أكد التصنيف العالمي الأخير الصادر في جويلية 2025 عن شركة "هينلي وشركاؤه" (Henley & Partners) توجّهًا لافتًا في خارطة النفوذ العالمي: التراجع التدريجي لقوة جواز السفر الأميركي على الساحة الدولية. فقد بات جواز السفر الأميركي يحتل المرتبة العاشرة، متساويًا مع جوازي سفر آيسلندا وليتوانيا، إذ يُمكّن حامليه من الدخول إلى 184 وجهة دون تأشيرة، مقابل 193 وجهة لجواز سفر سنغافورة، الذي حافظ على صدارته العالمية. فقدان نفوذ يعكس التحوّلات الأميركية… وسنغافورة وآسيا تتصدر بعد أن كان يحتل المركز الأول عالميًا عام 2014، شهد جواز السفر الأميركي تراجعًا تدريجيًا على مدى السنوات، تأثّر بتشديد السياسات المتعلقة بالهجرة، وتعقيد شروط الحصول على التأشيرات. ووفق صحيفة واشنطن بوست، فإن هذا التراجع يتزامن مع الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، وما رافقها من إجراءات رقابية صارمة على التأشيرات، من بينها مطالبة المتقدمين بالكشف عن حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للسلطات القنصلية الأميركية. هذا التراجع في حرية التنقّل يعكس تحوّلًا دبلوماسيًا ملحوظًا، حيث بدأت العديد من الدول في التفاعل مع السياسات الأميركية المغلقة والمتدخّلة بمزيد من الحذر أو التضييق. في المقابل، برزت سنغافورة كقوة أولى عالميًا في مجال حرية التنقل، إذ تتيح جوازات سفرها دخول 193 دولة دون تأشيرة، متقدّمة على اليابان وكوريا الجنوبية اللتين تحتلان المرتبة الثانية (190 وجهة لكل منهما). وتحافظ الدول الأوروبية على موقعها المتقدّم، حيث تحتل مجموعة من الدول مثل فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، وإيطاليا مراتب بين 188 و189 وجهة، مما يضع الاتحاد الأوروبي في قلب منظومة حرية التنقل العالمية. الجواز التونسي يتقدّم بمركزين خبر سار لتونس: فقد تقدّم جواز السفر التونسي بمركزين في تصنيف "هينلي" لسنة 2025، ليحتل المرتبة ال71 عالميًا. وأصبح يُتيح لحامليه السفر إلى 67 دولة دون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول. ويعكس هذا التقدّم الطفيف تحسنًا تدريجيًا في صورة تونس دوليًا، إلى جانب تطور بعض الاتفاقيات الثنائية في مجال التنقل. جوازات عربية من بين الأضعف عالميًا كما سلّط التقرير الضوء على الوضع المقلق لعدة دول عربية، لا تزال جوازاتها من بين الأضعف في العالم من حيث حرية التنقل: * أفغانستان: 25 وجهة دون تأشيرة * سوريا: 27 وجهة * العراق: 30 وجهة * اليمن، باكستان، الصومال: 32 وجهة * ليبيا: 38 وجهة وترتبط هذه القيود غالبًا بعوامل عدم الاستقرار السياسي، أو العقوبات الدولية، أو غياب الاتفاقيات الدبلوماسية المتينة مع باقي دول العالم. فجوة عالمية في حرية التنقّل يعكس تصنيف "هينلي 2025" الفجوة العميقة في حرية التنقل على مستوى العالم. ففي حين تفتح بعض الجوازات أغلب حدود العالم أمام حامليها، لا تزال أخرى مكبّلة بعوائق الجغرافيا والسياسة. يمثّل تراجع جواز السفر الأميركي إشارة إلى تغيّر موقع الولاياتالمتحدة عالميًا، بينما يُعدّ تقدّم الجواز التونسي، ولو بشكل طفيف، مؤشرًا إيجابيًا يمكن البناء عليه. ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستحافظ هذه الديناميات على نسقها في ظل مشهد دولي يتسم بالتقلّب والضبابية؟ تعليقات