أي حظ للإذاعات الجهوية في المهرجان..؟ تونس الصباح: الآن وقد تم تكريس مهرجان الاذاعة التونسية كتقليد سنوي يتم خلاله الاحتفال بهذا الهيكل الاعلامي السمعي.. وبعد تجربة اولى كسبت رهان الحضور الكبير وأن تكون «حدثا» بارزا لابدّ من الوقوف بكل هدوء وبعيدا عن حمّى (الجوائز) والتعاليق والتأويلات أمام هذه التجربة الاولى في مسيرة الاذاعة التونسية بعد القرار الرئاسي الرائد بالفصل بين الاذاعة كهيكل سمعي والتلفزيون كهيكل بصري. هل الاذاعة في حاجة الى مهرجان؟ يبدو هذا السؤال منذ الوهلة الاولى غريبا.. لكن إذا اقتربنا أكثر من المشهد الاتصالي اليوم وما يعيشه من تطوّرات تكنولوجية وتطوّرات تقنية تفرض مثل هذا المهرجان الذي عليه البحث في كل السبل الكفيلة بإستغلال وتوظيف كل هذه التقنيات لفائدة مستمع واع ومسؤول ومقبل بحبّ على الاستماع الى الاذاعة. ولاشك في ان الندوة الدولية «إعادة ابتكار الاذاعة» لقد لامست عن كثب كل هذه التطورات وكشفت الطريق الصحيح حتى تبقى الاذاعة رافدا إعلاميا أساسيا وضروريا وهاما في عصرنا الحالي.. لذا فإن الاذاعة في حاجة أكيدة الى مهرجان سنوي مواكبة لهذه التطورات على اعتبار ان الاذاعة جزء هام من كل ثورة تكنولوجية وعلى المشرفين والمسؤولين والمسيرين حسن توظيف واستغلال هذه الثورة. الاذاعة التونسية تجربة هامة.. لكن جاءت المبادرة الأولى لتنظيم اول مهرجان سنوي للإذاعة التونسية.. وكان الترحيب كبيرا بهذه الخطوة الهامة التي من شأنها ان «تنصف» الاذاعة وتؤكد على أهميتها في المشهد الاتصالي المعولم ان صحّ التعبير.. واجتهدت إدارة مؤسسة الاذاعة التونسية في محطات هذه التظاهرة الاولى من خلال فتح المجال أمام المسابقات لأبرز الانتاجات الاذاعية وإقامة معرض توثيقي يؤرخ لمسيرة الاذاعة وإصدار كتاب متميّز يروي بالكلمة والصورة هذه المسيرة.. وإقامة حفل فني نفذته الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية تخلله تتويج المتميزين.. كلها مبادرات تصّب في خانة إيجابيات هذه الدورة لكن هناك عديد المعطيات التي أرى أنها من المسائل التي لا مجال للتغاضي عنها وضرورة التفكير فيها بشكل كبير. مسابقة اختيار أفضل منشط وأفضل معلق رياضي هناك حقائق ثابتة لابد من أخذها بعين الاعتبار حتى لا يبقى التتويج في هذه المسابقة حكرا على الاذاعة الوطنية وإذاعة الشباب بحكم حجم البث الذي يغطي كامل تراب الجمهورية.. في الوقت الذي تقدم فيه عديد الاذاعات الجهوية برامج تنشيطية مباشرة لأصوات وكفاءات متميّزة غير ان عائق مساحة البث يقف حائلا وحاجزا دون بلوغ هذه الأصوات الى كل المستمعين في كامل تراب البلاد. .. قد يكون للإعتبارات التقنية دور في ذلك.. لكن هذا لا يمنع من التفكير في صيغة جديدة لهذه المسابقة تفاديا ل «حيف» مفروض على منشطين ومذيعين ومعلقين مشكلهم الوحيد أن ابتكاراتهم وانتاجاتهم الاذاعية رغم قيمتها وثراء مضمونها وتنوعه لا تصل الى مداها الكبير وتجعل منها منافسا عتيدا ونديّا لما تقدمه الاذاعة الوطنية وإذاعة الشباب وRTCI بدرجة اولى. الارساليات القصيرة هل هي الحل؟ أعود مرة اخرى الى مسألة الارساليات القصيرة ومدى جدواها في تتويج هذا ومنح الريادة لذاك.. وأعتقد أنه لابّد من إعادة النظر في هذا الأمر على اعتبار أنه بالامكان مثلا تشريك الجمهور في عملية الإختيار بنسبة مائوية معينة الى جانب تشريك أهل الاختصاص في المسابقة وان يتم تحديد قائمة يتم بمقتضاها اختيار الأفضل تفاديا لكل التأويلات التي من شأنها ان تضع هذه المسابقات محلّ شكّ وتفقدها «مصداقيتها». أين الرواد؟ سؤال طرح نفسه بإلحاح في الدورة الأولى لمهرجان الاذاعة التونسية وقد تكون هيئة المهرجان اكتشفت ذلك.. أين الرواد؟... فبإستثناء السادة البشير رجب.. والمكي كربول وعبد العزيز العبيدي والحبيب اللمسي لم نلحظ وجود أسماء رائدة في المجال الاذاعي: ولا ندري سبب ذلك هل هو تناس؟ أم اعتذار من هؤلاء: كنا نود لقاء زحمد العموري وعادل يوسف والطاهر مبارك والمختار بكور وأحمد العش ونجوى إكرام.. وكنا نروم اللقاء بفاطمة البحري ودلندة عبدو ومحمد بن خليفة وعزوز السوسي واسماعيل التريكي ورؤوف بن علي ومحمد ادريس (الموسيقى باذاعة صفاقس) وإبراهيم المحواشي ومفيدة زهاق وبوراوي بن عبد العزيز.. والقائمة في هذا المجال طويلة.. وكان بالامكان الاحتفاء بهؤلاء الرواد بتكريمهم واللقاء بهم في حلقات حوار للذكرى مع الاذاعة التونسية.. لقاء مع الاذاعات الجهوية تزخر الاذاعات الجهوية بعديد الكفاءات في مجال الابتكار والانتاج والتنشيط ويبدو ان التفكير مستقبلا في تنظيم يوم للإذاعات الجهوية للتعريف بهذه الأنشطة والالتقاء ببعض المنشطين من الايجابيات التي يمكن التفكير فيها بجدية في قادم دورات هذا المهرجان.. وهو أمر ليس بعزيز على ذوي النفوس الصادقة وكل عام والاذاعة التونسية بخير.