عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة جلسة بعد ظهر اليوم الأربعاء 18 جوان 2025 خصصتها للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الصّحة بخصوص موضوع تسويق المنتجات الصّحية عبر الانترنت. وفي بداية الجلسة بيّن ممثلو الوزارة أنّ مسالك توزيع الأدوية في تونس تخضع الى ضوابط قانونية صارمة خلال كافة المراحل، ومن ذلك أن استيراد الأدوية من الخارج هو اختصاص حصري للصيدلية المركزية، كما أن تصنيعها وترويجها في تونس يخضع لتراخيص ومراقبة من هياكل مختصة أهمها الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة. واعتبروا أن تونس راكمت مكاسب وتجارب مهمة في هذا المجال، إلا أنها أصبحت اليوم مهدّدة بفعل تنامي الطلب على المواد شبه طبية كالمكملات الغذائية خاصة بعد جائحة كوفيد، وازدهار تجارة هذه المواد عبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بفعل التّطور التّكنولوجي الذّي يعرفه العالم في السنوات الأخيرة. وأشار ممثلو الوزارة الى صعوبة مراقبة هذه المنتجات باعتبار أنها في الغالب مجهولة المصدر ويصعب تتبعها أو سحبها، وهو ما يشكل تهديدا لصحة الإنسان والحيوان بما يستدعي تدخلا تشريعيا من خلال نصوص خاصة تجرم بوضوح هذه الممارسات وتضبط العقاب اللازم لها. وخلال النقاش اعتبر أغلب المتدخلين أن المواطن يلجأ عادة لشراء هذه المنتجات من غير المسالك القانونية رغم علمه بخطورتها وذلك لعدة أسباب موضوعية أهمها غلاء الأدوية والمواد الصّحية الأخرى كالمكملات الغذائية وحليب الأطفال بما يشجع على اقتناء الدّواء من المسالك الموازية، كما أنّ فقدان بعض الأدوية وسوء توزيعها يشجع على هذه الظاهرة وهو ما يستدعي من الوزارة إيجاد حلول لهذه المشاكل قبل التفكير في التجريم وتوقيع العقوبات. وتباينت مواقف النواب بخصوص نطاق المنع حيث رأى بعض المتدخلين أن ذلك يجب أن يشمل جميع المنتجات ذات العلاقة بصحة الإنسان والحيوان وليس الأدوية فقط، في حين اعتبر آخرون أن المنع المطلق لتسويق المكملات الغذائية ومواد التجميل وما شابهها عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي فيه مبالغة ويناقض التّوجهات العالمية نحو الرقمنة وتشجيع التّجارة عن بعد بحيث يكون التّقنين بضوابط صارمة كافيا لتحقيق الغرض. وأفاد النواب أنّ هناك مقترح قانون يتعلّق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بصفة عامة، مقترحين تضمين هذا المقترح أحكاما تمنع المتاجرة بالأدوية بواسطة الانترنت. كما دعا عدد من النواب إلى ضرورة البحث عن الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى انتشار بيع الأدوية عبر الانترنت، معبرين عن رغبتهم في التعاون مع الوظيفة التنفيذية من أجل التصدي إلى هذه الظاهرة التي تشكل خطرا بالغ الأهمية على منظومة الأدوية التونسية التي تعد منظومة مرجعية في القارة الافريقية. وفي تفاعلهم مع هذه الملاحظات، أكد ممثلو الوزارة أن الوزارة بمختلف الهياكل التابعة لها تسعى إلى حماية المنظومة الوطنية للأدوية، وتعمل على تطويرها من خلال رقمنتها وتعزيزها بمبادئ الحوكمة الرشيدة وحسن التصرف في الموارد المتاحة. وأضافوا أن الصيدلية المركزية تعمل على توفير الأدوية الحياتية والأساسية للمواطنين والتحكم في تكلفتها، وفي هذا الإطار سيتم عرض جملة من المقترحات على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليها ضمن قانون المالية القادم، كما بين ممثلو الوزارة أن هناك العديد من مشاريع النصوص الترتيبية التي تنكب الوزارة على دراستها بالتشاور مع الأطراف المعنية من أجل تطوير المنظومة الصحية ككل.