أحدث إعلان نتائج البكالوريا الرئيسية لسنة 2025 صدى واسعًا في الأوساط التربوية التونسية، حيث خطف التوأمان محمد مالك ومحمد العربي الشعّالي الأضواء بأدائهما الاستثنائي والمزدوج. ينتمي الشقيقان إلى نفس المؤسسة التربوية، وينحدران من عائلة تونسية ملتزمة، وقد أظهرا مسارًا دراسيًا لافتًا، كلٌّ في اختصاص مختلف. فقد أحرز محمد مالك، المنتمي إلى شعبة الآداب، أعلى معدّل وطني في اختصاصه بمعدّل متميز بلغ 16.64 من 20، في حين تألق شقيقه محمد العربي في شعبة الرياضيات بمعدّل 17.77 من 20. هذا التفوق الثنائي من نفس العائلة أثار إعجاب الأسرة التربوية وامتنان أساتذتهم. ينحدر الشقيقان من بيئة عائلية مشجعة على التعلّم والانضباط، فوالدهما يعمل وسيطًا جمركيًا ووالدتهما مربية مختصة. وقد زاد وقع نجاحهما بعدما تلقّت والدتهما النتيجة عبر الرسالة النصية الرسمية التي تعلن عن نتائج الباكالوريا، ووصفت تلك اللحظة ب"التي لا تُنسى". ورغم امتلاكه لقدرات علمية مشهودة، اختار محمد مالك شعبة الآداب بدافع شغفه باللغات والكتابة. وبيّن أن انجذابه نحو اللغة العربية وبلاغة الفرنسية وعمق الإنجليزية هو ما دفعه لاتخاذ هذا المسار. ووصفت أستاذته في اللغة العربية، نجلاء الهشري، أسلوبه الأدبي ب"الاستثنائي"، مؤكدة أنه يتمتع بنضج لغوي وكتابي نادر الظهور في سنّه. ويُعرف مالك بولعه بقراءة كتّاب مثل حسنين بن عمو وعبد الرحمن منيف، كما يشارك كتاباته على وسائل التواصل الاجتماعي ويطمح لمواصلة دراسته في اختصاص اللغة العربية. ويرى مدير معهد منوبة، محسن الرياحي، أن هذا التفوق ليس وليد الموهبة الفردية فقط، بل نتيجة المتابعة الحثيثة من قِبل الإطار التربوي والإدارة، مؤكّدًا على انضباط التوأمين وروحهما الجدية وسلوكهما النموذجي، معتبراً أن هذا النجاح يُجسّد تميز مدرسة حديثة التوجه. إنّ نجاح التوأمين الشعّالي يرمز إلى الإمكانات الهائلة التي تختزنها الطاقات الشابة في تونس، حين تنشأ في بيئة عائلية وتعليمية محفّزة. كما أن المسارين المختلفين – الأدبي والعلمي – يمثلان رسالة قوية حول أهمية تنويع وتشجيع المواهب. ويُعدّ هذا المثال فرصة للمنظومة التربوية التونسية لإعادة الاعتبار لشعب غالبًا ما تُقلّل من شأنها مثل الآداب، ولتعزيز أهمية التأطير التربوي كرافعة رئيسية نحو التميّز الوطني.