أعاد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعمه الصريح لمفهوم «إسرائيل الكبرى» إحياء مشروع أيديولوجي قديم، متجذّر في التراث التوراتي والخطاب الصهيوني التاريخي. وتُقدَّم هذه الرؤية باعتبارها «مهمة روحية وتاريخية»، تستند إلى نصوص دينية، أبرزها سفر التكوين، وإلى عقائد سياسية طُوّرت منذ أكثر من قرن، تهدف إلى توسيع حدود إسرائيل بشكل جذري. هذا المشروع، الذي تبنّته اليمين المتطرّف المتحالف مع نتنياهو، كان قد طُرح عام 2016 من قبل بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب «البيت اليهودي» القومي الديني، ثم أعاد التأكيد عليه عام 2023 أثناء توليه وزارة المالية. ويطالب المشروع بضم مساحات شاسعة إلى إسرائيل: كامل فلسطين التاريخية، ولبنان، والأردن، وأكثر من 70% من سوريا، ونصف العراق، ونحو ثلث المملكة العربية السعودية، وربع مصر، وجزء من الكويت. تاريخيًا، حمل حزب الليكود هذه الفكرة منذ وصوله إلى السلطة عام 1977 بقيادة مناحيم بيغن. وقد روّج القادة الإسرائيليون المؤيدون للمشروع لاستخدام المسميات التوراتية «يهودا والسامرة» للإشارة إلى الضفة الغربية، وعملوا على تعزيز الاستيطان فيها. وترجع جذور هذا الطموح إلى تصريحات شخصيات تأسيسية مثل تيودور هرتزل ودافيد بن غوريون، اللذين اعتبرا أن إقامة دولة على جزء من الأرض ليست سوى خطوة أولى نحو التمدّد إلى «الأراضي الموعودة» الممتدة من النيل إلى الفرات. وتواصل المؤسسات القومية الإسرائيلية، مثل «معهد التوراة والأرض»، طرح هذه المطالبة الإقليمية، مؤكدين أن إسرائيل تمتد «من نهر الفرات شرقًا إلى نهر النيل جنوبًا». الخريطة التي رفعها نتنياهو في الأممالمتحدة في سبتمبر 2023 تجسّد هذه الرؤية، وتشمل مساحات هائلة: * فلسطين التاريخية: 27,027 كلم2 * لبنان: 10,452 كلم2 * الأردن: 89,213 كلم2 * سوريا: 70% من مساحة 185,180 كلم2 * العراق: 50% من مساحة 438,317 كلم2 * السعودية: نحو 33% من مساحة 2,149,690 كلم2 * مصر: 25% من نحو مليون كلم2 * الكويت: جزء من مساحة 17,818 كلم2 ويجري تحويل هذا البرنامج اللاهوتي إلى خارطة طريق سياسية في سياق إقليمي متوتر: حرب في غزة منذ أكتوبر 2023، ضربات على لبنانوسوريا، انهيار النظام السوري نهاية 2024، واستمرار عدم الاستقرار في عدة دول عربية. بالنسبة لنتنياهو، يمثل هذا المشروع «مهمة جيلية» يجب نقلها للأجيال القادمة، لترسيخ فكرة الدولة المتمددة، ليس فقط كهدف أمني أو سياسي، بل كقدر تاريخي منقوش في الذاكرة الوطنية الإسرائيلية. تعليقات