية مشرفة رفعت رأس تونس بلدا وشعبا وأحيت قيم الالتزام الخلقي في مشروع وطني رياضي يعكس ابداعات شعب لابد أن يقايل بالتكريم على سائر الصعد وفي مختلف المجالات . رسالة المنتخب الأخلاقية الرفيعة لم تتوقف يوم الأحد 27 يناير 2008 بل انها تواصلت عبر سلوك أروع قام به جوهر المناري وكريم حقّي وعصام جمعة وأمين الشرميطي وشوقي بن سعادة ومهدي النفطي حين قاموا بتوزيع هدايا ومساعدات انسانية على ضعاف الحال بمدينة تامالي الغانية وهو مااستقبل من قبل هؤلاء المعوزين بكثير من الفرحة والاستبشار . مشهد أردنا ألا نحرم القراء الأعزاء من تفاصيله عبر اقتباس مالذ وطاب من سلوك انساني واسلامي رفيع خط أحداثه كل لاعبي المنتخب الوطني التونسي حين تجولوا في أسواق تامالي الجميلة وتخيروا شحن حافلة بما رأوه صالحا لدعم الأسر الغانية المعوزة "...تحوّلت مجموعة من وفد المنتخب الوطني إلى السوق لاقتناء البضاعة وشحنها في حافلة ثم تولى كل من جوهر المناري وكريم حقّي وعصام جمعة وأمين الشرميطي وشوقي بن سعادة ومهدي النفطي توزيعها على عديد المعوزين الذين تقبّلوها بفرحة كبيرة في أجواء تضامنية رائعة. وتمثلت المواد التي تم توزيعها على وجه الخصوص في الأرز والزيت والمصبّرات والحليب وبعض الأنواع من المرطبات المعلّبة إضافة إلى مواد التنظيف كالصابون وغير ذلك. وهذه الحركة التي قوبلت باستحسان كبير من لدن الجميع، جاءت ببادرة من كافة لاعبي المنتخب الذين اتّفقوا بعد فوزهم الباهر والثمين على نظيرهم الجنوب إفريقي ..على التبرّع إلى فقراء مدينة تامالي بشيء مما يحتاجونه لحمد اللّه وشكره على نعمته. وقد تقاسم اللاعبون فيما بينهم المبلغ الإجمالي لكلفة المقتنيات من مالهم الخاص."** مشهد اسلامي وانساني ووطني رائع لانملك تجاه أصحابه الا التقدير والاحترام والاكبار, وهو بلاشك مؤشر اخر على أصالة شعب اتهمه البعض بالتقصير تجاه دينه والفضيلة والأخلاق من خلال رصد المشهد العام حصريا من زاوية الاعلام المرئي دون غيره من مسارب الاعلام الحر . هذه هي تونس الرائعة تطل بعظمة أبطالها الرياضيين عبر مشاهد الجمال الكروي وفنونه وعبر مدرسة أخلاقية متقدمة يقودها اليوم جيل جديد من الرياضيين تشرب من معين الطهر بعيدا عن درن السياسة وصراعاتها المرة . كتبه مرسل الكسيبي بتاريخ 29 جانفي 2008 للتفاعل مع الكاتب : [email protected] الهاتف : 00491785466311