على الرغم من معدل الإشماس الاستثنائي، تكافح تونس لاستغلال إمكاناتها الشمسية بشكل كامل. وفي حين تستفيد البلاد من كمية كبيرة من الإشعاع الشمسي، فإن مستوى مزيجها الطاقي وحصة الطاقة الشمسية منه لا تزال منخفضة نسبيًا. ويثير هذا الوضع تساؤلات عديدة حول التأخير المسجل، على هذا الصعيد، والإجراءات التي اتخذتها سلط الاشراف لدعم المستثمرين لتطوير هذا القطاع الحيوي لتحسين مؤشر الاستقلالية الطاقية للبلاد. ومثلت الطاقات المتجددة، وفق اخر البيانات المحينة، حوالي 1.1 بالمائة فقط من استهلاك الطاقة الأولية في تونس، وهو مستوى محدود للغاية يتطلب التدارك باعتبار اعتماد البلاد بشكل أساسي على الغاز الطبيعي، الذي يتم استيراد أكثر من نصفه، وهو ما يشكل ضعفا كبير لمؤشر الاستقلالية الطاقية ويثقل كاهل ميزانية الدولة. ومع ذلك، فإن إمكانات الطاقة الشمسية التونسية هائلة، حيث تقدرها الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة بما يتراوح بين 340 و844 جيغاواط. وعلى الرغم من هذا الزخم المهم، فإن تعميم استغلال الطاقة الشمسية لا يزال دون التطلعات، مما يحد من تنوع مصادر مزيج الطاقة ولا يساعد على تقليل الاعتماد على الواردات. تأثير إيجابي في الاقتصاد هذا وتعد تونس واحدة من الدول التي تمتلك إمكانيات جيدة في مجال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وهو ما يمكن أن يحدث تأثيرًا إيجابيًا في عدة قطاعات اقتصادية محورية، حيث يتم يتوجه بنسق حثيث لدعم استعمال الطاقة الشمسية في مختلف المجالات. وتعود أهمية هذه الطاقة إلى أنها نظيفة ومتجددة، مما يساهم في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية. في هذا الإطار، أشرفت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة السيدة فاطمة الثابت شيبوب نهاية الأسبوع الفارط، على موكب وضع حجر الأساس لإنجاز مشروعين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بقدرة 10 ميغاواط لكل مشروع وذلك بمعتمدية فريانة من ولاية القصرين بحضور عدد من إطارات الوزارة والرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز فيصل طريفة وممثلين عن الشركات المستثمرة في المشروع والجهات المانحة. وتشرف شركتين على انجاز هذين المشروعين في إطار نظام التراخيص وبتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بكلفة تناهز 14.5 مليون أورو أي ما يعادل 48 مليون دينار. وجرى التأكيد، في هذا الصدد، على أن هذين المشروعين سيساهمان في تعزيز الشبكة الوطنية للكهرباء إلى جانب ضمان جودة واستمرارية التزوّد بالتيار الكهربائي بالجهة والاستجابة للطلب خاصة في فترة ذروة الاستهلاك. استراتيجية وطنية للانتقال الطاقي في نفس السياق، يندرج انجاز هذه المشاريع في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي من خلال تحقيق نسبة إدماج الطاقات المتجددة في المزيج الوطني للكهرباء بنسبة 35 بالمائة بحلول سنة 2030، بما سيساهم أيضا في مزيد التشجيع على الاستثمار في مجال الطاقات النظيفة مقابل التقليص من عجز ميزان الطاقة الأولية. كما انه من المنتظر ان يمكن هذين المشروعين من إنتاج كهرباء يعادل استهلاك حوالي 30 ألف مسكن وتحقيق اقتصاد بحوالي 8 آلاف طن من الغاز الطبيعي سنويّا بقيمة تناهز 4 مليون دولار وذلك بالتوازي مه المساهمة المرتقبة للمشروعين سيساهمان في التخفيض من انبعاث الغازات الدفيئة بحوالي 17 ألف طن سنويّا. ومن المنتظر أن يدخلا حيّز الإنتاج قبل صائفة 2025. وكانت الحكومة قد أعلنت مؤخرا عن توقيع اتفاقيتي إنجاز محطتي إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بكل من ولايتي قفصة وتطاوين، بقدرة 300 ميغاواط ليتم بذلك استكمال 500 ميغاواط ضمن المرحلة الأولى من إنتاج الكهرباء كاشفة ان تكلفة الاستثمارات الإجمالية للمحطتين تقدر بحوالي 800 مليون دينار. يذكر ان تونس أطلقت مؤخرا خطتها الشمسية التونسية، بهدف إنتاج 35 بالمائة من الكهرباء من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030. كما تهدف هذه الخطة إلى إنشاء قدرة متجددة تبلغ 3815 ميجاوات، بما في ذلك 1510 ميجاوات للخلايا الكهروضوئية. ويتضمن البرنامج استثمارات ضخمة تقدر ب 18 مليار دينار (6 مليار أورو) لتطوير استغلال الطاقات المتجددة، ومن المتوقع أن تأتي هذه التمويلات من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فضلا عن التعاون الدولي. لكن على الرغم من هذه الخطة الطموحة، فإن الواقع لا يزال بعيدا عن مواكبة النسق المتوقع. وتبلغ قدرة الطاقة المتجددة المثبتة حاليًا في تونس حوالي 500 ميجاوات، وهو مستوى بعيد عن الهدف البالغ 3815 ميجاوات. مما يثير تساؤلات حول قدرة البلاد على تحقيق أهدافها ضمن الإطار الزمني المحدد.