الضحيّة تفطّن للسارق وعندما حاول القبض عليه ركله فسقط قتيلا قفصة- الاسبوعي: المكان القطار رقم 88 / 5 الرابط بين محطة الارتال بقفصة والمحطة المركزية بالعاصمة .. الزمان فجر أحد أيام الاسبوع الفارط.. الحادثة جريمة قتل أو اعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه الموت - حسب ما ستقرره دائرة الاتهام بناء على ما ستنتجه الابحاث الأمنية والقضائية - راح ضحيتها شاب في الثالثة والعشرين من عمره يدعى محمّد لزهر ولكن ما هي ملابسات هذه الجريمة؟ وما هي أسباب وقوعها والظروف التي حامت حولها؟ كل هذه التساؤلات وغيرها حملناها وتحولنا الى مسقط رأس الضحية.. ألم في حي السرور هناك في حي السرور بقفصة الجنوبية صمت الجميع فحولوا «سرور» هذا الحي الى ألم وحزن وأسى «كيف لا نبكي فراق لزهر الشاب الطيب؟ تساءل أحد أصدقاء القتيل قبل أن يضيف: لقد كان شعلة من الحيوية.. كان رغم الوضعية الاجتماعية القاسية لعائلته المتركبة من عشرة أفراد تقريبا يجاهد ليعيلهم بما أمكن له الحصول عليه.. كان يتابع دروسا في التكوين المهني وفي العطل يعمل في ورشات الميكانيك أو في حضائر البناء حتى يخفف من وطأة الخصاصة التي تعاني منها أسرته الوفيرة العدد ولكن ها أن بحثه عن القوت هذه المرة قاده الى الموت». في بيت متواضع تقطن عائلة محمد لزهر (من مواليد 14 أكتوبر 1985 ) في احدى زواياه التي ضاقت بالمواسين تحدثنا الى والد الضحية ثم الى والدته التي كانت ترثي بين الحين والآخر رحيل فلذة كبدها ليتصاعد بكاء عدد من النسوة في مشهد مؤلم جدا يدل على حجم المأساة التي حلت بهذه العائلة وبمتساكني الحي عامة. يقول الأب الملتاع بعد أن تقبّل التعازي في ابنه من أحد المعزين: ماذا سأروي؟ ماذا سأسرد لكم من تاريخ قريب مظلم أسود كسواد الليل؟ إنني كما هؤلاء جميعا (يقصد المحيطين به من أهل الضحية وأصدقائه وجيرانه) لم نصدق بعد ما حصل فلزهر غادرنا ليتوجه الى احدى المناطق الساحلية بحثا عن لقمة العيش وبعد ساعات قليلة جاءنا خبر وفاته في ظروف مسترابة». أطوار الجريمة واضاف الوالد: في حدود الساعة العاشرة مساء من إحدى الليالي الفارطة استقل ابني القطار رفقة اثنين أو ثلاثة أنفار من أبناء الجهة باتجاه مدينة ساحلية بحثا عن موطن شغل خلال العطلة الصيفية.. في الاثناء خلد ابني للنوم وحسب ما يُردد فإن أحد المسافرين الذين رافقوه في هذه السفرة استغل نوم محمد لزهر ليستولي على هاتفه المحمول ولكن عندما استيقظ فلذة كبدي وتفطن للسرقة أراد معرفة الفاعل فأنكر الجميع الفعلة لذلك تسلم هاتف أحد مرافقيه وآتصل برقمه فرنّ الجهاز الذي تبين أنه بحوزة أحدهم فاستشاط ابني غضبا وحاول الارتماء فوق هذا اللص (حتى وإن ثبت أنه يمزح) لاسترجاع هاتفه غير أن المتهم ركله في صدره فسقط وسط القطار وظن الجميع أنّ لزهر أغمي عليه فحاول بعض المسافرين اسعافه وأشعروا مراقب القطار ولكن.. بوصول القطار الى سوسة نقل ابني الى مستشفى فرحات حشاد فتبين أنه ميت. قتل من أجل بورطابل اما والدة الضحية فأفادتنا أن كل أفراد العائلة بما فيهم الاب عاطلون عن العمل وكان لزهر الوحيد تقريبا الذي يحاول التعويل على ذاته لبناء مستقبله ومساعدة الاسرة إذ كان يدرس في مدرسة للتكوين المهني وبالتوازي مع ذلك يعمل من حين لآخر «ولكن ها أنه قتل من أجل هاتف محمول لا يتجاوز ثمنه 20 دينارا ونحن نطالب بكشف حقيقة مقتله ومقاضاة من ستثبت إدانته». يذكر أن القطار رقم 88 / 5 ينطلق في حدود الساعة العاشرة ليلا من قفصة باتجاه صفاقس (الواحدة صباحا) وسوسة (الثالثة صباحا ) وتونس العاصمة (05.07 صباحا). أيمن. م