أثار حادث وفاة مأساوي خلال عملية نفذتها شرطة الهجرة في مزارع القنب بالقرب من لوس أنجلوس موجة غضب و تجدّدت التوترات حول سياسة الهجرة التي ينتهجها دونالد ترامب. ففي ليلة الخميس 10 جويلية 2025، أسفرت عملية عنيفة نفذها عناصر الشرطة الفيدرالية للهجرة عن مقتل خايمي ألانيس و هو عامل زراعي مكسيكي في مقاطعة فينتورا بولاية كاليفورنيا. و كان الرجل في الأربعينات من عمره و يعمل في بيوت بلاستيكية لزراعة القنب مرخّص لها و تابعة لشركة "Glass House Brands". و وفقًا لأقربائه، فقد حاول الفرار من العناصر الأمنية قبل أن يسقط من ارتفاع تسعة أمتار، ما أدى إلى إصابته بجروح قاتلة. و تندرج هذه العملية ضمن حملة فيدرالية تستهدف تشديد الرقابة على الهجرة غير النظامية و أسفرت عن اعتقال 200 مهاجر غير موثّق، وفق بيان صادر عن وزارة الأمن الداخلي الأميركية (DHS). و قد نُفذت المداهمات في المناطق الزراعية بكاربينتيريا و كاماريو، شمال غرب لوس أنجلوس. و في الوقت ذاته، أعلنت السلطات الفيدرالية عن "إنقاذ" 10 أطفال من أوضاع تشغيل قسري و مخاطر الاتجار بالبشر. من جهتها، نفت شركة "Glass House Brands" بشكل قاطع أي خرق لقوانين العمل و أكدت أنها لم توظف قُصّراً في أي وقت. عامل « بريء و مجتهد » أُعلن عن وفاة خايمي ألانيس يوم السبت، من خلال تحديث نُشر على صفحة GoFundMe التي أطلقها أفراد عائلته. و كتب أحد أقاربه : «عمي خايمي لم يكن سوى مزارع بريء و مجتهد». و بحسب شهاداتهم، فقد طارده عناصر الأمن و سقط من سطح أحد البيوت البلاستيكية أثناء محاولته الفرار. أما وزارة الأمن الداخلي، فنفت أن يكون ألانيس قد احتُجز أو طارده أي عنصر بشكل مباشر. و أوضحت المتحدثة باسم الوزارة، تريشا ماكلوفلين، أن الضحية صعد إلى السطح من تلقاء نفسه محاولًا الهرب، قبل أن يسقط. و أكّدت أنّ سيارة إسعاف استُدعيت على الفور. و قد تحولت العملية إلى مواجهة ميدانية، إذ حاول أكثر من 500 متظاهر عرقلة المداهمة، بحسب الوزارة. و تمّ توجيه تهم إلى أربعة مواطنين أميركيين بسبب اعتداءات أو مقاومة لرجال الأمن. و تُظهر مقاطع فيديو بثتها وسائل إعلام محلية قوات الأمن بزي مكافحة الشغب و هي تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، بينما يردّ البعض برشق الحجارة. و في خضم هذا التصعيد، علّق دونالد ترامب مساء الجمعة عبر منصة "Truth Social"، داعيًا القوات الفيدرالية إلى استخدام «جميع الوسائل اللازمة» ضد من وصفهم ب«الحثالة». مناخ مشحون بشكل متزايد تأتي هذه المأساة بعد شهر من موجة مظاهرات في لوس أنجلوس تندّد بأساليب إدارة ترامب الجديدة في التعامل مع الهجرة. و يعيش العمال الزراعيون و غالبيتهم من المهاجرين غير النظاميين حالة من الخوف و الغضب المتصاعدين رغم دورهم الحيوي في الاقتصاد الكاليفورني. آرون فوينتيس، وهو مشرف في شركة "Glass House" و كان حاضرًا أثناء المداهمة، وصف المشهد بالفوضوي : «كانت هناك عمليات تفتيش عنيفة، أناس مذعورون و أعمال عنف». و بينما تبرز السلطات الجانب المتعلق ب"حماية الأطفال"، فإن وفاة خايمي ألانيس تلقي بظلال قاتمة على هذه الحملة الأمنية. و هكذا، فقد أسفرت العملية الأمنية يوم الخميس، التي كان يُفترض بها أن تعزز الأمن و تحارب العمل غير القانوني، عن وفاة عامل و اعتقال مئات المهاجرين و تعميق الانقسام داخل المجتمع الأميركي. و في مناخ انتخابي يزداد توتّرًا ، يُعيد هذا الحادث إشعال الجدل حول أساليب عمل القوات الفيدرالية و احترام حقوق الإنسان و مشروعية السياسات الحالية للهجرة. و يبقى السؤال مطروحًا : بأي ثمن نؤمّن الحدود ؟ تعليقات