خلافًا للتوقعات، سجّلت الصادرات الصينية ارتفاعًا قويًا بنسبة 7.2٪ خلال شهر جويلية 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا للبيانات الرسمية التي نشرتها إدارة الجمارك الصينية اليوم الخميس. وقد تجاوز هذا الرقم بشكل واضح توقعات المحللين الذين استطلعتهم وكالة بلومبرغ، حيث كانوا يُراهنون على زيادة أكثر تواضعًا تقدَّر ب5.6٪. وفي المقابل، ارتفعت الواردات الصينية بنسبة 4.1٪، وهي نتيجة مفاجئة أيضًا، إذ كانت التقديرات تشير إلى انكماش. ويأتي هذا النشاط الملحوظ في التجارة الخارجية الصينية في ظل هدنة تجارية مؤقتة بين بكين وواشنطن، على الرغم من استمرار التوترات بشأن الرسوم الجمركية. تراجع واضح في الصادرات نحو أمريكا لكن هذا الانتعاش العام يخفي مؤشّرات مقلقة، إذ تراجعت الصادرات الصينية نحو الولاياتالمتحدة بنسبة 6.1٪ بين جوان وجويلية، ما يعكس التأثير المستمر للسياسات الجمركية الأمريكية التي بدأت في عهد الرئيس دونالد ترامب. فقد بلغت قيمة البضائع التي صدّرتها الصين نحو الولاياتالمتحدة في جويلية 35.8 مليار دولار، مقابل 38.2 مليار في جوان. وجاء هذا التراجع رغم توصل أكبر اقتصادين في العالم الشهر الماضي إلى اتفاق مؤقت يجمّد جزئيًا الإجراءات الحمائية: حيث تم تحديد سقف مؤقت للرسوم الجمركية الإضافية الأمريكية عند 30٪، فيما أبقت الصين ضرائبها على المنتجات الأمريكية عند 10٪. ومن المنتظر أن تنتهي الهدنة الحالية يوم الثلاثاء المقبل، ما يعيد الغموض بشأن مصير الرسوم الجمركية، في وقت قد تؤدي فيه أي قطيعة مستمرة إلى تصاعد الضغط على المبادلات التجارية الثنائية. آفاق غير مستقرة يرى الخبير الاقتصادي تشيواي زانغ من شركة "بينبوينت لإدارة الأصول" أن هذا الأداء القوي للصادرات قد يكون ظرفيًا، ويُعلّق: «ربما دعمت عملية تخزين البضائع لتجنّب الرسوم الجمركية الأمريكية هذه الأرقام، لكن هذا التأثير بدأ يتلاشى، والسؤال الآن هو مدى تباطؤ الصادرات في الفترة المقبلة». إلى جانب التوترات التجارية، تواجه الصين تحديات هيكلية أخرى، على رأسها أزمة العقارات المستمرة، والتي تؤثر على ثقة المستهلكين وتثقل كاهل الميزانيات المحلية. وتُلقي هذه الشكوك بظلالها على أهداف النمو التي حددتها الحكومة، والتي تسعى لتحقيق نمو بنحو 5٪ في الناتج المحلي الإجمالي خلال 2025. اقتصاد تحت الضغط… لكنه صامد رغم هذه الضغوط، يُظهر هذا الانتعاش في الصادرات مدى قدرة الاقتصاد الصيني على الصمود، رغم بيئة عالمية تتسم بالتضخم، والتباطؤ في أوروبا، والتحوّلات الاستراتيجية في السياسات الأمريكية. وقد تساهم قوة الطلب في عدد من الدول الآسيوية والإفريقية، إلى جانب إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، في دعم الصادرات الصينية على المدى القصير على الأقل. لكن مستقبل المفاوضات مع الولاياتالمتحدة، وتوجّه السياسات النقدية العالمية، ومدى نجاح الصين في التعامل مع اختلالاتها الداخلية، ستبقى عوامل حاسمة في تحديد المسار الاقتصادي لهذا العملاق الآسيوي في الأشهر القادمة. تعليقات