عادت العقوبات الأممية ضد إيران رسميًا. ففي مساء السبت 27 سبتمبر عند الساعة الثامنة بتوقيت نيويورك (الأحد 00:00 بتوقيت غرينيتش)، أعطى مجلس الأمن الضوء الأخضر لإعادة العمل بالإجراءات التي كانت معلّقة منذ 2015، بعد فشل المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني. يمثل هذا القرار منعطفًا مهمًا : فبعد عشر سنوات من رفعها، تشمل العقوبات حظرًا على الأسلحة و قيودًا اقتصادية. و مع ذلك، يؤكد كل من الولاياتالمتحدة و الأوروبيين على ضرورة الإبقاء على مسار الحوار. و قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: «ندعو طهران إلى قبول محادثات مباشرة و بحسن نية»، مطالبًا جميع الدول بتطبيق العقوبات «فورًا» لزيادة الضغط. دبلوماسية معلّقة أعاد كل من المملكة المتحدة و فرنسا و ألمانيا (مجموعة E3) التأكيد على رغبتهم في إيجاد «حل دبلوماسي جديد» يضمن أن إيران لن تمتلك السلاح النووي أبدًا. لكن العواصم الثلاث طالبت طهران ب«الامتناع عن أي خطوة تصعيدية». و وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تقوم إيران حاليًا بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 %، أي أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 3,67 % الذي نص عليه الاتفاق النووي (JCPOA) الموقع عام 2015. و مع امتلاكها نحو 440 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بهذا المستوى، فإن طهران تملك ما يكفي لإنتاج ما بين ثماني إلى عشر قنابل نووية إذا ما تم الوصول إلى نسبة 90 %، بحسب تقديرات خبراء أوروبيين. من جانبه، ندد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بالمطالب الأمريكية، مؤكدًا أن واشنطن طلبت من طهران تسليم «كل» مخزونها من اليورانيوم المخصب مقابل تأجيل العقوبات لثلاثة أشهر. و قال: «هذا غير مقبول»، متهمًا الولاياتالمتحدة بمحاولة تأجيل المشكلة من دون تقديم حل حقيقي. أثر اقتصادي فوري و قبل دخول العقوبات حيّز التنفيذ، استدعت إيران سفراءها من فرنسا و المملكة المتحدة و ألمانيا. و على الأرض، بدأ المواطنون يشعرون بالفعل بآثار القرار. فقد بلغ سعر الدولار، السبت، مستوى قياسيًا بلغ 1,12 مليون ريال في السوق السوداء. و في البازار الكبير بطهران، اندفع السكان لشراء الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا أمام انهيار العملة المحلية. و قال داريوش، و هو مهندس يبلغ من العمر 50 عامًا لوكالة الأنباء الفرنسية : «الوضع الاقتصادي كان صعبًا جدًا بالفعل، لكنه سيتدهور أكثر». و يخشى كثيرون من اندلاع حرب جديدة، في إشارة إلى الضربات الأمريكية و الإسرائيلية ضد إيران في جوان الماضي. شروط غير مستوفاة يرى الأوروبيون أن استئناف المفاوضات يتطلب ثلاثة شروط : العودة إلى الحوار المباشر مع الولاياتالمتحدة، منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولًا كاملًا إلى مواقع نطنز و فوردو و أصفهان النووية – التي سبق أن تعرضت للقصف – و تقديم ضمانات بشأن تأمين مخزون اليورانيوم المخصّب. و بحسبهم، فإن طهران لم تقدم «أي بادرة ملموسة» في هذا الاتجاه. و حاولت روسيا و الصين، يوم الجمعة، تمديد العمل بالاتفاق النووي لستة أشهر إضافية لإتاحة المزيد من الوقت أمام الدبلوماسية، لكن دون جدوى. و تتهم موسكو الغربيين ب«تخريب» المحادثات، واصفة قرار إعادة العقوبات بأنه «غير قانوني» و «غير قابل للتطبيق». اتفاق هش منذ 2018 الاتفاق النووي (JCPOA) الذي وُقّع عام 2015 بين إيران و الولاياتالمتحدة و فرنسا و المملكة المتحدة و ألمانيا و روسيا و الصين، كان يحدد سقفًا لتخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الدولية. غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر في 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق، معيدًا فرض عقوبات أحادية الجانب. و منذ ذلك الحين، أعادت طهران تنشيط برنامجها النووي تدريجيًا، مبتعدة عن التزاماتها الأصلية. و خلال خطابه في الأممالمتحدة هذا الأسبوع، كرّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده «لم تسعَ يومًا و لن تسعى أبدًا لصنع قنبلة نووية»، مؤكدًا حق إيران في تطوير الطاقة النووية المدنية لإنتاج الكهرباء. تعليقات