يحاول اعضاء من مجلس نواب الشعب من خلال مبادرة تشريعية دعم حقوق النساء العاملات وذلك في اطار سن تشريعات جديدة تمنحهنّ إمكانية للارتقاء الوظيفي والاضطلاع بدورهنّ في رعاية أسرهنّ، لا سيّما اللواتي يرعين أطفالاً من ذوي الاحتياجات الخاصة. في هذا الصدد، قدّمت مؤخرا مجموعة من النواب مقترح قانون يهدف إلى ضمان التوازن بين العمل والحياة الأسرية للأمهات العاملات من خلال اجراءات للحماية والدعم تطبق على العاملات في القطاعَين العام والخاص. دعم اقتصادي واجتماعي ويقترح مشروع القانون الذي نشر على الموقع الرسمي لمجلس النواب، توفير إمكانية حصول النساء على مساعدة اجتماعية تشمل منحة شهرية للأمومة تُحدد حسب عدد الأطفال دون سن ال12، بقيمة لا تقل عن 150 ديناراً للطفل الأول، و100 دينار لكلّ طفل إضافي. كما يفرض مشروع القانون أن توفر الشركات الكبرى أماكن لرعاية الأطفال، أو التعاقد مع مراكز رعاية، وضمان الحق في العمل وفق توقيت جزئي (نصف يوم أو عن بُعد) مع مراعاة متطلبات الإنتاجية من دون المسّ بحقوق المرأة المهنية أو أجورها. ويوفر المشروع أيضاً الحماية اللازمة للنساء من الطرد أو الاستبعاد من العمل بسبب إجازة الأمومة، كما تنص فصوله على ضرورة السماح للنساء الحوامل أو المرضعات بتأجيل أو إعادة جدولة امتحاناتهنّ المهنية لضمان ظروف تقييم عادلة ومتوازنة. ويوضح النواب اصحاب المبادرة أن مكتب مجلس نواب الشعب أحال القانون على لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة من أجل توسيع دائرة النقاش في الفصول المقترحة، باعتبار ان اقتراح القانون يندرج في إطار تعزيز التشريعات الاجتماعية التي تعطي للأسرة المكانة اللازمة بوصفها النواة الأولى في المجتمع، ويكرّس دعم حقوق النساء العاملات بما يعزز صلابة الأسر وتماسكها. نحو مزيد الحفاظ على الفضاء الاسري كما تندرج المبادرة في اطار اشمل يتعلق بان خروج المرأة للعمل وتقلّص حضورها في الفضاء الأسري يحتم توفير وسائل لدعم دورها في تنشئة الأطفال والحفاظ على توازنهم من أجل تفادي الآثار السلبية لغياب الرعاية العائلية للناشئة التي تظهر في زيادة الانقطاع الدراسي وارتفاع مستوى الجريمة. هذا ويشكل مشروع القانون محاولة لتوفير مناخ أفضل للمرأة العاملة في البلاد على نحو عام من أجل تجاوز الصعوبات التي تعترضها في التوفيق بين دورها كأم وموظفة، ذلك ان التوقيت المرن لعمل النساء يمكن أن يكون حلاً مقبولا لتعزيز حضانة الأطفال دون ال12 عاماً غير انه من المهم ان يوجد انخراط للمؤسّسات المشغلة في دعم التشريعات التي ترعى حقوق الأسر، ومن ذلك توفير حضانات للأطفال في محيط المؤسّسات، لما للأمر من تبعات على مستوى التوازن العاطفي للأم وأطفالها، وجعلها أكثر قرباً منهم، مما يعزز الوضع النفسي للأطفال. وفي نهاية جوان الماضي، أقرّ مجلس نواب الشعب نصاً جديداً يمنح الأبوين إجازة لفترة أطول بعد الولادة، في إطار خطة اجتماعية لدعم حقوق النساء، وسمح قانون عطلة الأمومة بمراجعة النص القديم الذي يعود إلى عام 1967. كما نصّ القانون على استحداث عطلة ما قبل الولادة، وزيادة فترة عطلة الولادة إلى ثلاثة أشهر، واستحداث عطلة ولادة لفائدة الأم التي وضعت طفلاً ميتاً، إضافة إلى رفع مدة عطلة الأبوة إلى عشرة أيام، وتطبيق عطلة ما بعد الولادة على مؤسسات القطاع الخاص، وزيادة فترة راحة الرضاعة. اهمية دور المؤسسات ويؤكد مراقبون أنه من المهم ان تقطع الاقتراحات في هذا الاطار مع الصورة الاجتماعية التي تكرّس النمطية التي تحمّل المرأة كامل مسؤولية رعاية الأطفال والأسرة، في وقت يجب أن تكون هذه المسؤولية مشتركة بين الأبوين. ويأتي ذلك باعتبار ان التجربة أثبتت أن القوانين التي يفترض أن تدعم حقوق الأم والمرأة داخل الفضاء المهني يمكن في بعض الحالات أن تمنع قبولهنّ في مواقع العمل، إذ تعطي المؤسسات أفضلية للرجال نظراً إلى قدرتهم على توفير العمل بوقت كامل وذلك في سياق يقتضي ان تكون فيه مشاريع القوانين مطالبة بالحفاظ على حقوق النساء ودعمها مع مراعاة خصوصيات سوق العمل، فعدد النساء الحاصلات على شهائد عليا يفوق عدد الرجال، لكنهنّ أقل حظاً في الحصول على مواقع عمل، مما يحتم أن تنصف التشريعات الجديدة النساء على مستوى فرض تقاسم الأعباء الأسرية بالكامل. وتطالب جمعيات نسوية بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية ومراجعة اتفاقية حماية الأمومة عدد 183 التي تؤكد حقّ كل أم، سواء في إطار الزواج أو خارجه، في الحصول على عطلة أمومة قبل شهر من الولادة وأربعة أشهر بعد الولادة، كي تكون كلّ الأمّهات على نفس القدر من المساواة، وتجنّب أي تعقيدات صحية قد تصيب الأم أو طفلها.