تواجه قرية سيدي بوسعيد الشهيرة، اللؤلؤة الزرقاء والبيضاء للمتوسط و مفخرة التراث التونسي، تهديدًا جيولوجيًا مقلقًا. فبعد أن كانت انزلاقات التربة تُعتبر أحداثًا متفرقة، بدأت تأخذ اليوم منحى تصاعديًا مثيرًا للانتباه. يوم الجمعة الماضي، عُقد اجتماع عمل طارئ تحت إشراف وزير الفلاحة و الموارد المائية و الصيد البحري، عز الدين بن شيخ، بحضور عدد من ممثلي الوزارات والهياكل الفنية. و قد خلص الاجتماع إلى تقييم ميداني مُقلق: التلّ الذي تقوم عليه القرية يُظهر علامات واضحة على عدم الاستقرار. تدهور تدريجي بفعل عوامل طبيعية وتدخلات بشرية و أوضح الخبراء الحاضرون أنّ الظاهرة ليست جديدة، لكنها ازدادت تكرارًا و شدّة و يُعزى ذلك جزئيًا إلى ظروف طبيعية و جيولوجية غير ملائمة. فتآكل التربة، و تكرار موجات الأمطار الغزيرة، إضافة إلى تدخلات بشرية غير مدروسة، كلّها عوامل ساهمت في إضعاف بنية الأرض. و أمام هذا الوضع، دعا الوزير إلى تعبئة فورية ومنسّقة. ومن بين الإجراءات التي تم إقرارها: * تسريع الأشغال الفنية العاجلة * الاستعانة بخبراء في مجالات الجيولوجيا و الهيدرولوجيا و هندسة التربة * تدعيم نظام المراقبة المستمرة للمنطقة المُعرضة للخطر. مكتب دراسات متخصص لتحديث المعطيات وإيجاد حلول دائمة و من المنتظر التعاقد قريبًا مع مكتب دراسات متخصص لتحديث المعطيات المتوفرة و تحسين نماذج تقييم المخاطر و اقتراح حلول دائمة لاستقرار التربة. و ستُسند إلى هذا المكتب مهمة التوفيق بين الحتميات الفنية و الحفاظ على الطابع التراثي، بالنظر إلى الأهمية الرمزية و السياحية التي تُمثلها سيدي بوسعيد. و تسعى السلطات من خلال هذا التمشي إلى تجنّب أي تدهور إضافي لهذا الموقع الذي يستقطب آلاف الزوّار من التونسيين و الأجانب سنويًا. إذ أنّ انهيارًا جزئيًا – حتى وإن كان محدودًا – ستكون له تداعيات إنسانية و اقتصادية و ثقافية جسيمة. تنسيق مؤسساتي وحملة توعية للسكان كما شدّد الاجتماع على ضرورة المتابعة الإدارية الدقيقة وتعزيز التنسيق بين مختلف الجهات المعنية. و دُعي كلّ من إدارة الموارد المائية، البلدية، السلط المحلية، وزارات الداخلية و الثقافة و التجهيز، إلى التحرك في إطار خطة موحّدة و متكاملة. و سيُرافق هذا المخطط الاستعجالي إطلاق حملة تواصلية موجّهة إلى السكان و الزوار ، تهدف إلى التوعية بأهمية الإجراءات الوقائية دون إثارة الهلع. قرية رمزية تستوجب حماية جماعية و تُصنّف سيدي بوسعيد ضمن القرى الأكثر رمزية في حوض البحر الأبيض المتوسط، فهي ليست مجرّد موقع سياحي، بل تُعدّ رمزًا لنمط العيش التونسي، وواجهة ثقافية، وشاهدًا حيًا على التاريخ المعماري للبلاد و حمايتها اليوم مسؤولية جماعية. تعليقات