أُقصيت مجموعة تيليبرفورمانس، التي أعادت منذ فيفري 2025 تسمية علامتها التجارية إلى «TP»، من مؤشر كاك 40، بعد خمس سنوات فقط من دخولها اللافت إليه في جوان 2020. وبالنسبة للفاعل العالمي الأول في مجال مراكز الاتصالات، الذي يوظف نحو 500 ألف عامل حول العالم، فإن الرمزية ثقيلة: فبرغم تغيير الاسم وإطلاق خطة استراتيجية طموحة، لا تزال ثقة المستثمرين مفقودة، بفعل صعود الذكاء الاصطناعي والغموض الذي يلف مستقبل النموذج. الخروج من المؤشر المرجعي لبورصة باريس لا يقتصر على فقدان الوجاهة. فهو يقلص الحضور الدولي، ويحرم الشركة من جزء من الاستثمارات السلبية التي تنفذها الصناديق المرتبطة بالمؤشر، وقد يرفع في المدى البعيد تكلفة رأس المال. باختصار، هي إشارة إلى أزمة ثقة، أكثر منها حكماً نهائياً على جدوى المجموعة. لماذا يشكك المستثمرون؟ غيّر صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي قواعد اللعبة. فبالنسبة لجزء من السوق، تهدد المحادثات الآلية والمساعدات الافتراضية وأدوات الأتمتة الأخرى مباشرة حجم الاتصالات التي شكلت تاريخياً مصدر قوة تيليبرفورمانس. وإذا كان بالإمكان إسناد بعض المهام البسيطة للتقنية، فإن جوهر النموذج أي إدارة المكالمات والدردشات والرسائل الإلكترونية بالوكالة يبدو مهدداً بالاهتزاز. ويضاف إلى ذلك مرحلة انتقالية معقدة. فمن خلال سلسلة من الاستحواذات، أبرزها على Senture وMajorel، سعت المجموعة إلى تنويع خدماتها نحو القطاع العام والعلاقة متعددة القنوات مع العملاء ومراقبة المحتوى. غير أن دمج هذه الأنشطة يستغرق وقتاً ويثير الكثير من الشكوك. كما تواجه الشركة سياقاً اجتماعياً وسمعة حساسة، تغذيه انتقادات متكررة بشأن بعض المهام الدقيقة، إضافة إلى توترات حول ظروف العمل. عوامل تزيد من الضغوط على صورتها وقيمتها في السوق. من النجاح إلى الانعطاف التاريخ القريب يعكس هذا التباين. ففي عام 2020، عند دخولها مؤشر كاك 40، كانت تيليبرفورمانس تحقق رقم معاملات يبلغ 5 مليارات يورو، مع نمو عضوي متوسط قدره 9% سنوياً، ورأسمال سوقي قدره 12 مليار يورو. وفي 2025، غيرت اسمها إلى «TP» وكشفت عن خطة استراتيجية تركز على دمج الذكاء الاصطناعي وأتمتة عملياتها. هذا التحول يقوم على استثمارات تبلغ 600 مليون يورو خلال ثلاث سنوات، بهدف رفع الشركة إلى مستوى خدمات ذات قيمة مضافة أعلى، واستعادة نمو عضوي يتراوح بين 4 و6% سنوياً ابتداءً من 2028. الذكاء الاصطناعي: تهديد أم فرصة؟ المسألة لا تتعلق بما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيقضي على تيليبرفورمانس، بل بالسرعة التي ستتمكن بها من دمجه في عروضها. وهنا، يرى المستثمرون واقعين متوازيين. من جهة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤتمت جزءاً من التفاعلات الأساسية مثل الردود الموحدة، توجيه الاتصالات، أو معالجة الطلبات البسيطة مما يقلل من بعض أحجام الخدمات المُسندة. ومن جهة أخرى، عندما يُستخدم كأداة تعزيز، يمكنه أن يحسن الإنتاجية، ويُثري تجربة العميل، ويفتح الباب أمام خدمات جديدة مثل الكشف عن الاحتيال أو التحليل التنبؤي. هذا هو الرهان الذي اختارته «TP» عبر إعادة تشكيل نموذجها، وتوحيد منصاتها، وتقديم الذكاء الاصطناعي كخدمة مباشرة لكبريات الشركات العميلة. مؤشرات يجب مراقبتها وتحول يحتاج لإثبات لفهم مدى نجاح تحول «TP»، ثمة مؤشرات أساسية ينبغي مراقبتها. * مزيج الأنشطة بين الخدمات البسيطة والمهام المعقدة الأكثر صموداً سيكون حاسماً. * وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي داخل الشركة وعند عملائها لا تقل أهمية. * الهوامش والتدفقات النقدية يفترض أن تعكس مكاسب الإنتاجية الموعودة. * وأخيراً، يبقى الاندماج الناجح ل Senture وMajorel شرطاً لتوسيع نطاق المجموعة خارج مركز الاتصال التقليدي. اختبار للثقة تخرج تيليبرفورمانس من مؤشر كاك 40 في لحظة يعاد فيها رسم خريطة السوق بفعل الذكاء الاصطناعي. لكنها، بدلاً من الركود، شرعت في تحول عميق: اسم جديد، خطة استراتيجية، استثمارات ضخمة وأهداف للنمو متوسط الأمد. المستقبل وحده سيكشف إن كانت هذه الخيارات كافية لاستعادة ثقة الأسواق. لكن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يُنظر إليه كتهديد فقط، بل كمعيار للمصداقية. فمن ينجح في دمجه بسرعة وفاعلية سيكون هو المستفيد الأكبر من قيمة الغد. تعليقات