تونس - الصباح: احتضن مقر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أمس منتدى للحوار مع الشبان المهندسين انتهى بتقديم العديد من المقترحات وإثارة الكثير من الإشكاليات التي يواجهها المهندسون الشبان ولعل أهمها هي شرط الأقدمية والخبرة عند الانتداب إضافة إلى ظاهرة الوساطة والأكتاف وكذلك التمييز ضد المرأة المهندسة في سوق الشغل.. وطالبوا بتبسيط الإجراءات الإدارية لتشجيع الشبان على بعث مشاريع خاصة.. وشهد هذا اللقاء الذي أداره السيد الصادق شعبان رئيس اللجنة الوطنية للحوار مع الشباب والسيدة سميرة خياش بلحاج وزيرة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية حضور عدد غفير من المهندسين الشبان. في لقاء أجرته «الصباح» مع عدد من المهندسين استمعت إلى كثير من المشاغل الخاصة بحاملي هذه الشهادات ولعل أهمها تلك التي تتعلق بصعوبة الإندماج في الحياة المهنية نظرا لأن جل المؤسسات التي ترغب في انتداب المهندس تشترط الخبرة والأقدمية وهو أمر لا يمكن للشاب المتخرج الجديد الاستجابة إليه.. وكشفت المهندسة ضحى أن البداية عادة ما تكون صعبة وعسيرة في أي ميدان كان.. وعبرت محدثتنا عن أملها في النجاح وقالت إنها تعرف أن ذلك لن يتحقق إلا بالعمل والصبر والاجتهاد المستمر. ودعت الشبان إلى السعي بأنفسهم للبحث عن موطن شغل وبينت أن رئيس عمادة المهندسين المعماريين يستمع إلى مشاغل المهندسين الشبان ومشاكلهم وهو أمر استحسنته كثيرا ودعت الشاب المهندس إلى الانخراط في الجمعيات والقيام بأعمال تطوعية.. وبينت أن انخراطها في جمعية صيانة مدينة نابل أفادها كثيرا. وفي حديث معه ذكر الشاب محمد دغفوس وهو مهندس في الإعلامية أنه بعد التخرج لم يكن يعتقد أنه سيواجه صعوبات في الإندماج في الحياة المهنية فالاختصاص يوحي بأن سوق الشغل مفتوح على مصراعيه لكنه أمضى سنة كاملة عاطلا عن العمل وبعد ذلك سنحت له الظروف بالانضمام إلى مؤسسة خاصة واشتغل في مجال إصلاح معداتها الإعلامية ثم التحق بوزارة التجهيز والإسكان حيث ظفر أخيرا بموطن شغل وتم ترسيمه فيه. وتذهب المهندسة الفلاحية مبروكة حفصي المتخرجة منذ سنة خلت أنها وجدت صعوبات كبيرة في الاندماج في الحياة المهنية وهو أمر لم يشملها هي فقط بل ينسحب على جل زملائها في نفس الاختصاص.. وقالت: إن ما يحير الشاب المهندس هو أن المؤسسات التي تعلن عن نية انتداب المهندس تشترط الأقدمية في المهنة.. فمن أين له باكتساب الأقدمية وأبواب مواطن شغل موصدة أمامه؟ وقالت المهندسة الفلاحية انتصار رحيمي إن هناك صعوبة في الحصول على موافقة المؤسسة لإجراء تربص للإعداد للحياة المهنية كما أن الإندماج في سوق الشغل دون خبرة أمر صعب المنال. وأثارت المهندسة مشكلة التمييز ضد المرأة المهندسة الفلاحية بدعوى أنها غير قادرة على إدارة مشاريع فلاحية وكأن هذه المهنة حكرا على الرجال.. وطالبت الجامعة التونسية بتكثيف الدروس التطبيقية لطلبة الهندسة لأنها تجعلهم يمتلكون الخبرة. وقال المهندس الفلاحي الشاب فريد بوعاني إنه يحب تونس من الأعماق وإنه تخرج عام 2007 وهو يعمل الآن بصفة متعاقد ويشعر بالتفاؤل وبين أنه لا يتصور أن يكون هناك مهندس يواجه مشاكل ولا يجد موطن شغل.. فعليه البحث عن شغل وفرض نفسه بنفسه.. واستدرك قائلا إن فرص الشغل في القطاع العمومي قليلة جدا. منبر حوار خلال منبر الحوار مع الشاب المهندس تداول على المصدح عدد كبير منهم وأشار مهندس معماري إلى أن الوطن مدعو إلى حل مشاكل الشاب واحتضانه لكي يحس هذا الأخير بالوطنية. وطالب بتكثيف فرص التشغيل والإدماج المهني للشبان المهندسين.. ودعا نسيم غرسلاوي وهو مهندس معماري إلى توزيع الثروات الوطنية بصفة عادلة وقال يجب أن لا تكون هذه الثروات حكرا على فئة معينة دون أخرى ولاحظ أن المشاريع الهندسية على سبيل المثال هي الآن حكرا على المهندسين الكبار ودعا الإدارة للتوزيع العادل للمشاريع. وبينت أميرة وهي مهندسة فلاحية عاطلة عن العمل أن المرأة المهندسة الفلاحية تواجه مشكلة التمييز في مواطن الشغل وكثيرا ما يتهمونها بعدم الجدارة. وقالت: نشاهد في تونس هكتارات من الأراضي القاحلة وغير المستغلة ولكننا نحن المهندسون الفلاحيون عاطلون عن العمل وقابعون في المنازل.. فنحن بإمكاننا أن نحييها ونحن جادون في ما نقول.. وقالت إيمان مهندسة في البيولوجيا