بلغت خدمة الدين الخارجي المتراكمة في نهاية جانفي 2024، حسب المؤشرات النقدية والمالية التي نشرها البنك المركزي التونسي نهاية الأسبوع الماضي، 892.3 مليون دينار، وهو تقريبا نفس المستوى المسجل خلال نفس الفترة من العام الماضي والمقدر ب 888.7 مليون دينار. وتؤكد هذه البيانات الصادرة عن مؤسسة الإصدار قدرة البلاد على سداد أقساط ديونها الخارجية، مما يجعل من احتمالات عدم تحمل عبء الدين العمومي الخارجي تتلاشى ويؤيد وجود ملاءة مالية كافية للبلاد تسمح باستدامة الاقتراض الخارجي، خصوصا ان السلط المالية تمكنت العام الماضي من سداد كافة أقساط الدين الخارجي عند اجال استحقاقها وهي التي ناهزت نحو 11.7 مليار دينار. وجرت عمليات السداد دون أي تعثر او جدولة وذلك على عكس افادة عدد من وكالات الترقيم، في هذا الصدد. وبالرجوع إلى أرقام البنك المركزي التونسي، فقد غطى مجموع إيرادات السياحة وتحويلات الجالية التونسية بالخارج خدمة الدين الخارجي بنسبة 123.6 بالمائة علما ان اجمالي هذه الموارد بلغت أواخر جانفي الفارط 1103.3 مليون دينار، بزيادة قدرها 81.9 مليون دينار مقارنة بقيمتها في نهاية نفس الفترة من العام السابق. وكان مجلس إدارة البنك المركزي قد ثمن في بيانه الأخير الصادر يوم 2 فيفري الجاري ما تحقق على مستوى القطاع الخارجي من توازن حيث أشار الى التراجع الملحوظ للعجز الجاري المتعلق بالمدفوعات الخارجية الى 4058 مليون دينار أو 2.6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لكامل سنة 2023 وهو أدنى مستوى يتم تسجيله منذ سنة 2007. وقد أدى تقلص العجز التجاري إلى مستوى 17.1 مليار دينار في سنة 2023 وتحسن فائض ميزان الخدمات (+6 مليار دينار) إلى انخفاض ملموس في العجز الجاري. ويمثل هذا الاتجاه مرحلة جديدة على طريق استدامة الدين الخارجي التونسي، بما يمكن السلطات المالية من الوفاء بالالتزامات الخارجية للبلاد عند استحقاقها في سياق حيز مالي متوازن قائم على الملاءة والسيولة، مع الحفاظ على مؤشر مستقر لقائم الدين الخارجي بما يتماشى مع الرصيد الأولي للميزانية. يذكر أنه وفقا لأحدث الأرقام الواردة في تقرير الديون الدولية الذي أعده البنك الدولي في ديسمبر الماضي بعنوان "تقرير الديون الدولية 2023″، فان نسبة الدين الخارجي المستحق إلى الدخل القومي الإجمالي لتونس تناهز نحو 9 بالمائة في نهاية عام 2022، بينما تشكل الديون المستحقة 170 بالمائة من صادرات البلاد في نهاية السنة المالية السابقة، وتمثل خدمة الديون 18 بالمائة من إجمالي حجم الصادرات. وتظهر البيانات، في نفس السياق، أن الديون قصيرة الأجل تمثل 34.5 بالمائة من إجمالي رصيد الدين الخارجي في عام 2022. ووفقا للبنك الدولي، زادت مدفوعات خدمة الديون – أصل الدين والفائدة – بنسبة 5 بالمائة مقارنة بالعام السابق بالنسبة للبلدان النامية ككل.