يبرز الاقتصاد الأزرق كمفهوم واعد في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث يقدم نهجا مستداما لاستغلال الموارد البحرية والساحلية. وفي تونس، يكتسب هذا المجال زخما مهما، مما يوفر سبلا جديدة للتنمية الاقتصادية مع الحفاظ على النظم الإيكولوجية البحرية الهشة. في هذه الإطار، يتعين استكشاف مفهوم الاقتصاد الأزرق بصفة محددة، ونطاقه، والتجارب المتصلة به دوليا واقليميا، والمزايا والتحديات التي يمثلها لتونس. في ختام الدورة الثامنة من المنتدى الدولي للبحر المنعقد ببنزرت يومي 11 و12 سبتمبر 2025، تحت شعار "من نيس إلى بنزرت"، أوصى المشاركون في هذا المنتدى، وفق بيان ختامي أصدروه، بضرورة "الترويج لإنشاء منطقة حرة لمعالجة البلاستيك في بنزرت، لجعل المدينة قطبًا متوسطيًا للاقتصاد الدائري". وقد شمل ما أطلق عليه "إعلان بنزرت"، عزم المشاركين على "التحرك بشكل عاجل وطموح لحماية هذا الإرث المشترك واستعادته وجعل هذا المنتدى محفزاً للحلول الملموسة لمكافحة التلوث البلاستيكي والتحرك بجرأة وطموح استناداً إلى 'الميثاق المتوسطي الأوروبي' وتنفيذًا التزامات الاتحاد الأوروبي بشكل ملموس". ودعا المشاركون أيضا، إلى تطوير اقتصاد أزرق مستدام ومرن عبر الترويج لممارسات صيد مستدامة ومكافحة الصيد غير المشروع وتقليص جميع أشكال التلوث من المصدر، وأبرزوا أنه من بين الحلول الممكنة دعم الاقتصاد الدائري والإدارة المتكاملة للنفايات وتسريع الانتقال نحو الطاقات المتجددة البحرية والاستثمار في حماية واستعادة النظم البيئية، بهدف الوصول إلى 30 بالمائة من المناطق البحرية المحمية بحلول 2030. وللتذكير فقد انعقدت الدورة الثامنة للمنتدى العالمي للاقتصاد الازرق في ولاية بنزرت تحت شعار "من نيس إلى بنزرت، الوضع الراهن للبحر المتوسط" ،وذلك بتنظيم من جمعية الموسم الازرق وبقية شركائها من مصالح تونسية محلية ومركزية وايضا خارجية وهو يعد مناسبة هامة لتبادل التجارب والآراء ورسم استراتيجية مشتركة لجعل منطقة البحر المتوسط أكثر استدامة . عموما، يمتد في تونس نطاق الاقتصاد الأزرق على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط بأكمله، مما يوفر فرصا في مختلف القطاعات مثل مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة الساحلية والحفاظ على البيئة البحرية. وترمي مبادرات التنمية المستدامة، في هذا الاتجاه، إلى الاستخدام الأمثل للموارد البحرية مع الحفاظ على التنوع البيولوجي ومكافحة التلوث البحري. هذا ويمثل الاقتصاد الأزرق 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لبلاد ويوفر إمكانات كبيرة للتنمية. ومن شأنه أن ينوع الاقتصاد، ويخلق فرص عمل مستدامة، ويحسن القدرة على التكيف مع تغير المناخ. وتعمل سلط الاشراف في هذا المجال على تبني استراتيجية وطنية للاقتصاد الأزرق، بدعم من البنك الدولي. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات أمام الاقتصاد الأزرق في تونس. ويشكل الصيد المفرط والتلوث البحري وتغير المناخ تهديدات للنظم الإيكولوجية البحرية، مما يتطلب إدارة فعالة وتنظيما مناسبا لمجابهة هذه التحديات. تعليقات