فصل جديد يُفتح في توازنات الشرق الأوسط الاستراتيجية. فقد قررت باكستان توسيع «مظلّتها النووية» لتشمل المملكة العربية السعودية، إثر توقيع اتفاق للدفاع المشترك في الرياض قبل أيام. تأتي هذه الخطوة في مناخ إقليمي متوتر، تزامن مع الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قياديين من حركة حماس في قطر المجاور، وهو حدث هزّ عروش دول الخليج التي اعتادت طويلاً على الاحتماء بالمظلّة الأمريكية. المعلومة أكّدها علي شهابي، المحلل المعروف بقربه من دوائر القرار في الرياض. وأوضح أن الاتفاق كان قيد الإعداد منذ سنوات، مشدداً على أن «الشق النووي جزء لا يتجزأ من هذا الاتفاق، و باكستان تتذكر جيداً أن المملكة موّلت بشكل واسع برنامجها النووي وساندتها عندما كانت تحت طائلة العقوبات». و برأي شهابي، فإن هذا التطور لا يهدد التوازنات الإقليمية: «الهند ستتفهم الاحتياجات الأمنية للمملكة العربية السعودية، التي تربطها بها علاقات ممتازة». الموقف الباكستاني أكده أيضاً وزير الدفاع خواجة آصف، الذي صرّح مؤخراً لقناة محلية بأن البرنامج النووي لبلاده سيكون «موضوعاً تحت تصرّف السعودية عند الحاجة». هذه التصريحات تأتي لتذكّر بعمق الروابط بين إسلام آباد والرياض، حيث يعيش ويعمل أكثر من 2,5 مليون باكستاني، وحيث شكلت السعودية لفترة طويلة سنداً أساسياً لاقتصاد باكستان الهش. الاتفاق يأتي أيضاً على خلفية الصراع الدموي الذي اندلع في ماي الماضي بين الهندوباكستان، وأدى إلى سقوط أكثر من 70 قتيلاً من الجانبين. حينها لعبت السعودية دوراً محورياً في التهدئة. كما أن المملكة، التي تُعدّ ثالث أكبر مزوّد للهند بالنفط، تبقى شريكاً طاقياً لا غنى عنه لاقتصادها الذي يعتمد بشكل كبير على واردات الخام. كل ذلك يبرز أن قرار الرياض الاحتماء بالمظلّة النووية الباكستانية سيتطلب دبلوماسية دقيقة، توازن بين علاقاتها مع كل من إسلام آباد ونيودلهي. و في هذا المشهد المتقلب من التحالفات، يشكل الاتفاق بين السعودية وباكستان محطة مفصلية. بالنسبة للرياض، يتعلق الأمر بضمان أمنها في منطقة مضطربة تكثر فيها التهديدات. أما بالنسبة لإسلام آباد، فهو وسيلة لترسيخ تحالف قديم واستراتيجي، بالاستناد إلى الدعم التاريخي الذي قدمته المملكة لبرنامجها النووي. لكن ما يتجاوز التصريحات الرسمية هو ما يكشفه الاتفاق في العمق: تحوّل جوهري في الخليج الذي، في ظل تراجع اليقين بالحماية الأمريكية، يختار تنويع ضماناته الأمنية عبر التوجّه نحو قوى أخرى. تعليقات