في إطار التّوجّه الوطني نحو دعم الانتقال الطّاقي وتعزيز التنمية المستدامة، تسعى سلط الاشراف الى دعم جهود إزالة الكربون من قطاع الصيد التقليدي في تونس عبر تعزيز الطّاقة النّظيفة. وتهدف هذه المساعي إلى الحدّ من استهلاك المحروقات في قطاع الصيد البحري التقليدي، عبر إدماج التكنولوجيا النظيفة وتشجيع ممارسات أكثر نجاعة واستدامة، مع المحافظة على مكتسبات البحارة التقليديين ودعم قدراتهم لمواجهة التحديات المناخية والاقتصادية. تحديات الاستدامة في هذا الصدد، يواجه قطاع الصيد البحري في البلاد تحديات عديدة تهم بصمته الكربونية، ويشكل مشروع مدعوم من الصندوق العالمي للطبيعة بقيمة 250 ألف يورو، نموذجاً للحد من الانبعاثات والانتقال نحو محركات كهربائية أقل تلوثاً في القطاع الحيوي للاقتصاد. وشرعت السلط في تنفيذ خطوات أولية باتجاه تقليص البصمة الكربونية في قطاع الصيد البحري بدعم من الصندوق العالمي للطبيعة الذي اختار خليج قابس لتنفيذ أول مشروع في شمال أفريقيا، للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من أسطول الصيد عبر تحفيز الصيادين على الانتقال نحو المحركات الكهربائية الأقل تلوثاً. هذا واعلن مؤخراً، المكتب الإقليمي للصندوق العالمي للطبيعة الدخول في شراكة مع سلطات الاشراف بهدف تحديث أسطول الصيد واعتماد تقنيات لترشيد للطاقة، وتشجيع الصيد التقليدي المستدام حيث يواجه قطاع الصيد البحري في تونس اشكالات مختلفة تتعلق ببصمته الكربونية وتأثيره على البيئة البحرية والتوازن البيئي. في ذات السياق، تشير تقارير متخصصة في البيئة والمناخ إلى أن قطاع الصيد البحري يُعدّ من بين الأنشطة الاقتصادية التي تسهم، ولو بنسب متفاوتة، في انبعاثات غازات الدفيئة، سواء عبر استهلاك الوقود الأحفوري في مراكب الصيد، أو من خلال أنشطة نقل الأسماك وتخزينها وتبريدها. مشروع رائد للانتقال الطاقي ويبين الصندوق العالمي للطبيعة بشمال أفريقيا، انه اختار تونس لتنفيذ أول مشروع للانتقال الطاقي في الصيد البحري، ذلك أن قطاع الصيد البحري ككل القطاعات الاقتصادية ملوّث، ويحتاج إلى خطط للحد من تأثيراته على البيئة. وتكشف معطيات الصندوق أن معدل الانبعاثات الكربونية الناجمة عن قطاع الصيد البحري يُقدّر سنوياً ب 55 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل انبعاث 6.55 أطنان عن كل وحدة صيد. وتبرز إحصائيات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إلى أن عدد مراكب الصيد البحري في تونس تجاوز 12 ألف مركب، من بينها 8400 مركب صيد ساحلي، وهي تستخدم بشكل رئيسي محركات تعمل بواسطة مادة المازوط، ما يجعلها مصدراً غير مباشر للتلوث الكربوني. وفي هذا الاطار، يشدد الصندوق العالمي للطبيعة على أن المحركات الكهربائية ستساعد في تقليص انبعاث الغازات التي تسببها مراكب الصيد وتحسّن جودة الحياة في المناطق الساحلية. كما يوضح أنه خصص في مرحلة مبدئية اعتمادات بنحو 250 ألف يورو لتنفيذ التجربة النموذجية في خليج قابس، على أن يتم لاحقاً تطويرها بناء على التقييمات التي ستظهر مدى استجابة الصيادين واستخدامهم وسائل الطاقة النظيفة. وبشكل مفصل، ستُعدّ كراسات الشروط لتحديد نوعية المحركات الأكثر استجابة لمتطلبات قطاع الصيد في البلاد، كما سيتم إنشاء محطات شحن بطاريات في الموانئ تعتمد الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية في ظل اهمية استغلال إمكانيات الطاقة الشمسية المتاحة في تونس لتحفيز الانتقال الطاقي للقطاعات المتسببة بالانبعاثات الكربونية. كما يسعى الصندوق من خلال تنفيذ هذا المشروع إلى إثبات الجدوى التقنية والمالية لتركيب المحركات الكهربائية الشمسية في خليج قابس، وتقليص التكاليف التشغيلية والبصمة الكربونية لقطاع الصيد الحرفي. ويهدف المشروع كذلك إلى ترويج آلية تمويل ذاتي قابلة للتوسع وتعبئة الدعم المؤسسي والخاص من أجل دعم قدرات الصيادين والمؤسسات المعنية في مجالات إزالة الكربون والطاقة النظيفة. نحو خطة للتخفيض في الانبعاثات الكربونية ويُجمع المتخصصون على أن الأثر الكربوني لقطاع الصيد لا يقتصر على الغلاف الجوي، بل يمتد إلى البيئة البحرية نفسها، حيث تساهم أنشطة الصيد غير المستدامة في الإخلال بالنظم البيئية البحرية، وتدهور الشعاب المرجانية، وتناقص التنوع البيولوجي البحري، إلى جانب التلوث الناتج عن مخلفات المحركات والمعدات المهملة. كما تعمل بعض الجمعيات البيئية بالتعاون مع منظمات دولية على توعية البحّارة بأهمية الخفيض الانبعاثات الكربونية، وتبنّي ممارسات صديقة للبيئة، مثل استخدام الشباك الانتقائية وتقليص وقت الابحار. رغم هذه المبادرات، فان عديد المتخصصين يدعون الى ضرورة وضع خطة وطنية واضحة للحد من البصمة الكربونية للقطاع، تشمل تشجيع استعمال الطاقة الشمسية في الموانئ، وتقديم حوافز للبحّارة لتجديد مراكبهم، وفرض رقابة صارمة على أنشطة الصيد العشوائي. كما يقترح الخبراء إدماج الصيد البحري في الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال جمع البيانات الدقيقة وتطوير آليات الرصد البيئي المستمر. وتنتج البلاد غالبية انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال صناعات مختلفة. ففي سنة 2022، سبّب إنتاج الكهرباء والحرارة 32.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والصناعة ب 18.3%، وقطاع النقل ب 30.8%، والمناطق السكنية ب 8.8%، والفلاحة بنحو 4%. وتجابه تونس على غرار عدة بلدان في حوض المتوسط تأثيرات التغيرات المناخية رغم تصنيفها ضمن الدول الأقل إنتاجاً للغازات الدفيئة. وتخطط سلط الاشراف لوضع شروط مناسبة تتيح بدء برنامج تسعير الكربون لدعم سياسة انتقال الطاقة والتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة. وتُعتبر آليات تسعير الكربون من الأدوات الرئيسية لتشجيع الاستثمار في تدابير كفاءة الطاقة ومشاريع الطاقة المتجددة، ولا سيما في المناطق التي تمتلك أكبر إمكانيات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. تعليقات