تعدّ تونس من أُولَى الدُّول العربية التي أرست منظومة للضمان الاجتماعي تغطي جل مخاطر الحياة الواردة باتفاقية العمل الدولية عدد 102 لسنة 1952 والتي حددت المعايير الدنيا الواجب توفرها في أي منظومة للضمان الاجتماعي. وتسدي هذه المنظومة في تونس خدمات لفائدة منظوريها ضمن ثمان فروع ومنافع لحماية المنخرطين وذوي الحقّ منهم تحميهم من الأخطار الاجتماعية المحتملة وقوعها خلال الحياة المهنية من جملة التسع منافع المنصوص عليها بالاتفاقية. بلغت نسبة التونسيين الذي يتمتّعون بالتغطية الاجتماعية 64.6% وفق المسح السكاني لسنة 2025، حيث بلغت نسبة التغطية بالوسط الحضري 70.7% وبالوسط الريفي 63.5% . وأظهرت نتائج الاحصاء أن 80.5% من التونسيين يتمتعون بالتغطية الصحية، فيما يظل 19% من التونسيين غير مشمولين بالتغطية الصحية. ويستحوذ الصندوق الوطني للتأمين على المرض على 60.6% من اجمالي المضمونين، فيما يتمتع 18% من التونسيين بالتغطية الصحية من خلال برنامج الامان الاجتماعي حيث يمتلك 11.1% بطاقة علاج بتعريفة منخفضة و6.9% بطاقة العلاج المجاني، أما 2.4% من التونسيين فيتمتعون بالتغطية الصحية من خلال الصناديق التعاونية والاليات أخرى. وشكّل التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024 الذي تم الاعلان عن ننتائجه المحورية يوم امس الاثنين 29 سبتمبر الجاري، وفق المعهد الوطني للإحصاء، محطّة فارقة في مسار العمل الإحصائي الوطني، فقد تجاوز التعداد دوره التقليدي في جمع البيانات ليصبح أداة استراتيجية لتصميم السياسات العمومية على أسس علمية دقيقة. وقد كشفت النتائج عن جملة من المؤشرات البارزة، أهمها بلوغ عدد السكان في تونس 11972169 نسمة، أي بمعدل نمو سنوي يقدّر ب 0,87%، مما يعكس التحولات الديمغرافية العميقة التي يعرفها المجتمع التونسي فيما ارتفعت نسبة كبار السن إلى 16,9% سنة 2024 مقابل 11,7% سنة 2014، في دلالة على انتقال ديمغرافي متسارع. وتراجعت نسبة الفئة النشيطة إلى 60,3% بعد أن كانت 64,5% بينما بلغت نسبة البطالة الوطنية 16,4% خلال الثلاثي الرابع من سنة 2024، مع تسجيل 16,8% بطالة في صفوف خرّيجي التعليم العالي، وبلوغ النسبة 29,9% لدى الشباب (15-34 سنة) . يشار الى ان تونس تعتمد في تصرفها في قطاع الضمان الاجتماعي على النظام التوزيعي والمساهماتي، القائم أساسا على مبدأ التكافل بين الأجيال على مستوى التمويل والخدمات، وتعد مساهمات الأجراء والمؤجرين في أنظمة التقاعد التونسية حجر الزاوية في مصادر تمويلها مما جعلها تتأثر وبصفة مباشرة بالمتغيرات على مستوى سوق الشغل والتركيبة الديمغرافية للطبقة النشيطة. كما تشمل هذه المنظومة المساهماتية أيضا اليد العاملة التونسية المتواجدة بالخارج سواء المقيمة في البلدان التي تربطها بتونس اتفاقيات تعاون أو العاملين في إطار عقود تعاون فني. وتحرص وزارة الشؤون الاجتماعية على حماية حقوق العاملين من أبناء تونس خارج أرض الوطن من خلال إبرام اتفاقيات ثنائية في مجال الضمان الاجتماعي مع بلدان تشهد نسبة مهمة من التونسيين العاملين. تعليقات