تمكنت تونس من تحقيق قفزة نوعية في القطاع الصحي، من خلال دعم الطب عن بعد وذلك في اطار تجربة فريدة من نوعها اقليميا وعلى مستوى القارة الأفريقية، في سياق الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، في خطوة تؤكد عمل سلط الاشراف على تجسيم الاستراتيجية الوطنية لدفع استخدام التقنيات المستحدثة في القطاع الطبي. وبدأت البلاد بالفعل في تنفيذ نماذج تجريبية للطب عن بعد، من خلال قراءة صور الأشعة للمرضى عن بعد، وتقديم فحوصات مختلفة. كما تسعى وزارة الصحة، في نفس الاطار، الى منح الأولوية المطلقة في هذا المجال، للمناطق الداخلية والبعيدة للاستفادة من خدمات الطب عن بعد، بهدف إيصال الرعاية الطبية المتقدمة إلى سكان المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات الصحية، وتجنبهم عناء التنقل لمسافات طويلة، مع توفير الوقت والجهد والتكلفة. ويأتي هذا التمشي استكمالًا لخطوات رقمنة المنظومة الصحية في البلاد، إذ جرى خلال العام الماضي تعميم منظومة المواعيد عن بعد في كافة المؤسسات الصحية، وتوسيع خدمات الطب عن بعد، إلى جانب رقمنة مؤسسات الخط الأول للرعاية الصحية، وتعزيز الرقابة على توزيع الأدوية عبر تقنيات رقمية متطورة. في هذا الصدد، أعلنت وزارة الصحة عن توسيع نشاط المستشفى الرقمي ليغطي سبع ولايات إضافية هي: سليانة، القصرين، تطاوين، جندوبة، ڨبلي، صفاقس (المحرس) ومدنين (بن قردان( . وأوضحت الوزارة أنّ هذه التوسعة تتيح للمواطنين الاستفادة من عيادات عن بعد في عدة اختصاصات من بينها أمراض السكري والغدد، أمراض المفاصل والعظام، الأمراض الجلدية وطب التغذية، بما يسهم في تقريب الخدمات الطبية وتخفيف أعباء التنقل والانتظار وتسريع عمليات التشخيص. كما يهدف المشروع إلى دعم الإطارات الطبية المحلية من خلال تقنيات الطب عن بعد والذكاء الاصطناعي. وكانت وزارة الصحة قد أطلقت يوم 27 أوت المنقضي أولى تجارب المستشفى الافتراضي عبر خدمة التصوير الطبي عن بُعد في المستشفى الجهوي بطبرقة، وشهد اليوم نفسه إجراء أولى عيادات الأمراض الجلدية عن بعد لمتابعة مرضى من المستشفى الجهوي ببن قردان (ولاية مدنين) والمستشفى المحلي بالشبيكة (ولاية القيروان.( ويرى مختصون أن المستشفى الرقمي سيعزز مكانة تونس كمركز إقليمي للابتكار في الصحة الرقمية، ما قد يفتح المجال لشراكات مع شركات تكنولوجيا طبية عالمية، ويشجع على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج. كما أن التجربة قد تمثل نموذجًا يحتذى به لدول عربية وأفريقية أخرى، خاصة في ظل التحديات التي تواجه النظم الصحية التقليدية من حيث الكلفة ونقص الاطارات. هذا وتتمثل الأهمية الاقتصادية للمستشفى الرقمي في تخفيض تكاليف الرعاية الصحية بشكل كبير، وتحسين كفاءة العمليات التشغيلية، وزيادة الإنتاجية، مما يؤدي إلى تحقيق وفورات مالية ضخمة للأنظمة الصحية. كما تعزز المستشفيات الرقمية من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى من خلال تحسين دقة التشخيصات، وتمكين الرعاية الصحية عن بُعد، وتقليل الأعباء على الموارد المحدودة، مما يسهم في تحسين الصحة العامة ورفع مستويات الكفاءة والاستدامة في القطاع الصحي. تعليقات