الصناعية إن الشباب يدركون أن المستقبل بأيديهم لكن هناك إشكال يتمثل في وجود عراقيل أمام المتخرجين منهم وهو ما يحبطهم فأغلبهم يرغبون في الظفر بموطن شغل بالقطاع الحكومي أو لدى الخواص ولكنهم لا يحبذون بعث مشاريع خاصة.. وقالت إنها تعتزم احداث مشروعها الخاص والبحث عن موطن شغل لها بنفسها وإيجاد مواطن شغل أخرى لغيرها من خريجي الجامعة. وبين المهندس وجدي وهو مختص في الطاقة أن مسألة الطاقة تعد مشغلا وطنيا كبيرا لكن انتداب حاملي هذا الاختصاص يتطلب خبرة قدرها ثلاث سنوات أو سنتين ودعا لتمكين الشاب الذي يدرس الهندسة من إجراء تربص خلال الدراسة يمكنه من كسب الخبرة التي يطلبها أصحاب المؤسسات. وقال خليفة وهو مهندس معماري إن الشاب قادر على التميز والإضافة ودعا الجميع إلى إتاحة الفرصة للشاب للبروز. وقال محمد الوسلاتي مهندس مدني إنه ينوى بعث مؤسسة في اختصاص المقاولات واقترح تخصيص نسبة معينة من المشاريع للمهندسين الشبان وطالب بتبسيط الإجراءات الإدارية وقال إن أبسط وثيقة إدارية يتطلب استخراجها أسبوعين أو ثلاث وهذا فيه مضيعة للوقت. مطالب ومقترحات قالت مخططة مدن إنه لا بد من إدماج المخطط في مجال التهيئة الترابية نظرا لأن لديه فكرة متكاملة عن المجال الترابي خاصة وأنه أمضى ست سنوات في الجامعة.. وبينت سنية وهي أيضا مخططة مدن أن الشاب المهندس يجب أن يكون متميزا وتحدثت عن جدوى الاستفادة من اختصاص تخطيط المدن عند التهيئة العمارنية.. وقالت لطيفة شكري مهندس مدني إن الشاب المهندس مدعو إلى التأقلم مع الوضع وإلى التضحية والتنازل عن الرواتب من أجل اكتساب الخبرة.. وقال الشاب إبراهيم وهو مهندس في الالكتروميكانيك إن شقيقه كان متميزا في الهندسة وتابع دراسته في مرحلة الماجستير ولما تخرج قام بمساع متكررة للبحث عن شغل لكن دون جدوى فكلما قصد مؤسسة إلا ويواجه مشكلة توفر الخبرة. كما دعا إلى استجلاب أصحاب رؤوس الأموال من التونسيين المقيمين بالخارج ليساهموا في تشغيل الشباب. وقال مهندس آخر إنه لاحظ وجود الكثير من الشباب من محبي الرياضة الذي يهشم المنشئات الرياضية ويتناسى أن انجازها تطلب الكثير من التضحيات والأموال العمومية. واقترحت مهندسة شابة عاطلة عن العمل على المؤسسات إدماج المتخرجين في سوق الشغل حتى وإن كان ذلك دون مرتب قصد تمكينهم من اكتساب الخبرة.. وتساءلت مهندسة معمارية هل توجد برامج لتشغيل المهندسين الشبان في المشاريع العمرانية الكبرى التي ستقام في تونس؟ ودعا أحد المشاركين إلى بعث عمادة للخبراء في قيس الأراضي.. وقال المهندس المعماري مراد السلامي إنه يجب تغيير الخطاب الموجه للشباب ودعا المعماريين إلى توفير موروث عمراني وفني جميل للشباب حتى يكون هذا الأخير ذواقا.. وقال أحد المهندسين إنه يجب على المهندس أن يتذكر أولا أنه مهندس ولذلك عليه أن يتحرك وأن يبادر وأن يفكر وأن لا يقف مكتوف اليدين فعليه أن يبحث عن الحل بنفسه لمشاكله وأن لا يعول على الدولة.. وبين أن مشكلة الشباب في تونس وكذلك في عديد البلدان الأخرى هي بروز ظاهرة «الأكتاف».. و«المعارف» في التشغيل وقضاء الشؤون.. ودعا على تطويق هذه الظاهرة. وقال الشاب بشير وهو مهندس معماري إن المهندس التونسي الشاب يواجه الكثير من العراقيل فعادة ما يشترطون عليه عند القيام بمشروع أن يكون له مكتب كبير وهو أمر لا يستطيع الشاب المتخرج حديثا توفيره. حوار دون محرمات خلال منبر الحوار مع الشاب المهندس دعت السيدة سميرة خياش جميع الشباب المهندس إلى التعبير عن آرائهم بكل أريحية ودون محرمات.. وقال السيد الصادق شعبان إنه تم تنظيم أكثر من خمسة آلاف حوار مع الشباب وإن منتدى الحوار مع الشباب شهد مشاركة آلاف الشبان .. كما تكونت بمناسبة الحوار مع الشباب 250 مجموعة حرة للنقاش وقد أرسلوا تقاريرهم للجنة الحوار مع الشباب وبلغ عدد الأفكار التي قدمها الشباب عن طريق الانترنيت عن تونس 1300 فكرة وعن طريق الإرساليات القصيرة 7800 فكرة.. وقال إن البعض يعتقد أن الحوار مع الشباب هو حوار حول المشاكل والمشاغل ولهم الحق في ذلك إذ نجد 35 بالمائة من الشباب لهم مشاكل مثل الانقطاع عن الدراسة أو البطالة ولكن هناك آخرون تميزوا في حياتهم وتبلغ نسبتهم 30 بالمائة فهم أطباء ومهندسون وتقنيون وهم الذين سينهضون بالتنمية في البلاد ويجب أن يكون لهم التزام من أجل تونس.