تسعى سلط الاشراف لإحكام صياغة قانون المالية باعتباره تجسيما لرؤية الدولة وخياراتها، والمتمثلة أساسا في تثبيت التعافي وتحقيق الإقلاع الاقتصادي من خلال حفز الاستثمار ومواصلة تدعيم أسس الدولة الاجتماعية. ويتم التأكيد باستمرار، في هذا الصدد، على ضرورة أن يرتكز قانون المالية على تقييم ما تمّ تحقيقه من منجزات ومراكمة النتائج الإيجابية واستشراف التطورات وفق رؤية توفّق بين متطلّبات التصرّف الناجع والأمثل لموارد الدولة وبرامجها، وعلى مزيد العمل على مقاومة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية وتعزيز استدامة المالية العمومية وتوفير ظروف وسبل نجاح التغيير الهيكلي للاقتصاد الوطني. كما يجري التأكيد، في ذات السياق، على أن تحسّن المؤشرات الاقتصادية والمالية ينبغي أن ترافقه إجراءات ترمي إلى تكريس خيار العدالة الجبائية والتحكّم في نسبة التضخّم وتعزيز القدرة الشرائيّة وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية والاستجابة لانتظارات وتطلّعات الشعب التونسي بمختلف فئاته. على هذا المستوى، شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، في لقاء جمعه يوم أمس الإثنين 14 أكتوبر 2024 بكمال المدوري، رئيس الحكومة، على ضرورة على ضرورة استعادة الدور الاجتماعي للدولة والاستعاضة عن المفاهيم البالية بمفاهيم أخرى تقوم على أفكار جديدة مستعرضا جملة من الخيارات التي وردت في مشروع قانون المالية الذي تم توجيهه إلى كل من مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم عملا بالآجال التي حددها الدستور، مشددا على أن المالية العمومية يجب أن تقوم، في المقام الأول، على قدراتنا الذاتية وعلى اختياراتنا الوطنية، وعلى أن تقوم على العدل والإنصاف وعلى تحقيق الاندماج الذي هو الهدف الأساسي الذي تسعى إليه كل دولة. ويهدف مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2025، الصادر مؤخرا عن وزارة المالية الى تحقيق استدامة المالية العمومية والحد من التداين مما يمكن من خلق مجال مالي للاستثمار في القطاعات الحيوية. وتكرس التوجهات المالية الرسمية الخيارات الوطنية للحفاظ على سيادة الدولة والتعويل على الموارد الذاتية مع الانفتاح على أسواق وفرص تعاون اقتصادي جديدة لتحقيق الازدهار في كل المجالات. كما يتضمن المشروع الدعوة الى تسريع آجال انجاز المشاريع العمومية والخاصة استجابة لأولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والجهوي واعتماد سياسات مالية ناجعة تقوم على تعزيز موارد الدولة، وترشيد النفقات العمومية، تنبني على مواصلة الاصلاحات الوطنية، ومقاومة التهرب الضريبي، وإدماج القطاع الموازي، وتحسين حوكمة إدارة القطاع العام. ويشمل ذات المشروع كذلك خلق مصادر الرزق في المناطق الداخلية عبر دعم مسار إحداث الشركات الاهلية وتعزيز مساهمتها في التنمية والنهوض الاقتصادي والاجتماعي والتقليص في نسبة البطالة من خلال الاحاطة ودعم الباحثين عن الشغل.