تعيش منظومة الزيتون التونسية مفارقة لافتة: ففي الوقت الذي تسجّل فيه الكميات المصدّرة ارتفاعًا، تتراجع العائدات بشكل ملحوظ. ووفقًا لأحدث بيانات المرصد الوطني للفلاحة، تراجعت قيمة صادرات زيت الزيتون بنسبة 31 % خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، لتناهز نحو 3,190 مليار دينار. سوق يهيمن عليه الزيت السائب لا تزال الصادرات التونسية تعتمد أساسًا على الزيت السائب الذي يمثّل 79,4 % من العائدات، مقابل 20,6 % فقط من الزيت المعلّب. هذه الهيمنة تحدّ من القيمة المضافة للقطاع وتعيق تموقع تونس في الأسواق الراقية. كميات في ارتفاع… لكن الأسعار في انهيار على مستوى الحجم، سجّلت الصادرات زيادة ملحوظة بلغت 236,9 ألف طن خلال الأشهر التسعة الأولى من موسم 2024-2025، منها 85,6 % سائبة و14,4 % معبأة. غير أنّ هذا الارتفاع لم ينجح في تعويض انهيار الأسعار: إذ تراجع معدل سعر التصدير بنسبة 50,9 % في جويلية 2025 مقارنة بنفس الشهر من سنة 2024. الزيت البيولوجي… قطاع واعد في المقابل، حافظ زيت الزيتون البيولوجي على ديناميكية إيجابية، حيث بلغت صادراته 46,9 ألف طن بقيمة قاربت 637 مليون دينار. ويُعدّ هذا القطاع من أبرز الفرص الاستراتيجية بفضل الطلب القوي عليه في الأسواق الأوروبية والأمريكية الشمالية. قطاع في حاجة إلى رؤية مستدامة تُبرز هذه الأرقام هشاشة المنظومة أمام تقلّبات الأسعار العالمية واعتمادها الكبير على التصدير السائب. ويشدّد الخبراء على ضرورة تطوير مسالك الزيت المعلّب وتعزيز علامة «زيت الزيتون التونسي» عالميًا. فمن دون استراتيجية واضحة للارتقاء بالجودة وتنويع الأسواق، قد تظل تونس تبيع أكثر حجمًا… لكنها تجني أقل قيمة. تعليقات